عبد الله اسكندر
تصدير المادة
المشاهدات : 7126
شـــــارك المادة
فتحت الولايات المتحدة الباب موارباً لمسألة استخدام السلاح الكيماوي في سورية. فلا هي اكدت استخدامه على نحو لا يقبل الشك، ولا هي نفته بما لا يقبل التأويل. ما يجعل الضجة الجديدة حول هذه المسألة تقطيعاً جديداً للوقت، واستغلالاً مبتذلاً لحدث ذات أهمية استثنائية.
وقد تمضي اسابيع في مناقشة السبل التي تتيح للجنة التحقيق الدولية زيارة سورية والاماكن التي يشتبه بأن سلاحاً كيماوياً استخدم فيها. واستناداً إلى تجارب اللجان السابقة في سورية، يمكن توقع أن يعلن النظام، بعد تردد وتمنع ووضع شروط، أن يسمح لأعضاء اللجنة بالوصول إلى دمشق. وبعدها تبدأ مرحلة عرقلة وتعقيد لمهمة المفتشين، على نحو ما حصل مع لجنة التحقيق التابعة لوكالة الطاقة النووية التي تشكلت للتحقيق في نشاطات المفاعل الذي قصفته اسرائيل أو مواقع سورية أخرى مشتبه بها. وفي الغضون، تستمر قوات النظام باستخدام كل أنواع الأسلحة الفتاكة والمدمرة، سواء عبر الغارات الجوية أو عبر الصواريخ الطويلة المدى. بما يمكن أن يؤدي إلى سقوط ضحايا بشرية يتوازى عددها مع تلك التي يمكن أن تسقط جراء استخدام السلاح الكيماوي. وليصبح التحقق من استخدام السلاح الكيماوي، مدعماً بإثباتات لا تقبل الدحض يقتضي الحصول عليها موافقة النظام، مهلة إضافية للنظام للاستمرار في القتل والتدمير وتمديداً إضافياً للحرب في سورية. ولنفترض أنه لم يمكن الوصول إلى هذه الإثباتات، أو لنفترض حتى أن النظام لم يستخدم فعلاً السلاح الكيماوي، فهل يعني ذلك أن العالم، ومنه الولايات المتحدة والغرب، يمكنه البقاء متفرجاً على ما يحصل في سورية، وأن لا شيء يدعو إلى التحرك السريع لوقف المسار الحالي؟ تعيش إدارة الرئيس باراك أوباما تحت وطأة صدمة التلفيق الذي لجأت إليه سابقتها في شأن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وبنى الرئيس الديموقراطي الحالي رصيده الانتخابي على أساس رفض النهج الجمهوري المحافظ لسلفه جورج بوش الابن والتخلي عنه. وقد تكون هذه الهواجس في خلفية التحفظات التي تبديها الإدارة، على كل مستوياتها، في حركتها الحالية تجاه المنطقة، كي لا تكرر خطأ التدخل المباشر في العراق. وتتجاهل هذه الحجة التي لا يتوقف أركان الإدارة عن تكرارها أمراً بديهياً، وهي أن العراق، عندما قرر بوش غزوه، لم يكن في وضع حرب أهلية داخلية يستخدم فيها النظام كل أسلحته ضد الشعب، وأن الضحايا العراقيين الذين كانوا سقطوا عشية الغزو قضوا تحت وطأة العقوبات الدولية، وأن تلفيقة أسلحة الدمار الشامل كانت وظيفتها تبرير الغزو تحت ذريعة منع ارتكاب جرائم بواسطة أسلحة دمار شامل. في حين أن في سورية ترتكب يومياً مجزرة بشرية وترتكب جرائم ضد الإنسانية، ويسقط من الضحايا ما يوازي أو يفوق أحياناً ما يمكن أن يؤدي إليه استخدام أسلحة دمار شامل ضد مدنيين عزل. أي أن ما ادعى بوش أنه غزا العراق لتفاديه يراه أوباما بأم العين في سورية. قد يكون من شبه المستحيل توقع تدخل عسكري أميركي مباشر في سورية، حتى لو ثبت بالأدلة القطعية استخدام النظام في دمشق للأسلحة الكيماوية. وذلك في الوقت الذي سحب أوباما قوات الغزو من العراق ويسعى إلى إتمام الانسحاب من أفغانستان. كما يصعب تصور تكرار السيناريو الليبي، نظراً إلى الفيتو الروسي - الصيني الذي سيتكرر في مجلس الأمن. وما دام الأمر كذلك، يصبح كل التهديد بالخطوط الحمر والخيارات على الطاولة، لمناسبة الحديث عن السلاح الكيماوي، مجرد آليات لإدارة الأزمة وليست من أدوات انهائها. أما في حال لم يثبت استخدام السلاح الكيماوي، فيمكن تخيّل مدى الفترة التي يستمر فيها القتل والدمار في سورية من دون أن تعتبر الولايات المتحدة أنه حان الوقت لوضع حد للكارثة السورية.
الحياة
حسام الحميد
طارق الحميد
وسام الدين العكلة
زياد الشامي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة