موسى الزعبي
تصدير المادة
المشاهدات : 7128
شـــــارك المادة
لم يكن لاتفاقية سايكس – بيكو السرية التي رسمها كل من الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس عام 1916 بدعم من روسيا القيصرية أن ترى النور وتطوي حقبة تاريخية طويلة من حكم الإمبراطورية العثمانية حوالي خمسة قرون لولا دعم العرب -عن حسن نية – لأصحاب هذه الاتفاقية الذين كانوا يضمرون لهم الشر ويظهرون عكس ذلك
ولم يكن ليتم لهم هذا الأمر لولا غزو العرب فكريا منذ سنوات وعقود بالأفكار القومية والعروبية والحزبية ليكون يوم 6أيار 1916 ذروة الحمية لديهم ضد القومية التركية ولم يكن لاحتجاج العرب بمراسلات الشريف حسين – مكماهون أن تؤيد هذه الاتفاقية بعدما سيطروا على فكرهم بجدران القومية والعروبية وغيرها من الجدران وهي نفس الحيل التي استخدمتها إميريكا لاحقا لإنهاء الاتحاد السوفياتي وذلك بإحاطة الشيوعية بجدار الدين حيث دعمت القاعدة بدء وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي أحاطت الدين بجدار الإرهاب للتخلص من القاعدة وهذا شأنهم حتى الآن واستيقظ العرب صبيحة الحرب العالمية الأولى على خديعة اتفاقية سايكس – بيكو ولكن الشعب لم يستسلم للأمر الواقع وقتها وثار العرب والسوريين ضد الاستعمار الجديد ولجأ الاستعمار الفرنسي بسوريا لأساليب وخدع وجدران جديدة للقضاء على الثورة السورية وذلك من خلال زرع بذور الطائفية بين أبناء الشعب السوري وتقسيم سوريا لدويلات بناء على البعد الديني والطائفي بعدما يأس من وحدتهم الوطنية وبدأ يفاضل بين أبناء الشعب الواحد ويدعم الأقليات ليس حبا بها ولكن تنفيذا لمخططه الخبيث وذلك بترقيتهم بكل مناصب الدولة ليشق الصف واللحمة الوطنية فقام بإنشاء جيش المشرق الذي كان أغلبه من الأقليات حيث كانت البرجوازية السنية في كل من دمشق وحلب تزدري العمل بالجيش وتنأى بأبنائها عنه وغافلة عن مكايد وخبث المستعمر وهذا حالها اليوم وحين خرج المستعمر الفرنسي من سوريا عام 1946 كانت سوريا حبلى بما تركه هذا المستعمر من أمراض اجتماعية ويقول القنصل البريطاني حينها لقد أفسدت فرنسا الأقليات بسوريا بتمييزها عن الأكثرية حيث ولدت لديها عقدة الاضطهاد حيث لم يستطع السوريين تشكيل أول حكومة بعد الجلاء إلا من المستقلين التي سقطت خلال بضعة أسابيع حيث تنافس على أول برلمان سوري حوالي 2000 مرشح من أجل 140 كرسي بالبرلمان وكان تعداد السكان حينها لايتجاوز4 مليون فما بالكم اليوم !!! وسبب ذلك التركة الفرنسية حيث كان السوريين يواجهون الاستعمار بوحدتهم الوطنية غير مدركين لما يبذره هذا الاستعمار الخبيث من بذور الفتنة والطائفية استعدادا لخروجه مذؤوما مدحورا فوجد السوريين أنفسهم أمام صراعات جديدة أيدلوجية وطائفية وعرقية التي عمل على تعزيزها لاحقا نظام الأسد المحتل الذي عمل على نفس وتيرة المستعمر الفرنسي فعاش السوريين بين فترة الجلاء الفرنسي وحكم البعث بانقلابات متكررة حسب تغير التوازنات الدولية ودعمها للأيدلوجيات المختلفة حيث كانت بعض القوى السورية تتبع المعسكر الشرقي وبعضها الغربي وبعضها السعودي والمصري حتى اتفقت القوى الخارجية على تغيير سياستها بمنطقة الشرق الأوسط حيث تعبت من الحروب التقليدية فزرعت دكتاتور ونظام عميل بقلب العالم العربي والإسلامي وإعطاء استقرار وهمي قائما على عامل الخوف وإضفاء صفة الوطنية والممانعة على هذا النظام ليبقى أطول فترة بالحكم خادما لمصالحهم متمترسا بثنائية الوطنية – المؤامرة للقضاء على كل معارض وطني وشريف يقف ضده وهذه الأيام بينما السوريون منشغلون بإسقاط هذا النظام وينادون واحد واحد ، سيجدون أنفسهم كحالهم حينما تركهم الفرنسيون مثقلون بالأمراض الاجتماعية والانتماءات الأيدلوجية المختلفة والتبعية للخارج بين معسكر إيراني وروسي وغربي أمريكي وتركي قطري وعربي حيث النظام علم عين اليقين أنه زائل ولكنه لن يترك السوريين يعيشون بهناء وهو بالمنفى إن استطاع الهروب فهو يعمل على زرع بذور الطائفية والحرب الأهلية و التشويه الجسدي والنفسي بالاغتصاب وغيره الذي سيلاحق صاحبه مدى حياته والأنكى من ذلك كله غربلة الجيش بوضع جنود الأغلبية الطائفية بالحواجز والمواجهات لا لتشكيل جيش مشرق جديد كما فعل الفرنسيون ولكن لتشكيل بيئة خصبة لجيوب وعصابات إرهابية على غرار حزب الله من الشبيحة تتبع لإدارة ولي الفقيه استعداد لما بعد سقوط النظام لتبقى مصدر فوضى وتهديد للوطن ، كما حالهم بالماضي بغزو المدن والفرار و التمترس بالجبال ومخطأ ، وجاهل من يعتقد أن من يدير اللعبة بسوريا غير حكومة إيران الطائفية و العنصرية ضد العرب ، فرغم اغتيال خلية الأزمة لم تتغير سياسة النظام ولن تتغير إلا بقتل رأس الأفعى بطهران وموسكو والغرب قادر على ذلك حيث المعارضة الإيرانية والروسية بيده وقادر على تحريكها متى شاء ، حيث لا تكترث حكومة طهران لتدمير سوريا وشعبها العربي بقدر مايهمها مشروعها الطائفي والعرقي. و يخبرنا التاريخ أنه من يشعل الحروب العالمية أحمق ولكنها تحتاج عظماء ودول ليطفؤوها فهل يكرر التاريخ نفسه ويستيقظ السوريين غداة سقوط المسخ بشار على بركان من هذه المصائب والتجاذبات ويجدوا أنفسهم عاجزين أمام تشكيل أول حكومة وحدة وطنية لحفظ الوطن كما كان حالهم غداة الاستقلال الأول قد تكون الحقيقة مرة ومؤلمة أحيانا ولكن لابد من قولها وتكرارها فالذكرى تنفع المؤمنين..
المصدر: سوريون نت
خالد الدخيل
محمد زاهد جول
رضوان السيد
عدنان هاشم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة