قاسم قصير
تصدير المادة
المشاهدات : 3390
شـــــارك المادة
يشهد العالم اليوم ولادة تحالف دولي-إقليمي-عربي جديد، تحت عنوان "محاربة تنظيم داعش والتطرف الإسلامي والدولة الإسلامية في العراق وسورية"، وتسعى الولايات المتحدة الأميركية لجمع أكبر عدد من الدول، وخصوصاً العربية والإسلامية للانضمام إلى هذا التحالف، وستتوّج هذه الجهود بالاجتماع الأميركي-العربي-التركي في السعودية.
كما أن الدول المعادية للولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر أميركا عدواً أساسيا لها، لم تمانع بالانضمام لهذا التحالف أو التعاون مع الأميركيين لمواجهة تنظيم داعش؛ نظراً للخوف مما قام ويقوم به هذا التنظيم من جرائم وتهديدات يطلقها ضد الدول العربية والإسلامية.
وأما على صعيد القوى والحركات الإسلامية فإن معظمها أطلق المواقف والتصريحات التي تدين تنظيم داعش وتصرفاته، وبعضها انخرط في صراع عسكري وأمني معه، في حين أن البعض الأخر يتحفظ على الصراع المباشر مع داعش لكنه لا يستطيع أن يتبنى طروحاته ومواقفه.
والملفت في التحالف الدولي-الإقليمي-العربي الجديد الذي سيتشكل لمواجهة تنظيم داعش، وسيكون برعاية أميركية وإدارة الحلف الأطلسي (الناتو)، انه سيضم المتناقضات وبعض الدول والقوى التي تتصارع فيما بينها في دول ومناطق أخرى، وهو يشبه إلى حدٍّ كبير التحالف الدولي-الإقليمي-العربي الذي شكلته أميركا لمحاربة صدام حسين بهدف إخراجه من الكويت ومن ثم لإسقاط حكمه بعد عدة سنوات، وآنذاك انقسمت الحركة الإسلامية إلى عدة اتجاهات، فبعضها كان مع التحالف وضد صدام حسين والآخر ضد التحالف، وقد شكلت آنذاك لجنة من عدد من قادة الحركات الإسلامية والقومية من أجل معالجة الأزمة قبل شنّ الحرب على الكويت ولكن مساعيها باءت بالفشل.
وعلى هذا الأساس نطرح السؤال اليوم: أين يقف الإسلاميون والحركات الإسلامية من هذا التحالف الدولي –الإقليمي-العربي لمقاتلة داعش؟، وهل سينضمون للتحالف أو سيسكتون عنه للتخلص من داعش وكيف سيتعاملون مع نتائج هذا الصراع، والذي سيؤدي بشكل أو بآخر لإمساك أميركا وحلفائها بالأوضاع في العالم العربي والإسلامي.
الجواب ليس سهلاً، فتنظيم داعش لم يترك أمام الإسلاميين أي خيار أو إمكانية للوقوف إلى جانبه أو للدفاع عنه، نظراً للجرائم التي يرتكبها والتي تشوّه صورة الإسلام والمسلمين، وكذلك لخوضه الصراع المباشر ضد القوى والحركات الإسلامية التي تناهضه أو تختلف معه، كما أن كل ما يقوم به داعش يخدم أعداء الإسلام والمسلمين.
لكن بالمقابل: هل يمكن أن يكون الإسلاميون والحركات الإسلامية مع تحالف دولي-إقليمي-عربي تقوده أميركا ويهدف لتحقيق السيطرة الأميركية والغربية على المنطقة، حتى لو كان العنوان مواجهة تنظيم إسلامي متطرف أساء للإسلام والمسلمين قبل أن يسيء للآخرين؟
هذه الإشكالية تذكّرنا بالعديد من المحطات التاريخية، والتي تحوّل فيها العرب والمسلمون إلى جنود في تحالفات دولية بهدف التخلص من الظلم أو الطغيان الداخلي، فخدموا الأهداف الغربية والدولية ولم يحققوا أهدافهم، وأبرز هذه المحطات الحرب العالمية الأولى وإسقاط الدولة العثمانية وحرب الخليج في كل محطاتها.
على ضوء ذلك فإن الإسلاميين والحركات الإسلامية معنيون اليوم بقراءة معمّقة للأوضاع والتطورات، وعدم التسرع في اتخاذ مواقف تحوّلهم إلى مجرد خدم أو جنود في خدمة الدول الكبرى، وفي مقدمتها أميركا، مع أنّ تنظيم داعش لم يترك أمام الإسلاميين الكثير من الخيارات بسبب أعماله الإجرامية وإساءاته للإسلام والمسلمين.
ومن هنا تكمن أهمية الحذر في مقاربة الأوضاع، وفي الوقت الذي تجب فيه إدانة داعش وما يقوم به من أعمال، والبحث في كيفية الوقوف بوجه إجرامه وارتكاباته، فإنه ينبغي أن لا يتحول المسلمون والعرب إلى مجرد بيادق في صفوف التحالفات الدولية، وقد يكون غياب مرجعية إسلامية حركية موحدة وعدم وجود تعاون وتنسيق حقيقي وفاعل بين القوى والحركات الإسلامية هو أحد الأسباب الأساسية التي أوصلتنا اليوم إلى هذا المأزق الخطير.
وإذا كنا غير قادرين على تغيير مجرى الأحداث وتقديم رؤية مغايرة لما يجري، فعلى الأقل يجب أن نكون حذرين مما يخطَّط له من مشاريع دولية وإقليميه للمنطقة، ومن الدور الأميركي الجديد الذي يريد إعادة رسم خريطة جديدة للنظام الدولي والإقليمي بما يخدم مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني.
عربي 21
شاخص
عباس ضاهر
ياسر الزعاترة
زهير سالم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة