..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تعليق على بيان داعش (موقف الدّولة الإسلامية من مقالة المفترين)

عماد الدين خيتي

٥ مارس ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 10106

تعليق على بيان داعش (موقف الدّولة الإسلامية من مقالة المفترين)
3_19.jpg

شـــــارك المادة

تعليق على بيان داعش (موقف الدّولة الإسلامية من مقالة المفترين)

رابط البيان 

يظهر في هذا البيان التأثر الواضح بالأزمة التي يعيشها التنظيم بغياب الشرعيين والقياديين المعتبرين، والذي ظهر أثره في التخبط في المواقف، وانفلات الأعضاء، وكذلك الضعف التنظيمي، ولعل الانسحابات الأخيرة من ريف حلب بالأمس شاهد آخر على ذلك.

 

 

وهذه تعليقات سريعة على البيان:
1- ناقش البيان التهمة على أنها منسوبة لتنظيم داعش.. وليس الأمر كذلك، بل هي منسوبة لكبار من قيادييها، ولم تنسب للتنظيم نفسه، ومحاولة تصوير المسألة أنها اتهام للتنظيم تهويل للمسألة، ونقل للمعركة لميدان آخر؛ ليتيسر النفي والتبرؤ من الفعل.
2- وصف البيان معارضي داعش بأنهم (أعداء المشروع الجهادي وشانئيه) وفي هذا استمرار لادعاء عصمة المنهج واحتكار الحق، وأن الاختلاف معهم أو معاداتهم أو رفضهم إنما هو عداء للحق أو الجهاد أو الدولة الإسلامية.

وهذا ما يظهر من سائر أقوالهم وبياناتهم:
قال أبو عمـر البـغدادي في كلمته (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ):
"فلستُ أشكُّ يعلمُ الله ، طرفةَ عين .. أنا نحنُ الجيش الذي يُسلِمُ الراية لعبداللهِ المهديّ .. إن قُتِلَ أولنا .. فسيُسلمها آخرنا .. وبسطُ هذا في غيرِ موضعنا".

وقال أبو محمد العدناني في كلمة (إنّ دولة الإسلام باقية):
"أتظنون أنا سنرحل؟ أتخالون أنا سننتهي؟ أتحسبون أنا سنكل أو نمل؟ كلا إننا باقون بإذن الله إلى قيام الساعة وليقاتلنّ آخرنا الدجال".

وقال أبو حمزة المهاجر في كلمته (إن الحكم إلا لله):
"أيها الموحدون أبشروا، فوالله لن نستريح من جهادنا إلا تحت أشجار الزيتون في رومية بعد أن ننسف البيت الأنجس المسمى بالبيت الأبيض" انتهى.

وفي كلمته بعنوان (إنَّما أَعِظُكُم بِوَاحِدَة) يقول العدناني: "وإن الدولة الإسلامية في العراق والشام تواجه على هذا الصعيد أشرس الحروب؛ إذ إن لها في هذا المضمار ثلاثة خصوم؛ الكفار بجميع أبواقهم ووسائل إعلامهم، والمرتدون من بني جلدتنا بكل أطيافهم وعلماء سوئهم، وأهل الأهواء وأرباب البدع وأصحاب المناهج المنحرفة من المسلمين ... بل وحتى من بعض مَن يُحسَب على المجاهدين".

هكذا بإطلاق!!

3- ذكر البيان أن موقفه من هذه الحوادث أنه (سيتوثق)، وهذا على غير عادة بيانات داعش في السابق، وهنا يظهر الضعف التنظيمي، وانفلات الأفراد وعدم السيطرة عليهم تنظيميًا أو شرعيًا.

4- أعاد البيان وصف أعدائهم بالصحوات، وهم من رفع راية الجهاد في بلاد الشام وأعلن العزم على إقامة الدولة الإسلامية، وهو اعتبار كل من وقف ضدهم فهو بالضرورة ضد الإسلام!

5- يظهر الجهل الكبير في البيان –وهو من رأس هرم التنظيم- في حصر الخوارج بمن يكفر بالكبائر! وليس الأمر كذلك، بل التوسع في التكفير، والانتقال من تكفير الأفعال إلى تكفير الأعيان، والتكفير بلوازم الأقوال والأفعال هو غلو في التكفير، وهو عين مذهب الخوارج.
ولا يشترط أن يلتزم الشخص بجميع ما قالت به فرق الخوارج حتى يكون خارجيًا، بل يكفي الأخذ بالأصول العامة، وهي منطبقة في هذا التنظيم، ومن أراد الاستزادة فلينظر في صفات الخوارج كما حذر الرسول صلى الله عليها وسلم منها:
- الطَّيش والسَّفه: فعامة الخوارج ومن يتبنى فكرهم من الشباب الذين تغلب عليهم الخِفَّة والاستعجال والحماس، وقصر النظر والإدراك، مع ضيق الأفق وعدم البصيرة، كما جاء في الحديث المتفق عليه: (يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ)، والأحلام: الألباب والعقول، والسَّفه: الخفة والطيش.
قال النووي: "يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّثَبُّتَ وَقُوَّةَ الْبَصِيرَةِ تَكُونُ عِنْدَ كَمَالِ السِّنِّ وَكَثْرَةِ التَّجَارِبِ وَقُوَّةِ الْعَقْلِ"، نقله عنه الحافظ في الفتح.
- الغرور والتَّعالي: فالخوارج يُعرفون بالكبر والتعالي على عباد الله، والإعجاب بأنفسهم وأعمالهم، ولذلك يُكثرون من التفاخر بما قدموه وما فعلوه!!
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ) رواه أحمد بسند صحيح.
ويدفعهم غرورهم لادعاء العلم، والتطاول على العلماء، ومواجهة الأحداث الجسام، بلا تجربة ولا رَوية, ولا رجوع لأهل الفقه والرأي.
- الاجتهاد في العبادة: فهم أهل عبادة من صلاة وصيام وقراءة وذكر وبذلٍ وتضحيةٍ، وهذا مما يدعو للاغترار بهم، ولذا جاء البيان النبوي واضحاً في التنبيه على هذه الصفة فيهم: (لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ) رواه مسلم.
وقال: (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ) متفق عليه.
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يحتقرون صلاتهم مع صلاتهم، فكيف بغير الصحابة؟!
ولما لقيهم عبد الله بن عباس قال: "فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ أَرَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثِفَنُ الْإِبِلِ [أي غليظة]، وَوُجُوهُهُمْ مُعَلَّمَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ" رواه عبد الرزاق في المصنف.
- سوء الفهم للقرآن: فهم يكثرون من قراءة القرآن والاستدلال به، لكن دون فقه وعلم، بل يضعون آياته في غير موضعها، ولهذا جاء وصفهم في الأحاديث: (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ)، (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ)، (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ).
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: "لَيْسَ حَظّهمْ مِنْ الْقُرْآن إِلَّا مُرُوره عَلَى اللِّسَان، فَلَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ لِيَصِل قُلُوبهمْ, وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوب, بَلْ الْمَطْلُوب : تَعَلُّقه، وَتَدَبُّره بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْب".
وقال شيخ الإسلام: "وَكَانَتْ الْبِدَعُ الْأُولَى مِثْلُ بِدْعَة الْخَوَارِجِ إنَّمَا هِيَ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِمْ لِلْقُرْآنِ، لَمْ يَقْصِدُوا مُعَارَضَتَهُ، لَكِنْ فَهِمُوا مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ " مجموع الفتاوى.
ولذلك قال فيهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ" ذكره البخاري تعليقاً.
قال ابن حجر: "كَانَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ لِشِدَّةِ اجْتِهَادِهِمْ فِي التِّلَاوَةِ وَالْعِبَادَةِ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ مِنْهُ، وَيَسْتَبِدُّونَ بِرَأْيِهِمْ، وَيَتَنَطَّعُونَ فِي الزُّهْدِ وَالْخُشُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ" فتح الباري لابن حجر.
- الكلام الحسن المنمَّق: فكلامهم حسن جميل، لا ينازع أحد في حلاوته وبلاغته!!، فهم أصحاب منطق وجدل، يدعون لتحكيم الشريعة وأن يكون الحكم لله ومحاربة أهل الردة والكفر، ولكن فعالهم على خلاف ذلك!!.
كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يُحْسِنُونَ الْقِيلَ، وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ)، (يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ )، (يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ).
قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: "أَي يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْض الْأَقْوَال الَّتِي هِيَ من خِيَار أَقْوَال النَّاس فِي الظَّاهِر، مثل: إن الحكم إلا لله، ونظائره، كدعائهم إِلَى كتاب الله".
- التَّكفير واستباحة الدماء: وهذه هي الصفة الفارقة لهم عن غيرهم؛ التكفير بغير حق واستباحة دماء المخالفين لهم، كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) متفق عليه .
وهذا "مِنْ أَعْظَمِ مَا ذَمَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوَارِجَ" مجموع الفتاوى.
وسبب قتلهم لأهل الإسلام: تكفيرهم لهم، قال القرطبي في المفهم: "وذلك أنهم لما حكموا بكفر مَن خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ " مجموع الفتاوى.
وقال: "وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ، وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهَا " مجموع الفتاوى.


والتكفير عند الخوارج له صور كثيرة : كتكفير مرتكب الكبيرة ، أو التكفير بما ليس بذنب أصلاً، أو التكفير بالظن والشبهات والأمور المحتملة ، أو بالأمور التي يسوغ فيها الخلاف والاجتهاد، أو دون التحقق من توفر الشروط وانتفاء الموانع ، ولا يَعذرون بجهل ولا تأويل ، ويكفرون بلازم الأقوال ومآلاتها، ويستحلون دماء من يكفرونهم دون قضاء ولا محاكمة ولا استتابة
ولهذا قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : (يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) ، " فشبه مروقهم من الدّين بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيب الصَّيْد فَيدْخل فِيهِ وَيخرج مِنْهُ من شدَّة سرعَة خُرُوجه لقُوَّة الرَّامِي، لَا يعلق من جَسَد الصَّيْد بِشَيْء". عمدة القاري
وفي صحيح مسلم: (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) ، وعند أحمد بسند جيد: (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ)، قال ابن حجر : " وَفِيهِ أَنَّ الْخَوَارِجَ شَرُّ الْفِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ مِنَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ " فتح الباري.
وللاستزادة: http://islamicsham.org/article/1554

6- أظهر دليل على ضعف التنظيم وتفسخه ما جاء في الحديث عن قتل أبي خالد السوري تقبله الله، إذ لم ينف البيان الفعل، بل جاء بعبارة (إلا أننا لم نأمر بقتل أبي خالد ولم نُستأمر) وهذا ليس بنفي، بل نفي بعلم من صاغ البيان، أو إذنه، ولا ينفي مسؤولية بقية القيادات..
والطعن في أبي خالد رحمه الله أمر متواتر عن عدد من قادة التنظيم في ساحات المعارك والمناظرات، ومن الأمثلة على ذلك: https://www.youtube.com/watch?v=2BiR8od4Cig#t=79
https://www.youtube.com/watch?v=ZD_tYrRPVsQ&feature=youtube_gdata_player

بل الطعن على كل من خالفهم ورميه بالنفاق والردة والصحوة، واستهدافه بالقتل والتصفية معلوم وشائع.
وحسابات العديد من قادتهم تحمل التعريض بل والطعن الصريح في الدين بالظواهري، والجولاني، فضلا عن بقية قادة الجماعات الجهادية.

بالإضافة لما عرف عنهم من استخدام الكذب والغدر والتلبيس، وهذا يفتح باب الاتهام لهم واسعًا بالمسؤولية عن مقتل أبي خالد بطريقة أو أخرى.

7- لم يعلق التنظيم على مقتل عشرات القادة الشرعيين والعسكريين بالمفخخات، وعن طريق الانتحاريين بالغدر والكذب، بعد طلب الأمان أو ادعاء القدوم للمصالحة.

8- قول البيان ( قرارات ومواقف الدولة الإسلامية لا تصدر إلا من أميرها...) فهذا من الكذب والتدليس الذي اتبعه التنظيم في التعامل مع الأحداث منذ بداية نشأته، إذ عمدت شخصيات عديدة من أتباع التنظيم إلى نشر الكثير من الأبحاث الشرعية والأخبار والردود على المخالفين، بطريقة غير رسمية، فإذا فضحت أو حوججت فيها قالوا هي غير سمية.

9- أما محاولة الالتصاق بقيادات الجهاد من طالبان وابن لادن والزرقاوي وغيرهم، والثناء عليهم وإظهار التنظيم أنه موصول النسب بهم، فهيهات ثم هيهات! فقد ظهر لكل ذي عينين اختطاف التنظيم شرعيًا وتنظيميًا، وخروجه عن خط القاعدة، مما أدى إلى براءة القاعدة من هذا التنظيم، وكذلك فعلت بقية فروعها في العالم، كما تبرأ منها من كان محسوبًا عليها من شرعييهم حول العالم..

فأين البيان في هذا الإفك والعدوان؟

والله أعلم.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع