خالص جلبي
تصدير المادة
المشاهدات : 7508
شـــــارك المادة
1 ـ ما يحدث في سوريا هو حدث القرون، أي لا يحدث إلا في الألف سنة مرة واحدة، وهذا يعني أن أي عودة للوراء معناه الدخول إلى أرض العبودية من جديد، وبئس المصير.
2 ـ عوائق نجاح الثورة كثيرة، ربما كان أهمها ورقة الطائفية، ورعب الأجهزة الأمنية، وفقيه السلطة من أمثال البوطي، وواعظ السلطان من أمثال الحسون بدون حسن، ومثقفو السلطة من أمثال أدونيس المتحدث باسم الحداثة المنكر خروج الجماهير من المساجد، وهي آخر معقل للمواطن؛ فهو يحاول ترقيع ما فتق، ولحاق القطار بعدما أقلع؛ فهو يؤيد أيضاً استقالة الطاغية مقابل دولة علمانية، وهذا يقرره الشارع وتفرزه الثورة، وأهلاً بالتائبين. ومن عجيب العوائق؛ إسرائيل المتعاطفة مع النظام المافيوي، والتي تخشى من انتقال الفوضى إلى حدود بني صهيون بزعمهم، وهو ما حافظ على فردة حذاء البعث الثانية أن لا تطير مع الزلزال العراقي، فهي تحافظ عليه بعد أن أمَّن لها الجولان هادئاً ثلاثين حولاً، فلعلها أن تأمن ثلاثين أخرى! ولكن أخطر عائق في وجه الثورة وليس من عدو أفظع أن تخسر صبرها فتنزلق إلى مستنقع الطائفية، أو حمى التسلح والمقاومة العسكرية فتخسر خسراناً مبيناً حتى لو ربحت. إن خسرت عاشت في العذاب المهين في ظل آل الأسد يذبحون أبناءكم ونساءكم وفي ذلكم ابتلاء من ربكم عظيم. وإن نجحت ارتهنت إلى السلاح ومن يموله، لذا كان أفضل سلاح.. لا سلاح.. بعد أن وصل العالم الأول إلى معادلة تحييد السلاح حين وصل إلى سقف القوة بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، فهو يبيع السلاح بلا أخلاقية لمناطق تحكم فيها عصابات مسلحة من نوعية عائلة الأسد مسلحة حتى الأسنان والأظافر بكل سلاح تنتجه مصانع روسيا وبرلين ودترويت. 3 ـ الثورة هي علاقات جديدة بين البشر في الخلاص من القوة، وبناء مجتمع توحيدي مقابل مجتمع القوة الوثني. المجتمع الوثني محوره القوة، وصورته عبادة الأصنام الحية والميتة، فتزعق الجماهير الوثنية بالدم بالروح نفديك يا أبا الجماجم. وعموده الفقري الإكراه، ودمه الخوف والإذعان، ووسطه الكراهية، مرتداً إلى الإكراه والقوة من جديد. مقابل مجتمع التوحيد الذي تحكمه الفكرة، والطاعة في المعروف، والمعصية في الإثم والعدوان، دمه الحب، ولحمته عبادة الرحمن. وما تفعله الثورة هو اقتلاع سرطان وليس مقاومة احتلال. 4 ـ الفرق بين الاحتلال الخارجي والاستبداد الداخلي مثل التهاب الجلد السطحي وسرطان الميلانوما، الأول مؤلم واضح سريع البداية والنهاية ومعالجته سهلة، والثاني غامض البدء خبيث السير غير مؤلم، وحين الانتباه إليه يصبح متأخراً جداً قد يأخذ بصاحبه إلى الموت كما روى لي صديق حميم ابتلي بهذا المرض الخبيث فهو يودع.. النظام السوري المافيوي هو سرطان معالجته جداً نازفة كما نرى في أنهار الدماء في درعا وتلبيسة وجسر الشغور وتل كلخ ودير الزور وحماة التي ستكون فيها معركة الحسم وكسر العظم. 5 ـ الحرب الإعلامية ليست أقل من عشرات المظاهرات، والبارحة من كندا كانت عفراء جلبي على الإذاعة الكندية الرسمية (CTV) تتكلم بلغة رائعة وألفاظ واضحة وفكر متألق عن مصير الثورة وعلى نحو احترافيk مما يجعلنا نثق بنجاح الثورة مع وجود هذا المستوى العالميp، فلم تعد معركة في الظلام يقتل فيها عشرات الآلاف. وليس من سمع ورأى وأخبر.. 6 ـ يجب أن نعلم أنها حرب بقاء. ولذا؛ فإن النظام يحاول استخدام أي وسيلة مشروعة وغير مشروعة للبقاء مستريحاً على ظهور العباد إلى الأبد مخالفاً طبيعة الطبيعة. إذا سمعنا فتاوى البوطي، وترهات وزير الخارجية المكتنز بالشحم والخطايا، وصمت ماهر الأسد، وإعلان المخلوف إنه لم يعد يخالف، وظهور شحادة وصوان والحاج وطالب وبثينة الصحاف يكذبون فهي حرب يجوز فيها القتل والسحل والكذب واقتراف كل المحرمات طبقاً لقوانين المخابرات السبع، مثل: أبواب جهنم السبعة لكل باب منهم جزء مقسوم. 7 ـ كل مفاوضة مراهنة خاطئة وهي محاولة كسب الوقت لنظام يترنح في سكرات الموت، كما أعلن وزير الخارجية السمين بالإعلان قريباً عن قانون الانتخابات (حرة ونزيهة قبل نهاية 2011م)، وهو من أعلن غياب أوروبا من خارطة العالم، ويمكن أن يكرر فيقول لنعتبر أن حماة غير موجودة، ويمكن أن ينقلب على عقبيه فيقول لنعتبر أن الانتخابات ألغيت!. قد يلفظ النظام أنفاسه وقد يعمد إلى أسلحة جديدة بإخراج البارودة الغليظة بتعبير بعض العميان، قد ينتهي في رمضان وقد لا ينتهي، ولكن الشيء الأكيد الجماهير كسرت الأغلال، وأن أجله اقترب.. {وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}... 8 ـ علينا فهم معادلة المنطقة بين إيران وحزب الله وتركيا وأوربا وأمريكا وإسرائيل. انتصار الثورة في سوريا يعني هز سرة العالم، وتداعي نظام الملالي في إيران وامتداداته إلى لبنان. حزب الله أهلاً به مقاوماً لإسرائيل؛ فيجب عدم خلط الأوراق، ولسوف يستفيد من الثورة السورية صدقاً وعدلاً ويتعامل مع الشعب السوري الحقيقي غير المزيف من النظام المافيوي الحالي. فيما يتعلق بإيران سوف تنتقل روح الثورة إليها أيضاً تحريراً من مصيبة الملالي المتجمدين في مربع الزمن عند معركة صفين وقصة السرداب وبعث الأموات بعد ألفي سنة؛ فيجب مد اليد لقوى الثورة عندهم وهم جماهير كثيرة من أجل إدخال إيران إلى صفنا؛ {والعصر* إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا..}. تركيا ليست سحراً.. وعلينا أن لا نعول عليها كثيراً، ظهر ذلك في تناقضات التصريحات، ويجب أن نعذرهم، وعلينا أن لا ندخل في لعبة نفوذا القوى بين تركيا وبلاد فارس، وما ينتظر العرب مستقبل وضيء لحرية العرب جميعاً، ومعهم شعوب المنطقة؛ فيدخلوا مسرح التاريخ في العشرين سنة القادمة. 9 ـ على الأكراد أن لا يقفوا أمام الكلمات والشعارات واسم الجنين القادم فقد نضيعه فيموت بحماقاتنا، والعبرة ليست اسم الدولة بل كمية العدل المتحقق، انظروا إلى كندا التي أكتب منها فيها كل الأقليات والمذاهب والنحل والملل والطوائف والأديان. ربما يجب أن تسمي نفسها سوريا مثل كندا. سوريا وبس.. 10 ـ على الأقليات من مسيحيين وعلويين ودروز وسريان وأرمن وشراكسة وآشوريين ونسطوريين ويزيديين وإسماعيليين أن يطمئنوا إلى روح الثورة السلمية، وسوف تبقى كذلك، ولن تنجر إلى مستنقع المهرج الليبي. الانتفاضة ليست في وجه أقلية وطائفة، وإن كان بعض منهم راهن بمستقبله مع هذا النظام الإجرامي خوفاً وطمعاً وجهلاً وتجنيداً، ويعلمنا الرب دوماً أن لا نعمم منهم الصالحون، ومنهم دون ذلك كانوا طرائق قدداً. وأذرع النظام هي مزيج من أناس شتى باعوا ضميرهم للشيطان، بمن فيهم فقهاء اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً.. علينا إذا أن نضع يداً بيد من أجل بناء سوريا المستقبلية بحرية وعزة وعلم وسلم.. أخيراً: وكطبيب في جراحة الأوعية الدموية أنصح في موضوع معالجة الإصابات الانتباه إلى بضعة أمور ولعلها تحتاج مقالة مستقلة: ـ كل نزف يعالج بالضغط عليه.. ليس فوقه ولا تحته بل فوقه بالضبط منعاً لمزيد من النزف، فكل نزف يهدد الحياة. ـ كل إصابة في العمود الفقري يجب فيها التثبيت وكذلك الكسور.. ـ كل جرح سطحي لم يصب وعاءاً دموياً يجب فيه التطهير ولو بالماء والصابون، ولم أطراف الجرح بأي وسيلة. ـ كل اختناق يجب فيه تحرير الطرق التنفسية، وفي حال الاستلقاء أن يرفع الفك العلوي للأسفل باليدين تمريراً للهواء.. ـ كل فقد في الدم يعوض بالسوائل؛ إن لم يتوفر الدم وبسرعة خوفاً من دخول حالة الصدمة. ـ محاولة حقن مضادات الكزاز في الإصابات الملوثة، وتناول المضادات الحيوية في حالات الالتهاب إن توفرت. المهم جداً المحافظة على نظافة مكان الإصابة حتى لا يلتهب الجرح.. ـ كنت أتمنى أن أكون معكم في الميدان بخبرتي -وقد يحصل هذا قريباً- فأسعف المصابين بعد أن مارست هذا الفن قريباً من أربعين عاماً.. أخيراً: وأنا أسمع قصص بشار وماهر وإلى أين يقودون سوريا؛ طالعتني هذه القصة من كتاب القوة لروبرت غرين، فلنتسلى بها في ظل ألم وأمل سوريا. في ليلة مظلمة غارت نجومها تسلل خلدان تحت جنح الظلام من باطن الأرض إلى الغابة.. وكانت البومة جالسة على غصن شجرة بلوط فصاحت بهما: أنتما؟ فارتجفا في خوف وذهول كيف يمكن لكائن أن يرى في الظلام!! فقالا: من أنت، وكيف اهتديت إلينا؟ فصاحت البومة بأشد: أنتما الاثنان؟ هرع الخلدان إلى حيوانات الحقل ليخبرا أن البومة هي لا شك أعقل الحيوانات وأعظمها حكمة لأنها تستطيع الرؤية في الظلام، ولأنها تستطيع الجواب على كل سؤال. قام طائر كبير يقتات على الزواحف وقال: سنرى حقيقة الأمر؟ ثم إنه جاء إلى البومة فزارها في ليلة مظلمة أخرى وسألها: كم مخلباً أخفي؟ أجابت البومة اثنان. وكان ذلك صحيحاً. فسألها من جديد: هل يمكن أن تعطيني بدلاً عن كلمة أي بتعبير آخر؟ قالت: المسألة بسيطة.. فيمكن أن تقول: ذلك هو؟ رجع الطير إلى الحيوانات فصرخ بأعلى صوته أن البومة فعلاً سيدة الكائنات حكمة وعقلاً لأنها ترى في الظلام، ولأنها تجيب على كل سؤال مهما كان عويصاً وغامضاً؟ انبرى ثعلب أحمر فسأل بخبث: ولكن هل تستطيع البومة أن ترى في ضوء النهار كما ترى في حلكة الليل؟ ردد كلب صغير وسنجاب معه: نعم أجيبونا على هذا السؤال؛ فهل ترى في ضوء الشمس ما تراه في عتمة الليل؟ نظر الطائر وجماعته إلى السؤال السخيف وقالوا بعد أن أيقنا أن البومة فيها ما يشبه الصفات الإلهية: تسألون أنتم إن كانت ترى في النهار.. تباً لكم ولما تقولون.. ثم إن حيوانات الغابة قامت بحملة تطهير فطردوا الثعلب وجماعته من الغابة، فتطهر الجو من المعارضين المزعجين؟ ثم إن حيوانات الغابة أرسلت في طلب البومة أن تكون زعيمتهم إلى الأبد.. فلما أن جاء البشير بوصول الملكة الجديدة كانت الشمس قد سطعت وأشرقت الأرض بنور ربها، إلا أن البومة أخذت تسير ببطء في وهج الشمس مما أعطاها المزيد من الوقار فصاحت الحيوانات: بالدم بالروح نفديك.. وهمسوا إلى بعض إنها الزعيمة المفداة لا شك ولا ريب. وازدادوا في هتافاتهم وصاح البعض: إنك تصلحين أن تحكمي العالم! وكانت البومة أثناء هذا تحملق بعينين واسعتين مبحلقتين فيما حولها!! فصرخت دجاجة: إنها إلهة؟ فالتقط الآخرون الصرخة وزعقوا بما أوتوا من قوة: إنها إلهة.. نفديك بالدم بالروح.. وتبعوا البومة حيث ذهبت وحيثما اصطدمت بالأشياء اصطدموا ولم يبالوا. وأخيراً وصلوا إلى شارع عريض والجماهير تتبع البومة وتهتف بالدم بالروح نفديك يا بومتنا الغالية. وأثناء هذا لاحظ صقر اقتراب شاحنة تنهب الأرض بسرعتها من الطرف المقابل فصاح بطير كبير مرافق للبومة: انتبهوا إن الشاحنة في الطريق إليكم وأنتم في خطر عظيم؟ قال المرافق: هناك خطر قادم أيتها القائدة الملهمة؟ قالت البومة: وذلك هو؟ فأخبرها بالشاحنة الهاجمة فلم تبالي.. فسألها: ألست خائفة؟ قالت: وممن؟ وكانت هادئة لأنها لا ترى شيئاً.. فصاحت الجماهير بصوت مبحوح إنها إلهة؟ واستمرت في ترداد الهتاف حتى ضاع بين أصوات الدهس وهي تعمل قتلاً في الجماهير العمياء.. فهرب من هرب، وأصيب البعض بجروح بالغة ولكن الأكثرية قتلت. وعالم العروبة فيه الكثير من هذه الأمثلة.. وليس بشار وبن علي ومبارك وصالح والمهرج الليبي سوى رأس جبل الجليد. يقول روبرت غرين في كتابه (شطرنج القوة) تحت القاعدة 27 عن القيادات المضللة: أن في الناس رغبة جامحة للإيمان بشيء فيستغلونها بالتشديد على الحماس أكثر من العقلانية والتفكير الواضح ويصبح الزعيم معبوداً معصوماً من الخطأ إلى يوم الزلزلة. {وما أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين}. وهذا ما سينتهي إليه مصير طبيب العيون المصاب بقصر النظر.. وكذلك مصير البوطي الذي أرسل له صائم هذا السؤال: شيخنا هل يفطر من يأكل رصاصة؟؟.. والطغاة يتبعهم الفقهاء ألم تر أنهم في كل مصيبة يقعون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
نجاتي طيارة
عابدة فضيل المؤيد العظم
مجاهد مأمون ديرانية
عبد المنعم زين الدين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة