سليمان جودة
تصدير المادة
المشاهدات : 2782
شـــــارك المادة
طوال شهر أبريل (نيسان) من هذا العام، كنت أراقب عن قصد، ما يخرج عن رجال ثلاثة في إيران، من تصريحات، حول «عاصفة الحزم» في اليمن، وكنت أسجل ما أقع عليه من كلام لهم، لأعود إليه فيما بعد، إذا ما كانت هناك حاجة إلى ذلك، أولاً، ثم لأفهم كيف يفكر هؤلاء الناس ثانيًا! الرجال الثلاثة هم: علي خامنئي، مرشد الثورة الإيرانية، وهاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق، ثم حسن روحاني، الرئيس الإيراني الحالي. وكما ترى، فإن كل واحد فيهم له وزنه في بلده، سواء من حيث موقع رسمي راهن يشغله، أو موقع سابق كان يملأه، وفي الحالتين فإن المراقب لهم مثلي، يتوقع أن يسمع منهم حديثًا يحترم عقل الإنسان الذي يتلقى الكلام عنهم، ولا يفترض فيه السذاجة، وربما انعدام العقل من أساسه! وحين رحت أتعقب كلام كل واحد فيهم، خصوصًا في الأيام التالية مباشرة لبدء العاصفة، وقبل قرار المملكة العربية السعودية بوقفها، مع الاكتفاء بضربات هنا، أو هناك، حسب الحاجة، فإنني لأمر ما، قد تذكّرت المسرحية الشهيرة التي كان المؤلف الإيطالي الأشهر بيراندللو قد كتبها تحت عنوان «ست شخصيات تبحث عن مؤلف». هنا.. نحن لسنا أمام ست شخصيات، وإنما أمام ثلاث فقط، وهذه الشخصيات الإيرانية الثلاث لا تبحث عن مؤلف، ولكنها تبحث في ظني، عن مفسر لما تقوله، ثم تفتش هي نفسها، بالأساس، عن مقتنع بما تقوله أيضًا، وتحاول أن تروج له، وهي تعرف في قرارة نفسها، وعلى مستوى كل شخصية منها، أن ما تقول به، حول «العاصفة» بالذات، لا يقنع أحدًا، ولا ينطلي على أي شخص يكون في رأسه عقل! ومن بين ما جمعت من جانبي، لهم الثلاثة، سوف أقدم لك عينة عشوائية، وهي عينة سوف تكون بمثابة قطرة ماء البحر، التي تظل كافية بطبيعتها، لتشير لمتذوقها إلى طعم ومذاق البحر كله! مثلاً.. يقول خامنئي في لقاء له يوم 9 أبريل، مع عدد من السيدات وشعراء آل البيت، إن طائرات العاصفة تزعزع الأمن في سماء اليمن! لا تملك أنت، حينئذٍ، إلا أن تسأل المرشد الأعلى، وهو يُطلق هذا الكلام، عمّن بالضبط يزعزع الأمن في سماء اليمن: طهران التي تدعم فصيلاً سياسيًا هناك، دون سائر الفصائل كلها، وتريد له أن يبتلع الدولة اليمنية، وهو الشيء المستحيل عمليًا، وتاريخيًا، وسياسيًا، وعلى كل مستوى؟ أم الرياض التي تدعو الكافة بمن فيهم الفصيل الذي تدعمه طهران، إلى حوار يحقق مصلحة اليمن كله، لا مصلحة بعضه على حساب البعض الآخر؟! مَن، بحق آل البيت، يزعزع الأمن في سماء اليمن؟! فإذا تجاوزنا المرشد الأعلى، إلى الرئيس الأسبق رفسنجاني، تبين لنا، أنه قال خلال أول اجتماع لمجمع تشخيص مصلحة النظام، خلال الشهر نفسه، إن أعداء التوصل إلى اتفاق بين مجموعة دول 5+1، وطهران، حول ملفها النووي، سوف يفخخون الطريق إلى توقيع اتفاق جيد! هنا أيضًا، ولثاني مرة، سوف يكون عليك أن تسأل السيد رافسنجاني، عن مفهوم الاتفاق «الجيد» في نظره، وعن مفهوم الاتفاق «غير الجيد» في نظره كذلك.. وسوف يكون عليك أن تسأله، عما سيقوله ضميره له، عندما يتبين له بمراجعة أمينة مع النفس، أن هذا الاتفاق «الجيد» يحقق مصلحة النظام الإيراني، كما يحققها المجمع الذي قال هو هذه العبارة، أثناء أول اجتماع له، ثم لا يحقق الاتفاق «الجيد» ذاته، مصلحة أي دولة من دول عربية ست تطل على الخليج العربي، ولا يفصل بينها وبين أراضي إيران سوى مجرى الخليج نفسه؟! هل هذا هو مفهوم الاتفاق «الجيد» عنده؟! وإذا كان هذا هو المفهوم فعلاً، حسب ما نرى ونتابع، فهل يمكن، عندئذٍ، أن يوصف بأنه اتفاق موضوعي، وعادل، فضلاً عن أن يكون اتفاقًا «جيدًا»! فإذا ذهبنا إلى السيد حسن روحاني، اكتشفنا أنه يقول لوكالة «فارس» يوم 18 أبريل، إن بلاده سوف تنفذ كل القرارات الدولية التي تثبت سلمية برنامجها النووي. هنا كذلك.. وللمرة الثالثة، لن تجد بدًا من أن تستحلف السيد روحاني، أن يدلنا على سبب المشكلة بالضبط، بين مجموعة 5+1 وإيران، إذا كان برنامجها سلميًا مجردًا، هكذا، وإذا كانت كل القرارات الدولية سوف تنطق، حين تطبيقها، بأنه برنامج سلمي خالص.. أين بالله سبب المشكلة إذن إذا كان البرنامج بريئًا إلى هذا الحد مما يقال حوله من سنين؟! ألم أقل لكم، إنهم ثلاث شخصيات تبحث دون جدوى عن مقتنع بيننا بما تقوله، بقدر ما تبعث على الحيرة؟! لو عاش «بيراندللو» في زماننا، ثم تابع شخصيات الثلاث، لقال إنها تبحث عن مُخرِّف، إذا جاز التعبير، لا عن مؤلف.. مخرف يصدق ما تقوله، لا مؤلف يصوغها في إطار، وفي سياق يتسق بعضه مع بعض!
الشرق الأوسط
عامر راشد
عادل مالك
عبد الباسط عبد اللطيف
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة