زهير سالم
تصدير المادة
المشاهدات : 4914
شـــــارك المادة
حين خرج الشعب السوري بثورته منذ ألف يوم لم يخطر في عقول شباب الثورة أنه يعلن ثورة ضد أي قوة دولية أو إقليمية. كانت الأمور بالنسبة لشباب الثورة وللكثير من القوى المشاركة فيها أو الداعمة لها في غاية البساطة وفي غاية المباشرة:
حاكم مستبد قاس وفاسد غارق في الفساد، تشهد على ظلمه واستبداده وفساده كل الوقائع التاريخية البعيدة والقريبة، وكل التقويمات والإحصاءات الإنمائية الدولية.
حاكم رد منذ اليوم على مطالبات أولية بالإصلاح: برواية درامية محبوكة لو رجع المتابعون اليوم لتفاصيلها لتأكدوا أنهم كانت قد أعدت مسبقا على طاولة خبراء متخصصون. وشعب حر يطالب بحقوقه الأولية في العدل والحرية والعيش الكريم. تلك كانت المعادلة منذ ألف يوم وهذه هي المعادلة بعد ألف يوم. بادر الثوار السوريون وقواهم السياسية الداعمة منذ اليوم الأول إلى إعلان براءتهم من كل ما ألصق بهم. وإصرارهم على مطالبهم في الإصلاح التي تطورت تحت قسوة المجابهة إلى مطالبة ثم بالتغيير. كما أكد على الثوار على رفضهم أن تحسب ثورتهم على أي محور: دولي أو إقليمي أو طائفي... ولكن دون جدوى.
إذ منذ اليوم الأول بدأ الاصطفاف الدولي والإقليمي وبدت كل من روسية وإيران متمسكتين بالحاكم المستبد وروايته إلى درجة تؤكد أن خبراء هذه الدول هم الذين صنعوا أو شاركوا في صناعة رواية الإفك والإثم التي تحسب الثورة السورية على قوى وأطراف وأفكار هي بريئة منها.
وبطيبة البريء توجهت أنظار السوريين وعقولهم وقلوبهم نحو موسكو، ولاسيما وفي صفوف الثوار السوريين، منتظم متكامل من أبناء اليسار الاشتراكي. شيوعيون مخضرمون ذاقوا على يد الظالم المستبد كما ذاق مواطنوهم الآخرون، اشتراكيون آمنوا بالفكر الاشتراكي في صيغة من صيغه، معادون للامبريالية العالمية على خلفيات متعددة؛ كل أولئك القوى كانت واثقة أنها بقليل من الشرح ومن التوضيح ومن الاستدراك سوف تعيد الموقف الروسي الوارث للموقف السوفياتي بعميله المخابراتي بوتين إلى جادته، وسوف تنزع عن هذا الموقف ثوب العداوة القاسية والمباشرة التي فرضها ميدفيدف وبوتين ولافروف على الشعب السوري وثورته. ولكن الأمور سارت في اتجاه آخر. في اتجاه يؤكد أن كل ما آمن به أصحاب الأحلام الوردية في عالمنا عن الحضارة المادية بشقيها لم يكن إلا سرابا فلا أدعياء الحرية أحرارا ولا أدعياء مناصرة الشعوب للشعوب مناصرين..
كان بوتين رجل المخابرات السوفييتي الصغير يطمح إلى العودة إلى كرسي السلطة في روسية بعد أن حلله له ميدفيدف دستوريا، في صيغة قيصر أو زعيم لينيني وجاءته الفرصة اليوم ليرتفع من جديد على رافعة من الدم السوري المراق ظلما وعدوانا... ووجد بوتين فراغا في وضع دولي مرتبك فأحب أن يتمطى فيملأه. أما سبب هذا الفراغ فتتعدد آراء المحللين فيه. يقول البعض إن الرئيس أوباما الذي يستشعر إرهاق بلاده من مغامرات من سبقه من رؤساء لا يفكر في دخول مغامرة جديدة. يقول فريق ثان إن الولايات المتحدة ستظل مشغولة عن كل الشرق الأوسط بالمنافسين الاقتصاديين في جنوب شرق آسيا. يضيف فريق ثالث إن الهبرة السورية لم تكن لتغري واشنطن فتركتها لموسكو تتسلى بها...
الثابت لدينا أن الرواية التي حسبت الثورة السورية على المشروع الغربي وعلى الولايات المتحدة وعلى الامبريالية العالمية وعلى مشروع الشرق الأوسط الجديد هي نفسها الرواية المفبركة المصنوعة التي أراد أن يختبئ وراءها الظالم المستبد وشركاؤه من الروس والإيرانيين.. لقد استرخصت الإدارة الأمريكية الدم السوري مثلها مثل الإدارة الروسية، ورأت الإدارة الأمريكية في سفك هذا الدم وسيلة رخيصة لتشويه صورة روسية في الضمير العربي وفي المنطقة العربية الهدف التي عجزت عنه الإمبريالية الدولية من قبل إلى حد كبير...
تمطى الروس في الفراغ الذي تركه لهم الأمريكيون لأسباب تعنيهم، ولكن بوتين لم يصبح قيصر، ولم يستعد صورة الزعيم اللينيني الذي كان يتمثل دائما في صورة المنتصر لقضايا الشعوب ولقضايا المظلومين والمضطهدين، ليتمثل الروسي بعد هذا الموقف في ضمير الجماهير العربية في صورة (إيفانوف)القاتل الرهيب. ومن جهة أخرى بدا الموقف الروسي الذي قدمه بوتين ولافروف في صورة موقف طائفي يتفجر حقدا وكراهية وطائفية ضد الشعب السوري وهويته الحضارية والثقافية وضد مسلمي سورية وسنتها بشكل خاص. إن تصريحات لافروف الطائفية تستحق مرصوفة بترتيب تاريخي تضع أمام القاصي والداني كم كان قميئا ومتسفلا الموقف السياسي لدولة يجب أن يقال عنها عظمى وهو ينغمس في عبارات طائفية مذهبية تنم على مكبوتات حقد دفين.
يقول المحللون إن الروس منذ أن تأكدوا أن طارديهم الأمريكان من كل الساحات الدولية، لا نية لهم على مزاحمتهم في الساحة السورية فقد قرروا أن يفردوا أجنحتهم، وأن يفرغوا كل مكبوتات حقدهم على الإسلام والمسلمين، ليس في هزائمهم الكبرى منذ القرن السابع عشر في بلاد القوقاز على يد الدولة الإسلامية العثمانية فقط، بل و بهزيمتهم التي كانت سببا من الأسباب المباشرة في انهيار إمبراطوريتهم في أفغانستان ثم التحديات التي تواجههم في كل من الشيشان وكل مستعمراتهم من جمهوريات الإسلام.
ألف يوم على الثورة السورية والسلاح الروسي والخبراء الروس يقتلون الشعب السوري على الأرض السورية بلا أدنى شعور بالمسئولية الإنسانية أو الأخلاقية أو السياسية لقابل الأيام. ألف يوم والدبلوماسية الروسية بكل ثقلها متفرغة ومتخصصة للمكر بالشعب السوري، وللإيقاع به، وللتغطية على الجريمة المشتركة التي يرتكبها بوتين وشريكه بشار هناك... لن ينسى السوريون يوما ولا يجوز أن ينسوا أن بوتين ولافروف كانوا شركاء عضويين في حرب الإبادة التي شنت عليهم. فالطائرات التي تقصف طائراتهم، والقنابل الفراغية والعنقودية قنابلهم. والصواريخ التي حملت غاز السارين فخنقت أطفال غوطة دمشق صواريخهم.
والأيام دول.. وللشعوب صولات... وإن غدا لناظره قريب
رابطة العلماء السوريين
عبد الرحمن الراشد
أحمد موفق زيدان
ياسر الزعاترة
حمزة إسماعيل أبو شنب
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة