..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

من ساحة الشهداء في طرابلس الحرة

محمد علوش

٤ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4407

من ساحة الشهداء في طرابلس الحرة

شـــــارك المادة

لقد دمعت عيوني فرحة وارتجف فؤادي من عظمة تدبير الباري -جل في علاه-؛ يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، تذكرت خطاب القذافي أنه لما أطل عليهم من سور القلعة وهو يقول: أنا العزة، أنا الكرامة والمجد، حولوا ليبيا نار جمر حمرة، سلحوا القبائل، غنوا وارقصوا... ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وها أنا ذا في ساحة طرابلس -الساحة الخضراء- أتنفس هواء الحرية العليل ولا أصدق نفسي!! فسألت بصوت مرتفع لمن معي: هل أنا في الساحة الخضراء؟ فرد علي أحد الثوار الأحرار من الليبيين غاضباً: (هذه ساحة الشهداء لم تعد الساحة الخضراء متاع القدافي). فاعتذرت منه بأنني لا أصدق عيني أنها تغيرت!


فلك الحمد يا ربنا ما أعظمك ما أقدرك ما أعدلك سبحانك! تؤتي الملك من تشاء، وتنزعه ممن تشاء!
في هذا الموقف الجليل تذكرت خطاب القذافي لما أطل عليهم من سور القلعة في هذه وهو يقول: أنا العزة، أنا الكرامة والمجد... حولوا ليبيا نار جمر حمرة، سلحوا القبائل، غنوا وارقصوا.. وهو يعتقد أنه خالد مخلد، وأن شعبه جرذان وصراصير.. فأهلكه الله ومكن لعباده؛ {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ  * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: 5-6]. فهلك هو، والنار التي هدد بها عادت عليه فأحرقته في الدنيا قبل الآخرة. خرج من مجاري الصرف زاحفاً على أربع فصار عبرة لكل معتبر.. لكن الطغاة أغبياء بامتياز، لا يفهمون إلا بعد فوات الأوان وذهاب القطار.
فأردت أن أرسل رسالة إلى بشار.. نعم رسالة إلى بشار قلت فيها وعلى الإعلام الليبي وأمام المتظاهرين:
أقول لك يا بشار: تذكر قول صديق أبيك المقبور، وصديقك الهالك القذافي.. أقول لك: ارحل قبل أن تسحب على وجهك، والله إني لأرى مصرعك كما رأينا مصرع القذافي الطاغية. ارحل فلست أكثر منه قوة وعتاداً! ارحل وأرح بلدك ومواطنيك من عواقب الدمار.. يا بشار: أنت راحل راحل شئت أم أبيت، فانج بنفسك قبل فوات الأوان..
ثم تراجعت عن نصيحتي لا.. لا.. لا ترحل نريدك أن تبقى ونحن سنأتيك حتى نشفي صدور المنكوبين منك، ونأخذ منك حق الأطفال ونبرد صدور الأمهات والأيتام والأرامل، فلو بيد الشعب الحياة والموت ساعتها لانتقموا منك بكل قتيل ألف مرة، لا، لا نريدك أن تنجو أنت وزبانيتك نريدها عبرة لكل معتبر كما القذافي، نريدك عبرة لكل من يفكر أن يقتل شعبه وأن يقنص براءة الطفولة.. كيف تنام كيف تأكل وأنت تأمر بقنص الأطفال؟ لا أجد لك كلمات أصفك بها إلا قوله - تعالى-: {{وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 15-17]. هذه رسالتي لك، ونريد أن تصير إلى هذه النهاية بعدل الله وحكمه، وحتى تستحق هذا العذاب العظيم لا بدّ أن يكون جرمك بعظم هذه المنزلة، وليتخذ الله منا شهداء أحبهم ورفع مكانتهم بغير عمل عملوه، فأنالهم الله الشهادة وليكونوا منارات تضيء دروب الحياة لنا.
نعم، أنا في ساحة الشهداء لم آت سائحاً وإنما حضرت هنا بدعوة من أحرار ليبيا ومجلسها الانتقالي وحكومتها الكريمة لنوقفهم على حجم مأساة الشعب السوري؛ فأكرموا وفادتنا غاية الإكرام، وما أن عرضنا عليهم ما يعانيه شعبنا الصامد من نظام الأسد المجرم إلا وجدنا استجابة سريعة في القرار بمنح الشعب السوري مبلغ 100 مليون دولار يصرف بإشراف ليبي، وهذا أفضل لنا وللشعب السوري.
هنيئاً لشهداء ليبيا أرض شيخ المجاهدين عمر المختار - رحمه الله -، وهنيئاً لشهداء سورية وشهداء أمتنا هنيئاً لهم المنازل العليا في الجنان -بإذن الله-.. ولتكن دماؤهم لعنة على جلاديهم إلى يوم الدين..
لقد رأيت آيات وعبراً عظاماً في ليبيا، واكتشفت شعباً طالما ظلمناه برؤية وجه الطاغية القذافي، وجدت شعباً فيه دين عظيم وعروبة خالصة وكرم أخلاق عز نظيرها، يرفض الشكر على الجميل لأنه يعتبره واجباً.. يا رب فاحفظ لهم نصرهم، وأمن لهم ديارهم، وأدم عزهم، وارفع شأنهم، وول عليهم خيارهم..
هنيئاً لكم بل هنيئاً لنا نصركم والعقبى لنا –بإذن الله-.
شكراً من القلب ليبيا الحرة فلا أملك لكم باسم اليتامى والثكالى والأرامل إلا الدعاء والثناء..

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع