عبد العظيم محمود حنفي
تصدير المادة
المشاهدات : 3934
شـــــارك المادة
لم يعد ممكناً أن يقف المثقف خارج أحداث العصر، لم يعد كافياً أن يجلس المثقف على مقعده المريح ويحتج على رائحة الجثث البشرية التي يشمها. إن المثقف وحده هو القادر على رؤية المعنى الكامن والجوهري وراء تفاصيل الجرائم المتراكمة التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه.
ووضع هذه التفاصيل داخل الإطار الكلي العام للإنسان والعالم، المثقف وحده هو القادر على الرؤية الشاملة للأحداث في سورية. ولذا فان مسؤوليته مضاعفة في كشف كل الأقنعة وفي إبعاد دخان الزيف والمراوغة التي يثيرها بها نظام يقتل شعبه، بهدف تعرية الأشياء والعلاقات تعرية كاملة واضحة في جانب الصدق والحق والإنسان.
لقد أصبحت مهمة المثقف تتلخص في كشف طبيعة الدوافع والقوى التي تحرك جرائم النظام بشكل واع وبحدس شفاف قادر على رؤية الأبعاد الحقيقية، تتلخص في اكتشاف أسباب الخلل التي تجعل فرداً واحداً وأسرة واحدة وزمرة واحدة تقود سورية إلى هذه الاضطرابات العنيفة واللا إنسانية والى فقدان التوازن المطلق، وفي المحاولة الجادة المخلصة من أجل استرجاع توازن سورية وقدرتها على الاستمرار في أداء دورها الحضاري الذي سلبته قوى الظلام والحقد والقتل للطاغية وأسرته. لقد أصبح المثقف ضمير العصر الذي يعيش فيه، وهكذا يجد المثقف نفسه ملتزماً بالضرورة بالإنسان والحياة، التزام بمعناه الرحب، التزام شامل بالإنسان وبالخضرة والعشب وبكل تفاصيل الحياة. فباختياره طريق الشعر الصعب ألقى على نفسه مسؤولية ضخمة، وهي مسؤولية تفسير ما يحدث من مجازر في سورية وتغيير هذا الواقع. أصبح على المثقف أن يقف إلى جانب الثورة السورية والحرية الإنسانية، وأن يرفع صوته عالياً في وجه هؤلاء الذين يرغبون في تحطيم كل المنجزات الحضارية والثقافية والإنسانية في سورية. عليه أن يرفع صوته عالياً وبشجاعة وأن يتحمل بكبرياء مسؤولية اختياره طريق الحق والحرية. إنني أشعر بالثوار السوريين يقولون عن حال كل مثقف وفنان حر إزاء النظام الغاشم، عندما ابتدأت أرى كل شيء قالوا حدثت جريمة قتل، وعندما ابتدأت في البحث عن الفاعل قالوا "خائن" وعندما سألت ماذا تقصدون?، القوا بي على السلم. وعندما تحاملت وسألتهم ثانية، سمعتهم يقولون: أطلقوا الرصاص عليه، مثل هذه النهاية يتلقاها كل مثقف وشاعر وفنان ومفكر وصحافي ثائر في طريق كفاحه من أجل اكتشاف الحقيقة وإلقاء الضوء عليها في سورية من دون توقف، ومن هنا كان استهداف النظام القمعي الأسدي لكل هؤلاء المدافعين عن حق الشعب السوري في الهتاف للحق والحرية والكرامة الإنسانية. لقد أبدع النظام القمعي الأسدي في أساليب العنف والوحشية، حيث قام بحصار مدن كاملة سماها المدن الإستراتيجية والفتك بها، وأضحت عملية القتل الجماعي هي القاعدة في سورية. إن العالم كله يرى ويقرأ ويسمع عن الفظائع والأهوال التي يرتكبها النظام الأسدي في حق شعبه، العالم كله يشم رائحة الشواء البشري والجثث المتراكمة تحت الأنقاض، لكن في داخل السوريين فكرة حية مشتعلة، أن الحرية والكرامة هي المستقبل الحتمي وهذا الحق الغالي عندهم يحققونه بصعوبة وبمعاناة. إن قلب العالم الحر يدق في سورية حمص ودرعا وحماة وإدلب ودمشق وحلب، إن المثقف مطالب بالثورة على كل ما يطرحه النظام الغاشم من زيف، وأن يضع المرآة أمام وجه حماة الديار الذين يهدمون الديار على شعبهم الذي يدفع مرتباتهم مبيناً لهم ولمعلمهم و(شبيحهم) الأكبر بشاعة الوجه الذي يضج بالكراهية والحقد. إن الشعب السوري البطل الذي قاوم التتار والمغول والصليبيين والاستعمار وناضل ضد قوى القهر والاستبداد والاستعباد، يقف بكل قواه ضد الطاغية ونظامه، بكل اعتزاز بالأرض وبالحياة ساخراً من قنابل الطاغية وصواريخه وداناته ورصاصاته. إن فكرة الثورة والحرية والكرامة والإيمان بالنصر هي كل ما يملكه الشعب السوري الأعزل، هذه الفكرة التي يفتقدها ويزيفها النظام القمعي الوحشي، وفي قصة القطة والأسماك لعبرة أرادت قطة صيد السمك، سبح السمك في البحر، اغتاظت القطة وقالت: لو أن البحر يحمي الأسماك، إذن يجب أن أشرب البحر كله، حينئذ لا يقدر للبحر أن يحميها، عند ذلك فقط أرجع للمنزل، فتحت القطة فمها لآخره، وقفزت في البحر الثائر، ابتدأت في الغرق في الحال، وانهارت شجاعتها كلية، لقد ابتلع البحر كل هذه القطط المجنونة العمياء بكل حماقتها وهوسها وهي ترقص رقصة القتل. وهذا هو مصير طاغية النظام وقواته و(شبيحته).
المصدر: السياسية
عبد الكريم بكار
أحمد بن فارس السلوم
مدونة صبا قلبي
ماجد العبد الجبار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة