..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التدخل الخارجي ومشروعيته الأخلاقية

محمد حسن السوري

٢٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3184

التدخل الخارجي ومشروعيته الأخلاقية
1.jpg

شـــــارك المادة

حدث أثناء تقسيم يوغسلافيا السابقة أن قامت أوربا والمجتمع الدولي عموما بحظر السلاح على الطرفين المتحاربين (الصرب - والبوسنيين) وفرضت عدم التدخل الخارجي، وهي عملية ظاهرها حب للسلام والعدل، ولكن باطنها يخفي شرا ومؤامرة؛ لأنهم يعرفون نتيجتها مسبقاً، فما الذي حدث؟

 

الذي حدث أن السلاح امتنع عن المسلمين في البوسنة أما الصرب فهم يسيطرون على دولة صربيا المجاورة وتحول كل سلاح يوغسلافيا لهم، أي أصبح الصرب مدججين بأقوى الأسلحة وفتكوا بالمسلمين العزل المحرومين من السلاح. وترتب على ذلك أن حدثت مجازر بالمسلمين يقشعر لها الجبين، وكان شعار المسلم وقتها لا تتعطف عليّ برغيف بل اسمح لي أن أحصل على سلاح أدافع به عن أولادي، ولكن هيهات فقد حاصرهم الجميع: الصرب من جانب والمجتمع الدولي من الجانب الآخر وتركوهم للاغتصاب والذبح كالنعاج. ثم اضطروا للتدخل على استحياء لإسكات منظمات حقوق الإنسان بعدما فاحت رائحة الهمجية والوحشية في قلب أوربا، وهذا ما يحدث في سوريا، شعب كل ذنبه أنه أعزل يستمتع بقتله الطائفيون، وكل ميزتهم أنهم مسلحون، ومع ذلك فإن الغرب ومعه الكثير من الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي تنادي بعدم التدخل الخارجي في سوريا، فماذا يعني هذا؟ إنه يعني عدم التدخل إلى جانب ثورة الشعب، ولكنه يترك المجال للتدخل الخارجي مسموحاً لدعم الطرف الآخر وهو عصابة النظام، حيث تتوالى إليه الأسلحة من روسيا والإمداد الخارجي من طائفيي إيران والعراق ولبنان، إنه يرتكب مجازر تضاهي مجازر الصرب وتفوق جرائم التتار.

لماذا يكون السلاح والإمداد من الخارج للثوار تدخلاً خارجياً، أما السلاح الروسي والإمداد الإيراني لعصابة النظام لا يعد تدخلاً خارجياً؟ إذن فنحن الثوار نطالب من يتبجح بعدم التدخل الخارجي، أن يوقف أولاً الدعم والتدخل الخارجي لصالح النظام وأن يكف النظام عن الاستقواء بالأجانب سواء من روسيا أو الإيرانيين وأذنابهم كجيش المهدي وحزب الله. إذ ليس من العدل أن أحرم الشعب الأعزل من التسلح بعدما ثبت أن النظام يقتله ويستقوي بالأجانب من أجل ذلك. فمثلا أنت لا تتدخل ببيت جارك لو أدب أو عنف أولاده بدون إجرام، أما لو سمعت جارك الأهوج داخل بيته وهو يحمل سكينا ويذبح أبناءه واحداً تلو آخر، هل من القانون أن أقول: إن للبيوت حرماتها، وأتجنب التدخل وإنقاذ المظلومين؟ القانون يحاسبك لو فعلت ذلك. ثم إن السلمية وعدم التسليح ينفع مع أنظمة متحضرة تنتمي للبشرية، ولا تنفع السلمية مع وحوش قد تقمصوا بشكل البشر وتجردوا من كل ضمير أو إحساس، فمثلاً هل كان العرب قد طردوا هولاكو والتتار لو قاموا بمظاهرات سلمية، إذن لرأينا التتار بيننا حتى الآن يتمتعون بذبحنا ويضحكون على سذاجتنا، كذلك هم الصرب، وكذلك هم الأشد همجية منهم عصابات نظام الأسد الطائفية المدججين الذين يذبحون العزل وهم يقهقهون منتشين بالنصر، إنهم يفتخرون بشرب الدم، ويصرخون: يا بشار لا تهتم، نحن رجال نشرب دم، وقد حدث هذا كثيراً فمثلاً عندما كانت السلمية في اعتصام حمص في ساحة الساعة قتلوهم كالعصافير ولم يهتز لهم رمش وهم يرقصون على جثث الشهداء، مع أنه لو كان هناك مسلح واحد بين المعتصمين لما تجرأ الجبناء على الاقتراب.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع