عبد الله اسكندر
تصدير المادة
المشاهدات : 6692
شـــــارك المادة
أرقام مرعبة تقدمها الأمم المتحدة عن الكارثة السورية. 9.3 مليون نسمة من أصل السوريين داخل بلدهم، والبالغ عددهم نحو 20 مليون نسمة، يحتاجون إلى مساعدة. أي أن نصف عدد سكان سورية يحتاجون إلى مساعدة. 6.5 ملون نسمة، أي ثلث السوريين تقريباً، تركوا منازلهم وأماكن سكنهم، وتحولوا إلى مهجرين، داخل بلدهم وفي بلدان الجوار.
يُضاف إلى هؤلاء مئات آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين والمفقودين، وبلايين الدولارات من الخسائر البشرية. ورغم إعلان هذه الأرقام الفضحية - الإنسانية، ما زال المعنيون بالشأن السوري يتجادلون في إمكان دعوة إيران إلى مؤتمر «جنيف 2»، وظروف هذا الحضور، لتصبح كارثة بهذا الحجم تحل بشعب مجرد وسيلة لإعادة تأهيل نظام يعاني عزلة دولية منذ أن اندفع في برنامج نووي يثير شكوكاً بأهدافه. ترعى موسكو «حفلة التهريج» لإخفاء معالم الفضيحة الإنسانية التي لا تزال تغطيها، وبإصرارها على التمثيل الإيراني في «جنيف2»، مثله مثل اعتبار نائب رئيس الوزراء السوري السابق قدري جميل معارضاً شرساً للنظام وله مطالب ينبغي أن تطرح على طاولة التفاوض في جنيف (!)، فإنها لا تفعل سوى الإمعان بمزيد من التجويع والتهجير للشعب السوري. وهذا ما أكدته الديبلوماسية الروسية منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في سورية. إيران مهتمة هي أيضاً بأن تكون في جنيف، لتسقط كل الاتهامات لها (ولـ «حزب الله» اللبناني و"لواء أبو الفضل العباسط العراقي) بالتدخل المباشر في الحرب في سورية والتدخل السياسي والأمني في بلدان المنطقة. كما أنها تعيد طرح دورها في المنطقة وتحفظ حصتها في أي تسوية. لذلك تندفع إلى المطالبة بالحضور، مستفيدة من الرغبة الأميركية الحالية في إرضاء الروس بأي ثمن من أجل تفادي مواجهة الحقيقة على الأرض في الشرق الأوسط. وبديهي أن يكون مطلب النظام السوري الحضور في «جنيف2»، إذ سيكون ذلك بذاته ضمانة إلى نجاته من أي محاسبة تتعلق بالأرقام المرعبة التي أدت إليها معالجته مطالب الحركة الاحتجاجية السورية، وإلى أن إعادة تأهيله باتت أمراً واقعاً، بضغط من الروس وبموافقة من الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار يمارس النظام السوري وداعموه الإيرانيون والروس عملية خداع لا سابق لها من خلال الكلام عن الحل السياسي وضرورته. فجدل التمثيل والحضور في جنيف، إلى كونه سبيلاً إلى إعادة التأهيل السياسي للنظام، يحرّف الاهتمام والتركيز عن المسألة الأساسية والملحة المتعلقة بوقف القتل والتدمير. ويوفر الغطاء لاستمرارهما في كل أنحاء سورية، بما يعطي لاستراتيجية النظام القائمة على الحل الأمني كل أبعادها.
هكذا تتعارض الاستعدادات الحالية لـ «جنيف2»، وعلى النحو الذي نشهده، مع مصلحة الشعب السوري بوقف القتال والتدمير وتأمين الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الغذائية والطبية. في العودة إلى الأرقام المرعبة، قالت المسؤولة عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس أمام مجلس الأمن أول من أمس إن عدد السوريين الذين باتوا اليوم في حاجة إلى مساعدة إنسانية ارتفع أكثر من ثلاثة ملايين منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، في حين ارتفع عدد النازحين في الفترة نفسها أكثر من مليوني نسمة. وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال، وهي مرشحة لذلك في ظل استمرار هذا الجدل العقيم حول الحضور والتمثيل في جنيف، قد يطاول التهجير والعوز كل الشعب السوري، بما تنتفي معه الحاجة عندئذ إلى أي مؤتمر... إن فرض إعادة ترتيب الأولويات في إدارة الصراع يقع على عاتق المعارضة، ما دامت تعلن تمثيلها لتطلعات الشعب ومصلحته. لكن ما تقوم به حتى الآن لا يبشر بالقدرة على أحداث مثل هذا التغيير. فهي، كما يفهم من تصريحات المسؤولين في «الائتلاف» وقادة «الجيش الحر»، لا تزال تعول على دعم سياسي وعسكري عربي ودولي من أجل قلب المعادلة، في حين أن الاتجاه العام هو الرضوخ لضرورات التفاهم الأميركي - الروسي، وانعكاساته على النظرة إلى الحل في سورية، ومنها «جنيف 2». الحياة
أمير سعيد
أنور مالك
عبد الله محمد
علي نون
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة