ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 3085
شـــــارك المادة
هناك الكثير من القضايا التي يمكن التقاطها بالتحليل دون الحاجة إلى معلومات. من بين هذه القضايا تلك التي نحن بصددها في هذه السطور ممثلة في صلة حزب الله اللبناني بالمعركة الدائرة في سوريا.
حين يعتقد الحزب بحسب أمينه العام وسائر قيادييه أن المعركة في سوريا هي محض مؤامرة غربية ضد المقاومة والممانعة التي يمثلها النظام السوري إلى جانب إيران والحزب (أخرجت حماس من الحلف بعد انحيازها للثورة السورية)، حين يعتقد ذلك، فمن الطبيعي أن يبادر إلى تقديم سائر أشكال الدعم للنظام السوري في المعركة.
وحين ترى إيران التي تمول الحزب أن نتيجة المعركة في سوريا ستحدد مصير مشروعها للتمدد والهيمنة الذي اشتغلت عليه عقودا، فمن الطبيعي أن تطلب من الحزب أن يلقي بثقله إلى جانب النظام، لاسيَّما أن قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري) الذي يدير المعركة في سوريا، هو ذاته الذي يشرف على العلاقة بين طهران والحزب. سليماني الذي يعاني هذه الأيام بحسب تقارير عديدة من صراع مع المرشد خامنئي بسبب فشله في إدارة المعركة التي دفعت فيها طهران إلى الآن (10 مليارات دولار) رغم متاعبها الاقتصادية التي بدأت تنتج حراكا شعبيا ضد النظام يمكن أن يودي به إذا تطور بمرور الوقت.
والحال أن التقارير التي تتحدث عن تدخلات الحزب في الساحة السورية ودعمه متعدد الأشكال لنظام بشار لم تتوقف منذ شهور طويلة، الأمر الذي دأب قادة الحزب على إنكاره، لكن التطورات الأخيرة لم تترك له فرصة للإنكار، وإن لم يتوقف عن ممارسته، أقله إلى الآن، من دون أن نستبعد أن يتطور الأمر إلى مستوى من الجرأة (أو الوقاحة بتعبير أدق)، بحيث يعلن انخراطه المباشر في المعركة ضد «عملاء الغرب الاستعماري، لاسيَّما التكفيريين» الذين يريدون تقويض نظام المقاومة في دمشق.
لم يحدث ذلك إلى الآن، بينما كانت التقارير المتوالية عن تدخلات الحزب قد قفزت قفزة كبيرة إثر التشييع المهيب لأحد قادة الحزب الذي قيل إنه قضى «في مهمة جهادية»، بينما أدرك الجميع دون كثير عناء أنه قتل أثناء مباشرته العمل إلى جانب النظام في مواجهته مع الثورة السورية.
التقارير قبل ذلك من داخل لبنان، بل من دوائر شيعية وذات صلة بالحزب (دعك من خصومه) كانت تتحدث عن عشرات من عناصر الحزب يدفنون في مناطق متعددة من لبنان، بينما يطلب من ذويهم عدم البوح بخلفية مقتلهم، لكن أهمية علي حسن ناصيف المعروف بأبي العباس كانت أكبر من قدرة الحزب على تشييعه بسرية، فكان التشييع المهيب الذي جرت تغطيته بحكاية «المهمة الجهادية» التي قتل فيها، أو «استشهد» بحسب إعلام الحزب، تماما كما «استشهد» عناصر خلية الأزمة في مبنى الأمن القومي الذين نعاهم الأمين العام في كلمة متلفزة!! وحين حاول عضو مجلس شورى حزب الله تبرير الأمر خلال تأبين «الفقيد» يوم الأحد، لم يجد غير القول إنه «كان يحاول حماية لبنانيين»، محملا الدولة مسؤولية «إهمال اللبنانيين المقيمين على الأراضي السورية»!!
في تقرير لها بعث به من بيروت مراسلها نيكولاس بلانفورد يوم السبت الماضي، تحدثت صحيفة التايمز البريطانية عن المساعدات التي يقدمها حزب الله للنظام السوري. ونقلت عن ضابط منشق عن القوات الجوية السورية فرَّ إلى لبنان (لم ينضم للجيش الحر) قوله إنه «يوجد نحو 1500 من مقاتلي حزب الله ومثلهم من إيران في سوريا حاليا». أما الأهم فهو قوله «إنهم يعملون مع المخابرات ويدربون الشبيحة والجنود على التصويب على الأهداف البشرية (القنص)». وكانت تقارير عديدة اعتمدت على تسريبات من داخل أوساط الحزب قد تحدثت عن إشراف إيراني على تشكيل وتدريب فرقة كبيرة من الشبيحة تعوض الوضع البائس للجيش، الأمر الذي سارع النظام إلى نفيه.
سيقول بعض (شبيحة الخارج العرب) إن صحة التقارير إياها لا تعني الكثير، إذ من حق حزب الله أن يساعد حليفه (النظام السوري) ويرد له الجميل، تماما كما أن هناك إرهابيين تكفيريين من شتى أنحاء الأرض يساعدون الثورة، لكن ما ينساه هؤلاء هو أن الفئة التي يتحدثون عنها ليست حزبا يشارك بل يهيمن على حكومة في دولة ذات سيادة، بل هي مجموعات مطاردة من قبل الكثير من الدول والأنظمة، أما المقاتلون العاديون، فقد جاؤوا ينصرون ثورة شعبية، وليس نظاما يقتل شعبه الذي خرج يطلب الحرية كما يفعل الحزب.
بانخراطه المباشر، وقبل ذلك دفاعه عن النظام السوري يمكن القول إن حزب الله قد أصبح عدوا في نظر غالبية العرب والمسلمين (باستثناء الغالبية الساحقة من الشيعة)، تماما كما هو حال سيدته إيران، وهي خسارة لن يجبرها بقاء النظام، فكيف وهو سيسقط لا محالة، طال الزمان أم قصر؟
المصدر: رابطة أدباء الشام
أبو أمجد
محمد أحمد بكور
عبد الرحمن الراشد
أفق أولوطاش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة