سعد محيو
تصدير المادة
المشاهدات : 10791
شـــــارك المادة
إلى أن تصل واشنطن وموسكو إلى اتفاق على ضبط توقيت ساعتيهما على إيقاع الحل المشترك (وهو حل آتٍ لا محالة)، سيكون ثمة فسحة قليلة أخرى من الوقت أمام عائلة الأسد لمواصلة مسلسل الدمار، وفي الوقت نفسه لحزم أمتعها استعداداً للرحيل.
لم يعد ثمة شك (كما أشرنا في مقال أمس) أن روسيا باتت جاهزة لإبرام صفقة حول سورية تتضمن، في محصلاتها النهائية، وضع حد لحكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 سنة. لكن، هل الولايات المتحدة مستعدة لملاقاتها في منتصف الطريق؟
ضع جانباً البيانات الدبلوماسية الأميركية، التي تلهج بالحديث عن ضرورات التسوية السياسية وعن معاناة الشعب السوري، فتكتشف فوراً أن ما تريده واشنطن غير ما تقوله. إذ يبدو أن ذلك الجناح في الإدارة الأميركية الداعي إلى مواصلة القتال حتى سقوط النظام, لا تزال له اليد العليا في البيت الأبيض. ويبقى الانتظار لمعرفة ما إذا كان ترشيح جون كيري كوزير للخارجية، بما عُرف عنه من اتصالات وثيقة مع الروس وتمسّك بالحلول الدبلوماسية (كان أول من وصف حرب فيتنام العام 1960 بأنها "خطأ")، قد يغيِّر مواقف البيت الأبيض. لكن، حتى الآن، تبدو واشنطن سعيدة بغرق إيران في الوحول السورية، الأمر الذي يستنزف اقتصادها على نحو خطير (مليار دولار شهرياً لدفع رواتب موظفي الدولة السورية)، ويدمّر ما تبقى من نفوذ سياسي- إيديولوجي لها في الشرق العربي. كما أنها (واشنطن) تشعر الراحة لتآكل مواقع موسكو الأخلاقية في العالم، بسبب دعمها لرئيس سوري يصفه المسئولون الروس أنفسهم في مجالسهم الخاصة بأنه "جزار". (وفق معلومات نيويورك تايمز). وفوق هذا وذاك، يشكّل تقدُّم المعارضة المسلحة السورية مؤخراً على جبهات قتال عدة، مبرراً لواشنطن كي تقول أن التدخل العسكري الغربي في سورية، لم يعد ضرورياً، ولتروِّج أيضاً (وإن كجزء من الحرب السيكولوجية) أن سقوط النظام بات وشيكا. ماذا تعني كل هذه المعطيات؟ أمراً واحدا: واشنطن تحبذ تسوية مع موسكو لحل الأزمة السورية، كما دلّت على ذلك المفاوضات الخاصة الروسية- الأميركية الأخيرة، لكنها ليست مستعجلة لإبرامها بسرعة. فيما موسكو باتت الآن تريد هذه التسوية بسرعة، بعد أن بدا واضحاً أن كل وعود النظام السوري بحسم الأمور عسكرياً باءت بالفشل وأن سيطرته على البلاد تتآكل ببطء ولكن بثبات. وهكذا، تبادل الطرفان المواقف، بعد أن كانت واشنطن هي التي على عجلة من أمرها، فيما كانت موسكو قبل أشهر غير مستعجلة البتة لاعتقادها أن الأسد سيفوز. وإلى أن يصل الطرفان إلى اتفاق على ضبط توقيت ساعتيهما على إيقاع الحل المشترك (وهو حل آتٍ لامحالة)، سيكون ثمة فسحة قليلة أخرى من الوقت أمام عائلة الأسد لمواصلة مسلسل الدمار، وفي الوقت نفسه لحزم أمتعها استعداداً للرحيل.
اليوم - غدا
أشهب الحلبي
عوض السليمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة