دار السلام
تصدير المادة
المشاهدات : 6771
شـــــارك المادة
فيما يعد المسلمون في أرجاء المعمورة ، الأيام أملاً في سقوط نظام الأسد القمعي قبل بداية العام الجديد، بعد أربعين عاما من الاستبداد ارتكب فيها أبشع المجازر بحق المسلمين، افتتحها حافظ الأسد في مجزرتي حماه ويختمها اليوم نجله بشار في سورية بكل من أقصاها إلى أقصاها، يعد المتربصون بسورية أيضا الأيام لسقوطه ويتهيئون لفترة الفوضى التي تلي السقوط وتسبق تشكيل الحكومة لكي يكيلوا كيلهم ويديروا دوائرهم.
العالم اليوم منقسم بين مؤيد لرحيل نظام الأسد ومعارض له، وإن كانت بعض الدول قد جاهرت بموقفها من ذلك، فالكثير من الدول الأوربية والآسيوية لا تزال تحتفظ به لنفسها وما تعده لما بعد بشار. فلا يقتصر الدعم للنظام السوري على روسيا وإيران والصين، كما لا يقتصر مناهضته على فرنسا وبريطانيا أو أمريكا -وإن كان تحت مسميات إنسانية دفاعا عن حق الشعب وإدانة للانتهاكات، أما العالم الإسلامي فهَمّهُ الأول والأخير انتصار الشعب المظلوم على الحاكم الظالم وهو ما تعانيه العديد من الدول الإسلامية التي تنتظر أن يزهر في ربوعها الربيع الإسلامي مع نهاية فصل الشتاء الحالي. في كل مرة يسقط نظام حكم سواء بعد احتلال غاشم أو ثورة شعبية تكون هناك فجوة أمنية واستخبارية تحاول الدول التي لها مصالح في هذا البلد انتهازها لزرع عناصرها واستغلالها مناطق للنفوذ وتقديم عناصر موالية أو عميلة لها مقدما للمشاركة في الحكومة أو القضاء أو المجتمع ليكون صوتاً وعيناً وأذناً لمخابرات هذه الدولة وليلعب دوره حين يأتي وقت تحريك الأحجار على رقعة الشطرنج كل حسب حجمه ودوره إن كان جندياً، أم فيلاً، أم قلعة، أو حتى ملكاً. عند بناء النظام الجديد، خاصة ذلك الذي يأتي بعد حكم عضوض ديكتاتوري ناهز نصف قرن أحياناً يبدأ البناء من الأساس في كل مرافق الدولة القانونية والشرعية والدستورية وحتى النقابية ، لذا تجد أن كل دولة من الدول الطامعة أو على الأقل التي لها مصلحة في تغيير النظام تضع حجراً في أساس هذا البنيان حتى يكتمل الأساس ممثلاً لكل الدول والطوائف والديانات وهذا ما حدث في العراق. لن تكون غالبية الشعب السوري المسلمة وحدها من سيختار نوع نظام الحكم –سواء علم بذلك أم لم يعلم- بل سيختار الأكراد والدروز والنصارى وغيرهم على قلتهم، وستقدم الدول الطامعة أو ذات المصلحة مرشحيها للتقدم عن طريق بعض الأحزاب التي شكلت إبان الثورة أو بعد نجاحها، إن شاء الله، وهنا لا يستطيع أحد أن يلوم طرف أو حزب ما أن مال نحو دولة معينة، لأن اللعبة أكبر من الجميع، لأن هذا أمر واقع في العملية السياسية التي تلي أحداث كأحداث سورية سمحت للدول الخارجية أن تلعب دورها وتتدخل باسم الإغاثة أو الإمداد أو التدخل الدبلوماسي أو العسكري، وفي هذه الظروف إن بقيت المقاومة منغلقة على نفسها، فإن الكفة ترجح لبشار كونه يستمد قوته من روسيا وإيران وحزب الله وقوى إقليمية أخرى، وكان لا بد من التدخل الخارجي إن لم يكن عسكرياً فبالعقوبات أوبقرارات الأمم المتحدة. تجربة مصر –وهذه حقيقة- تشهد على هذا الكلام فانتصار الإسلاميين ممثلاً بحزب النور أم الحرية والعدالة واكتساحه الساحة السياسية لم يمنع ذلك من فوز الليبراليين والعلمانيين ببعض الوزارات والمقاعد النيابية والمناصب، فاليوم تراهم في المحكمة الدستورية والجيش المصري والإعلام ونادي القضاة أو أحزاباً تعارض الرئيس معارضة صريحة وهؤلاء جلهم يريد إسقاط النظام من جديد ، لأن الرئيس أراد ما أراد الشعب لا ما أرادوا هم. إن بارك الله بهذه الثورة وأتم عليها بالنجاح والتسديد والنصر فسيظهر للعيان بعد تشكيل الحكومة وتقسيم المناصب بين الأحزاب والتيارات،–طبعا انتخابيا وسيبدوا لوح الشطرنج على صورته الواضحة وسيظهر ما كان خافياً ويطفو على السطح ما كان غائراً. نتمنى أن يعي الشعب السوري هذه المكائد وينتبه لها وأن يتعلم من درس العراق ومن درس مصر في بناء أجهزته الحكومية وأن يجعل من سورية حصصا يوزعها على الطوائف والأعراق والأديان وألا يسمح للنفعيين ورموز النظام وأعوانه بان يعتلوا منصباً حكومياً صغيراً أو كبيراً حتى يحصر الولاء للشعب وللوطن بعد الله عز وجل، وأهل سوريا أدرى بها منا.
أبو طلحة الحولي
طارق الحميد
محمد الجوادي
فيصل القاسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة