مهدي الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 7630
شـــــارك المادة
استحييت من نفسي وأنا أرى الشيخ الموقر معاذ الخطيب ممثل الائتلاف الوطني على باب رئيس وزراء فرنسا, يظهر المودة والكياسة والابتسامة, وقد سبق للكثير أن حاولوا بنفس الطريقة, كما قام الشعب السوري بنداءات الحظر والقصف بدافع القتل والألم والتدمير وكان ذلك لضرورة أقدّرها, نعم لقد وصل الكرام أبواب اللئام, لكن كل ذلك كان دون جدوى فعلية, رغم أن التدخل كان سهلاً في ليبيا البترولية. لم تعد ملّة حكام الغرب هي الدين المسيحي كما كان المسيحيون من قبل, فهي اليوم انتماء طائفي مجرد من حقيقة المسيحية, ذلك أن الدّين لم يعد محركاً عند الغرب (بينما هو المحرك الأول عند المسلمين) بل إن ملّة الغرب هي المصلحة ضمن تجمع العصبية والعصاباتية.
فهل نستطيع تحقيق مصلحتنا مع مصلحتهم؟ إن لقاءنا مع الغرب ما هو إلا لقاء تكتيكي, وإن الغرب يفهم ذلك تماماً وهو يحاول أن يجعله استراتيجيا لصالحه, و وهو يلتقي معنا اليوم في منتصف الطريق بين طمعه وضعفنا, كما وتهتم فرنسا بنا أكثر من غيرها باعتبارنا من حصتها في قسمة سايكس بيكو. فهل هناك نقط لقاء استراتيجيه بيننا وبينهم؟ إنهم يريدون حفظ إسرائيل الحدودية معنا, واعتبار المقاومة الفلسطينية إرهاباً, كما يريدون حرية تدفق البترول وفتح أبواب الاستيراد دون حماية لاقتصادنا الوطني والعربي, والتحالف معهم ضد أعدائهم دون النظر لمصالحنا وروابطنا. لكن الأهداف المباشرة في سورية هي: 1 ـ أن يستمر بشار الأسد بتدمير بلدنا وقوتنا العسكرية بينما هم يعدوننا وخداعاً يتململون, ثم يحيلوا القرارات لمجلس الأمن الدولي كحجّة ليستمر التدمير لصالح إسرائيل. 2 ـ مدّ الأصابع بين الكتائب للاستخبار عن هوية الجميع وخاصة ممّن يرضى الولاء لهم ولبقاء إسرائيل, فيزرعوا الشك بين القادة, ويحاولوا أن يعبروا لإيجاد عملاء من قادة الكتائب, لكنهم يصطدمون وسيصطدمون بوطنية شباب الجيش الحر المخلصين لوطنهم ولدماء شهدائه ومقدساته, وحوارهم الجماعي الموحد فقط. 3 ـ الحيلولة دون المد الإسلامي, ونحن جميعاً شرطنا الوحيد هو الإخلاص للثورة والوطن ثم القبول بصناديق الاقتراع, وأن سورية لكل السوريين, وإن كلامهم هذا ما هو إلا لمصالحهم, والإسلاميون والعلمانيون هم جزء من الوطن, وهم جميعاً لن يسمحوا لأحد غير سوري تحديد مستقبل بلدهم. فإذا كان لا ينفعنا تمريغ الخدين في أعتابهم, ولا يرحمنا من هو يحكمنا ويقتلنا في بلدنا بدل مغادرته السلطة, فما الحل؟ لقد وصلنا إلى القناعة بأن لا رجوع عن الثورة, ولا تدخلاً من الغرب (لأننا لن نستطيع تحقيق شروطهم أو تدخلهم بيننا) إذا فما الحل! إن الشعب السوري لم يمد يده لاسرائيل ولا للغرب في الثمانينات بلاجئ أو قطعة سلاح أو مال أو جواز سفر, واليوم شعبنا هو نفسه, فإذا لم يطلب شعبنا من الغرب المساعدة خلال انتفاضة بالثمانينات, فإنه اليوم لم يطلب من إسرائيل أيضاً كما لم يحصل على شيء فعّال من الغرب (حتى وإن طلب من الغرب ذلك) وكانت النتيجة واحدة. ولكن هل هناك مانع من الخداع؟ لا بكل تأكيد, ومهما قلتم في هذا فلا مانع فالحرب خدعة, وإن لكم المناورات السياسية كما تشاؤون بفعل جماعي متفق عليه فقط, لتخليص هذا الشعب من جزّاره حتى ولو أخذتم القليل من المضادات للطيران والدروع (وخاصة لضرب دبابات 72 خلال معركة الزحف إلى دمشق). أمثلة من التاريخ القريب: ـ لقد حاول الرئيس صدام حسين بقراره المستقل أن يتمرّد على الغرب, وقال إننا اقتربنا من الخروج من عنق الزجاجة, ووثق بوعودهم عندما كانوا يزودوه بمعلومات من طائرات الأواكس.. حتى ورّطوه بدخول الكويت وحاصروه (وكأن الكويت تهمهم), وقتلوا الكثير من شعب العراق ثم احتلوا أرضهم وأعدموا صدام كذلك. (أنا أعلم أن تفرّق الأمة العربية يسهّل السيطرة عليها ويجعلها تقبل الأوامر الغربية ضد مصالح أجزاء منها, وأن هذا هو سر بلائها, وأن أي حل خارج هذه الوحدة مصيره الفشل في مواجهة الغرب والفقر والجهل والتخلف والمرض..) لكن اهتمامنا اليوم هو في كيفية إيقاف شلال الدم وإسقاط نظام القتلة بدون أن نتنازل عن ما لا يمكن التنازل عنه. ـ في صيف عام 1974 وخلال وجودي بمرافقة الشيخ القائد مروان حديد -رحمه الله- وهو متخفياً في أحد بيوت حي الميدان في دمشق, كنت قد تسمّمْت بأكل الجبنة لأنه لم يكن لدينا ثلاجة, وكان الشيخ مروان يتقي حر الصيف بمروحة كهربائية, وكان لدينا في صندوق المصروف 15 ليره سوريه نقنّن بإنفاقها, هنا جاء العرض للشيخ مروان من العراق بإرسال 400 ألف ليرة سورية (ما يعادل 100 ألف دولار) كدفعة أولى تليها دفعات متتالية لدعم استعداداته الأولية لمواجهة السلطة, ولتصل لـ (5) ملايين ليرة, لكنه رفض ذلك, وقد سبق أن جاء له ضابط يريد قيادة انقلاب في شمال وشرق سورية (كبداية لانقلابه) على أن يتولى القائد الشيخ مروان (وأنصاره من الإخوان) منع آليات السلطة من عبور حماه من القوات القادمة من دمشق، على أن يؤمن لهم مدافع مضادة للدبابات.. فرفض التعاون معه, لأنه سيحضر إذاعة احتياطية من دولة قريبة تابعة. وقد أعطانا قصيدة ألّفها فأنشدناها له, وكانت ضمن أول شريط نشيد من أناشيد الدعوة إلى الثورة (أناشيد البلالي) وكلماتها تقول:
سلاااحي سلاااحي **** سلاحي من عدوّي والذّخيرة أهدااافي أهدااافي **** أهدافي وإن بعدتْ كبيرة
إن السلاح الذي نطلبه من الغرب موجود داخل سورية ونحن مربون عليه, وعلينا تخليصه من يد القتلة, وهذا أقرب من نيل رضا الغرب, وهكذا نصنع أعظم ثورة في العالم تحقق أهدافها وتختار قرارها المستقل, ونحن على ثقة بثوارنا الأبطال.
حمد الماجد
محمد علي الشيخي
علي حسين باكير
مهنا الحبيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة