..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

خيارات الثورة السورية بين التسليح والتدخل الخارجي

عماد الدين خيتي

٢٢ يناير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6188

خيارات الثورة السورية بين التسليح والتدخل الخارجي
mataleb.jpg

شـــــارك المادة

بعد عشرة شهور من الثورة السورية المباركة يظهر أنَّ الموقف السوري بات مقسومًا إلى قسمين:
النظام: وقد حسم أمره في محاربة الشعب، والإيغال في دمائه وأعراضه، وقطع كل خطٍ للرجعة أو مبادرةٍ للإصلاح قامت بها جهة ما للوساطة، ويساعده في ذلك أزلامه من السياسيين والعسكريين ومشايخ السلطة.
والشعب: وقد نفض عن نفسه غبار الخوف والجبن، وقدَّم التضحيات الكبيرة في ذلك، وقد حسم أمره في إسقاط النظام وآلته القمعية، لا سيَّما بعد التغييرات الجذرية التي أحدثتها الثورة فيه: فكريًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، ودينيًا، وحققت منجزات ضخمة على مختلف الأصعدة.
ومن الواضح: أنَّ استمرار الثورة بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن بطريقة المظاهرات السلمية فقط، والتضحيات الجسيمة، أصبح محل تساؤل عن جدواه، وظهرت مطالبات عديدة لتسليح الثورة، أو تدخل أطراف خارجية لدعمها.
والمطروح الآن على الساحة أمور:
أولاً: التدخل من الدول العربية:
لا جدال أنَّ العديد من الدول العربية في الوقت الحالي تعاني ضعفًا وتخلفًا وتسلطًا من حكامها على إرادة الشعوب، لكنها تبقى الامتداد الطبيعي للشعب السوري العربي المسلم، بالإضافة إلى وجود عدد من هذه الدول لديها الرغبة الصادقة في دعم الثورة بشكلٍ أو آخر.
والدعم الذي يمكن أن تقدمه هذه الدول: إعلامي، واقتصادي، وسياسي، وعسكري، وقد تفاوتت الدول العربية في تقديم الدعم بشقه المدني غير العسكري على مستوى الأنظمة؛ نظرًا لطبيعتها السياسية، وعدم قدرتها على الانفراد بالقرار، أما على مستوى الشعوب فقد قدَّمت الكثير، وما زال المتوقع منها أكثر من ذلك.
وأكثر الحديث الدائر عن التدخل العسكري، سواء بإرسال قوات إلى داخل سوريا، أو القيام بعمليات عسكرية منتقاة ضد كتائب الأسد، أو دعم الجيش الحر بالأسلحة.
فحكم الاستعانة بالجيوش العربية والإسلامية من الناحية الشرعية:
جائزٌ شرعًا بشكلٍ عام؛ لأنها من الاستعانة بالمسلم، وإن كانت العديد من هذه الدول فيها استبداد كبير، أو فساد متنوع، إلا أنَّ السِّمة العامة لشعوب هذه الدول ومجتمعاتها هو الإسلام، مما يتوقع أنه سينعكس على تصرفات جنودها، وكيفية تعاملهم مع الشعب السوري، ونظام الحكم، خاصة إذا تزامن ذلك مع الانفتاح الإعلامي، وضغط الشارع العربي على حكوماتها في ظل الثورات العربية المباركة.
التدخل العربي بين الواقع والمأمول:
ما سبق هو حديثٌ من ناحية نظرية مجردة تبعًا للحكم الشرعي، أما من الناحية التطبيقية: وخاصة بعد تجربة إرسال المراقبين العرب، وطبيعة أعضائها، وحقيقة ما يقومون به، وتصريحات العديد منهم التي لا تبشر بخير: يبدو أنَّ العديد من الأنظمة العربية تقف إلى جانب النظام السوري وإنهاء الثورة بطريقة ما، إما لأسباب طائفية، أو مصالح مشتركة، أو لطبيعتها الاستبدادية.
لذا فإن أي تدخل عسكري عربي يسير بالخطوات نفسها التي سارت بها لجنة المراقبين الحالية لن يكون في صالح الشعب السوري، بل سيكون امتدادًا لمسلسل المهل الدموية.
لذا يمكن اقتراح آليات متنوعة لضبط عمل التدخل العربي العسكري:
1_ في حال التدخل المباشر على الأرض:
أ_ أن يكون دخول هذه القوات بطريق مستقل عن النظام وإشرافه ومتابعته.
ب_ أن تقتصر القوات العربية المشاركة على الدول المحايدة أو الدول التي لا تدعم النظام السوري، أما الدول التي لها ارتباطات ومصالح ودعم للنظام فلا يمكن الاطمئنان لها: كالعراق، ولبنان، والجزائر، وغيرها.
ج_ أن يكون لهذه القوات هدف واضح ومحدد، ومدة زمنية متفق عليها، بحيث لا تتدخل في الإدارة المحلية للبلاد، أو تسليم المناطق لمن تريد، أو أن يستمر بقاؤها إلى مدة مجهولة، أو أي طريقة تمثل ضغطًا أو توجيهًا لأي حكومة قادمة.
د_ أن تقوم هذه القوات بحماية الشعب فعليًا سواءً بالإشراف على خروج قوات النظام وأسلحته من المدن والأحياء، أو الرد على انتهاكاته ضد الشعب.
هـ_ العمل والتنسيق مع التجمعات الشعبية بمختلف مكوناتها: الجيش الحر، اللجان الثورية على الأرض، وغيرها، وتسليمها زمام الأمور على الأرض بعد خروج قوات النظام.
2_ أو أن يقتصر العمل العسكري على تزويد الجيش الحر بالأسلحة دون أي تدخل على الأرض.
3¬_ أو بعض العمليات الجوية المحدودة بالتنسيق والكيفية التي سيأتي توضيحها.
أما الدول الإسلامية: فمن الواضح أن أي تدخل ممكن سيكون بتفويض من الجامعة العربية، أو مجلس الأمن.
ثانيًا: التدخل العسكري من الدول غير الإسلامية:
والمقصود به تحديدًا: التدخل الغربي؛ وذلك بسبب مواقف الدول الأخرى (روسيا، الصين، إيران) من دعم النظام، فهي شريكٌ مع النظام في دعمه سياسيًا وإعلاميًا، بل اقتصاديًا وعسكريًا في العديد من الحالات، فهو شريكٌ للنظام ولا يصلح أن يكون طرفًا محايدًا أو داعمًا للشعب.

والتدخل الأجنبي أنواع:
الدعم الإعلامي: بفضح النظام وإجرامه، وكشف ممارساته.
الدعم الحقوقي: بتبني المنظمات العالمية لقضية الشعب السوري، وتوثيق الجرائم والانتهاكات بحقه، والإسهام بملاحقة المجرمين من النظام الحالي وتقديمهم للمحاكمة.
الدعم الإغاثي: وذلك بالتنسيق مع المنظمات الإغاثية العربية والإسلامية العاملة على الأرض لتوفير ما يحتاجه الشعب السوري في الداخل، أو في دول اللجوء.
الدعم السياسي: وذلك برفع الغطاء عن النظام السوري، وإسقاط شرعيته، والاعتراف بهيئات الشعب السوري بديلاً عن النظام القائم.
الدعم العسكري: بالتدخل القتالي المباشر سواء كان عن طريق الضربات الجوية، أو القوات البرية، أو غير المباشر بالتزويد بالأسلحة والمعدات للجيش الحر، أو توفير ملاذات آمنة، ونحوها.
أما التدخل العسكري:
فإنَّ هذه القضية معروفة قديمًا عند الفقهاء باسم (الاستعانة بالمشركين) أو (الاستعانة بغير المسلمين)، وقد تناولها الفقهاء بالبحث والتمحيص بالأدلة الشرعية، كما دونت العديد من الأبحاث الفقهية المعاصرة فيها، والخلاصة منها: أنَّ الاستعانة بغير المسلم جائزة بشروط:
1_ أن يكون حَسَن الرأي في المسلمين.
2_  أن يكون حكم الإسلام هو الساري عليهم الجاري فوقهم.
3_  أن يكون مآل الحكم بعد الغلبة والظفر للإسلام وأهله.
  4_ وجود الحاجة الحقيقية للاستعانة.
5_  أن يكون المُستعان بهم مأمونين.
6_   أن تكون لدى المسلمين قوة تكف شر خيانتهم فيما لو خانوا.
7_  ألا يكونوا منفردين برايتهم،بل يقاتلون تحت راية الجيش الإسلامي.
مدى تحقق هذه الشروط في الحالة السورية الحالية:
لا يمكن الادعاء أنَّ هذه الضوابط يمكن أن تنطبق على الحالة السورية، قانونيًا أو واقعيًا:
أما قانونيًا: فإنَّ أي تدخل سيكون بقيادة الأمم المتحدة وحلف الناتو.
وأما واقعيًا: فلن تقبل الدول الغربية أن تضع قواتها وأسرارها وقياداتها تحت قيادة الدول العربية الضعيفة التي تعتمد عليها في حتى في السلاح والتدريب، ولم يحدث هذا سابقًا، بل الواضح أنَّ القيادة والقوة والسيطرة والتوجيه والتحكم سيكون لهذه الدول( ).
كما أنه عند النظر في طبيعة وحقيقة هذه الدول وتاريخها المعاصر يمكن ملاحظة التالي:
1_ أنَّ هذه الدول لا تنطلق في مواقفها إلا من خلال مصالحها الخاصة؛ لذا فإنها كانت أكبر داعم للنظام الحالي قبل اندلاع الثورة، ومع امتلاكها للعديد من الوثائق والحقائق المخزية ضده؛ فإنها عملت على إخفائها، ولم تتخذ الموقف الحاسم من هذا النظام؛ نظرًا للمصالح العديدة التي كان يؤديها لها داخليًا وإقليميًا.
وبالتالي فإنَّ تأييدها للثورة لا يدل على رغبتها في دعم الشعب، أو الانتصار لمظلوميته، بل هو حفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها، ولن تتدخل إلا إذا حققت مكاسب ومصالح حقيقية، أو خشيت من ضياع مصالح حالية قائمة.
2_ كما أن هذه الدول تنطلق من أهداف ونظرات استعمارية (سياسية، اقتصادية، دينية)، وما صدر عنها من مواقف وتصريحات فيما يختص بالدول الإسلامية خلال السنوات القليلة السابقة خير دليل على ذلك، ومما يُذكر في هذا الموقف:
رفض انضمام تركيا إلى دول الاتحاد الأوربي لأنها دولة إسلامية، والعمل والمساعدة على فصل كل من تيمور الشرقية وجنوب السودان بعد حملة تنصير شرسة خلال سنوات طويلة، ثم ما كان من رفضها استقلال العديد من الدول الإسلامية التي كانت منضوية تحت الاتحاد السوفيتي، ومواقفها من قضايا فلسطين وكشمير، وغيرها( ).
3_ أن تاريخ هذه الدول الاستعماري السياسي والاقتصادي لا يدعو للوثوق بها للإمساك بالملف السوري: فجميع هذه الدول كانت مستعمرة لدول في منطقتنا الإسلامية، ومارست ضده ألوانًا من الوحشية وانتهاكات إنسانية ودينية واقتصادية وتنموية، وسرقت ثروات البلاد، واستعبدت الشعوب، ولم يتم إدانتها أو محاسبتها أو مطالبتها بتعويضات أو اعتذار على الأقل حتى الآن!
ومن لم يشارك منها في استعمار سابق: فقد قام بأشد عمليات الإجرام الاستعمارية في العالم الإسلامي المعاصر: فاحتلال كل من أفغانستان والعراق، وفصل جنوب السودان ليس عنا ببعيد.
إن مقولة:" إنَّ الزمن تغير، والشعوب لن ترضى بالاستعمار الذي ولى عصره" مقولة غير سليمة وغير واقعية، والشواهد عليها كثيرة في بلدان العالم الإسلامي، سواء تلك التي مازالت محتلة بشكل مباشر، أو التي تُدار بأيدي وكلاء وعملاء لها، أو التي تخضع لسطوة قواعدها الجوية وأساطيلها البحرية.
إنَّ كل ما سبق: يؤدي للقول بخطورة المطالبة بتدخل القوات العسكرية بشكل مباشر ضد النظام في سورية، لا لأن النظام لا يستحق، ولا لأن الشعب لا يعاني ولا يحتاج للإغاثة، بل لأن ضرر تلك الدول مستقبلاً سيكون أشد من ضرر هذا النظام الحالي.
العمليات العسكرية المحدودة:
والأمر كذلك بالنسبة للعمليات العسكرية المحدودة: سواء بضربات جوية، أو مهام محدودة على الأرض: فلن يكون ذلك ممكنًا إلا بعد جمع معلومات استخباراتية عن الجيش الحالي، وقوته، وتسليحه، وأفراده، ونقاط قوته وضعفه، وطبيعة الأماكن المُستهدفة من مطارات وقواعد عسكرية ...إلخ وبالتالي استباحة أسرار البلاد عسكريًا وجغرافيًا واقتصاديًا أمام الدول الأجنبية، ووضع أسرارها ومقدراتها في حوزته.
بالإضافة إلى ما في القصف الجوي من تدمير للعديد من البنى التحتية، و(الأخطاء) المتكررة باستهداف المصالح الوطنية والآمنين، ومهما قيل عن دقة الأسلحة وتطورها فإنَّ الحوادث المماثلة لا تشهد بذلك.
فضلاً عن الثمن الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي الذي تطلبه هذه الدول نتيجة قيامها بهذه المساعدة، والذي سيظهر على شكل اتفاقيات أو تعهدات تكبل البلاد ومقدراتها لمدة طويلة من الزمن، أو تكون بوضع من ترضى عنهم في مواضع صنع القرار.
وإن قيل إن ذلك سيكون بدعمٍ أو تمويلٍ عربي، فإن الدول الغربية لم ولن تقبل بأقل أن يكون لها نصيب في إعادة الإعمار بشكلٍ ما.
ما الدعم العسكري الأجنبي الممكن؟
ما سبق لا يعني عدم التعاون مع هذه الدول في إسقاط النظام في مجالات أخرى، ولا يعني خلو هذه البلاد وأنظمتها من الخير، أو وجود عدالة فيها، أو خلوها من نظم وقوانين ومنظمات يمكن الاستفادة منها أو التعاون معها في هذا الهدف، بل يعني عدم التعامل معها من منطلق الضعف والاستجداء، والتسليم للبلاد والعباد، وأن تكون هي الطرف الرئيس الفعال في قيادة العمليات.
ضابط المصلحة والوسيلة:
يتحدث البعض عن مسألة الاستعانة بالدول غير الإسلامية للتدخل العسكري ويستدل على جوازها من ناحية شرعية بدليل المصلحة، ويقصد ما هو معروف في الفقه الإسلامي باسم (المصلحة المرسلة).
لكن من المعروف في الفقه: أنَّ من شروط العمل بالمصلحة المرسلة ألا تخالف نصًّا شرعيًا أو حكمًا من الأحكام الثابتة، وإلا فإنَّها (مصلحة ملغاة غير معتبرة).
والمصلحة المذكورة هنا: هي مصلحة مؤقتة ومتوهمة في مقابل المفاسد التي تترتب عليها، والأدلة والشواهد التاريخية المعاصرة أصدق دليل.
كما أنَّ (هدف إسقاط النظام) لا يجيز التوصل إلى هذا الهدف بأي وسيلة أو طريقة، بل لا بد من (مشروعية الهدف ومشروعية الوسيلة)، فـ (الغاية لا تبرِّر الوسيلة) كما هو متقرر شرعًا.
ثالثًا: الخيار السوري المحلي:
بشهادة الخبراء: فإن الثورة السورية قد أظهرت من الشجاعة والصبر والإنجازات ما لم تقدمه الثورات السابقة لعوامل عديدة.
وبالنظر كذلك في إشكاليات التدخل العربي والدولي، ومستقبل سوريا الحر المطلوب: فإنه لا بد من الاعتماد على سواعد أبناء سوريا في صنع مستقبلها، وقطف ثمار ثورتها.
كما أنَّ التطور اللافت للنظر في قوة الجيش الحر، ورغبة الكثيرين في الانضمام له يدعم هذه الفكرة.
كيفية الاعتماد على الخيار السوري في حل الأزمة:
1_ إن أول خطوة هي اقتناع الشعب والهيئات المعارضة المختلفة بضرورة الاعتماد على الله أولاً، ثم على الحل السوري المحلي، مع تنسيق تصريحاتها وتحركاتها في هذا الإطار.
فأما الشعب: فعلى الرغم من الجراح التي يعيشها، فقد أظهر في شعاراته وأناشيده وأهازيجه وأسماء الجُمع التي يختارها توكلاً على الله، واستسلامًا له، وإعلان اللجوء إليه، وهو ما ينبغي استثماره وتقويته في النفوس من جانب أهل العلم دعمًا وتأصيلاً.
وأما شعارات طلب الدعم الخارجي التي تظهر بين الحين والآخر: فإنَّها أنَّات مستغيثٍ تحت الحصار والضرب، لم تلبث أن رفع الشعب بعدها شعارات الاعتماد على الهه ثم سواعد أبنائه من الجيش الحر بعد وصوله إلى حقيقة أنَّ من سيتدخلون إنما يتدخلون لمصالحهم الخاصة، وبالتوقيت الذي يناسبهم، دون اعتبارٍ لآلام وآمال الشعب.
2_ العمل على الاعتراف بالجيش السوري الحر وتبنيه واحتضانه، وفتح قنوات تواصل معه، وتقديم المشورة والنصح له، والإعلان الواضح والصريح أنَّ الاعتماد القادم على العمل المسلح سيكون عن طريقه.
ويلحظ في الآونة الأخيرة: ازدياد حالات الانشقاق عن الجيش النظامي، والهوية التي ينطلق منها رجال هذا الجيش، بالإضافة إلى القبول الشعبي لهم، واحتضانهم في العديد من البلدات والقرى.
إن الجيش الحر سيكون خير نواة للجيش السوري المستقبلي بعد سقوط النظام، والعمل على إعداد البديل الجاهز المُدرَّب من الآن خيرٌ من إيصال البلاد إلى مرحلة الفراغ، ثم الاضطرار إلى الاختيار بين: بناء جيشٍ جديد من الأساس، والذي يحتاج لسنوات طويلة من الإعداد والتدريب، أو اللجوء إلى أفراد الجيش الحالي لتعويض النقص في الخبرات والأعداد، وما يترتب عليه من مخاطر عديدة.
كما أنَّ الاعتراف بالجيش الحر: سيشجع الشرفاء من جيش النظام على الالتحاق بالجيش الحر، ما سيؤثر على وحدة وتماسك المؤسسة العسكرية برمتها.
3_ بالإضافة إلى أنَّ الجيش الحر هو أفضل حاضن لتجنيد المدنيين حين الاضطرار لحمل السلاح، فمع ازدياد الراغبين في الانضمام للجيش الحر تظهر الحاجة إلى تنظيم هذا العمل، وذلك بافتتاح معسكرات تدريب خاصة يقوم الجيش الحر بإنشائها وفق آليات معينة، وبالتنسيق مع الهيئات السياسة والشرعية، ليتم من خلالها تجنيد الشباب بشكلٍ رسميٍ ومُنظَّمٍ وواضح، بعيدًا عن خطر الارتجال وتعدُّد الجماعات التي يصعب قيادتها أو السيطرة عليها فيما بعد، وصولاً إلى اتفاقٍ مُعيَّن حول إعلان النفير العام أو المرحلة المسلحة العامة من الثورة بقيادة هذا الجيش وإشرافه، بالتوافق والتنسيق مع بقية أطراف المعارضة.
مع التأكيد على الفصل التام بين العمل المسلح المنضبط، وبين الاستمرار في الثورة السلمية بأنشطتها وفعالياتها المختلفة.
4_ ثم يأتي بعد ذلك طلب المساعدة الخارجية كالتزود بالأسلحة أو التنسيق مع الدول المختلفة، مما يقره الخبراء من الدول العربية والإسلامية، وخاصة مع ظهور بوادر عربية في التحرك خارج القرار العربي البطيء، وعدم التعويل على المساعدات الخارجية من الدول غير الإسلامية إلا في أضيق نطاق، وفي حال الضرورة القصوى.
إنَّ هوية الشعب السوري عربية إسلامية، فينبغي أن يكون الحل لمشكلاته منطلقًا من هذه الهوية، وداعمًا لها، ومبقيًا عليها، ولا يتوافر حل يلبي هذه المطالب إلا بالاعتماد بعد الله تعالى على سواعد الأبناء المخلصين، مهما كان الثمن قاسيًا أو طويلاً، وهذا يتطلب من عموم الشعب الالتفاف حول هذا الخيار، كما يتطلب من أهل العلم والعاملين في المجال الإسلامي بشكل خاص أخذ زمام المبادرة في تبني خيار المشروع الداخلي (الجيش الحر)، والعمل على تقويته وتأصيله، والحرص على التفاف الناس حوله، ودعمه بما يحتاج قدر المستطاع، ليكون النصر بإذن الله خالصًا من الشوائب والمكدرات.
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت، وإذا استنصرت به نصرت: أن تنصر المستضعفين في سوريا، وأن تحقن دماءهم، وتحفظ أعراضهم، وتهيء لهم من أمرهم رشدًا، وأن تولي عليهم خيارهم، وتحميهم من شر شراهم، وما يحاك لهم، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

___________________________________

(1) في حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت) كانت قيادة الدول الغربية في العديد من القطاعات منفصلة عن قيادة بعض الدول الخليجية لرفضها الانضواء تحت راية عربية إسلامية، على الرغم من وجود جميع مقومات الدولة للمشاركين إلى جانب القوات الغربية، فأين ذلك من الحالة السورية؟
(2) من العجيب أن يترافق الجهد التنصيري مع الإفساد الأخلاقي الذي يتنافى مع فطرة الإنسان السوي بغض النظر عن دينه أو جنسه، ومن الأمثلة على ذلك: ما قامت به القوات الأمريكية أثناء قصف كابل زمن سيطرة طالبان عليها من رمي الصور العارية مع منشورات التعريف بأهداف الحملة العسكرية، والتحذير من التعامل مع طالبان، وتوزيع بعض المؤن على السكان، والذي تلاه انتشار الجهود والمنظمات التنصيرية ! وقريب من هذا ما حدث في العراق.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع