ميمونة جنيدات
تصدير المادة
المشاهدات : 9431
شـــــارك المادة
لقد أظهرت الثورة السورية للعالم وجوهاً مشرقة وملامح فريدة متميزة، ولعل أكثرها نضارة وإشراقاً هو: * قصة الصمود الأسطوري لهذا الشعب، رغم أن جميع المعطيات التي تحيط به هي حزمة من المثبطات والمعوقات والمحبطات والرسائل السلبية التي تبعث على انسداد الأفق وخفوت بصيص الأمل.. ولكنهم (أهل الأرض المباركة)، ربطوا قلوبهم بموجد الأسباب، وصموا آذانهم عن سماع المرجفين، وأغمضوا أعينهم عن طوابير المتآمرين الحاقدين الذين جمعهم هدف واحد -سواء كانوا بين ظهرانيهم أو في دول الجوار أو خلف المحيطات-؛
هو إخماد صوت ثورتهم الهادر.... وصاروا ينظرون إلى واقعهم بنور البصيرة لا بنور البصر، حتى صاروا خير ممثل للآية القرآنية الكريمة: {الذين قال لهم الناسُ إن الناسَ قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}. فباتوا صابرين، في طريقهم ماضون لا يضرهم من خذلهم، يقودهم حسن الظن بربهم وصدق الاتكال عليه.... * وكذلك أحد الوجوه المشرقة لثورتنا؛ هو الأداء الإعلامي اللامع الذي كان له أكبر الأثر في استمرار الثورة واتساعها وصعوبة إخمادها، والذي كان متمثلاً بآلاف الفيديوهات التي فضحت جرائم النظام وفظاعاته، وسببت حرجاً للعالم المتواطئ معه فغير بعض مواقفه حرجاً لا شرفاً منه. وكذا التغطية الإخبارية التي بدأت بشاهد عيان وتطورت إلى عدد كبير من المراسلين بالصوت والصورة، والذين يمتلكون جرأة مذهلة وقدرة على توصيف الحدث واستنهاض الهمم. * وإحدى الملامح المشرقة لثورتنا هو هذا الكم الهائل من الإبداعات الفنية والأدبية التي ربما فاقت غزارة ما أنتجته سورية في عقود، سواء في مجال الرسوم المعبرة، والكاريكاتورات الساخرة، والأناشيد الثورية، والأغاني الحماسية، والأهازيج المعبرة والتي لا تخلو من روح النكتة والدعابة رغم شدة الآلام والجراح.. وكذلك الكم الهائل من المقالات والأدبيات والأشعار... بل وحتى اللافتات التي يرفعها الثوار تحتاج كتباً كاملة تتحدث عن آثارها ومدلولاتها ورمزيتها وتميزها. وكذلك الهتافات التي صدحت بها حناجر الثوار فأفقدت أركان النظام صوابهم فذبحوهم واجتثوا حناجرهم إسكاتاً لصوتهم، فتكفل ربنا بإيصال كلماتهم بعيداً عبر الأصقاع حتى صارت أهازيجهم ترددها ألسن عجم في بعض أنحاء العالم، بل وحتى كلمة حرية صارت تتردد في أرجاء المعمورة بلفظها العربي (حرية). * وأحد الوجوه النيرة لثورتنا هو ظاهرة الإيواء والتآخي والتكافل الاجتماعي التي عادت لتبرز بصورة مشرفة من جديد بعد أن كادت تتلاشى...!! فيأتيك شعور غامر بأن النصر بات وشيكاً عندما ترى المدن الكبرى حلب ودمشق تعمل ليل نهار كخلية نحل لإيواء النازحين، هذا يبحث عن بيوت، وذاك يجمع التبرعات، وآخر يحضر الطعام وغيرهم يحضر البطانيات والفرش والملابس رغم التضييق والملاحقات الأمنية، علماً أن النزوح الداخلي هو أضعاف النزوح الخارجي -والذي باتت تشكو منه دول الجوار وتطلب المساعدات الدولية-، في حين أن أهلنا في حلب ودمشق يشاطرون أخوتهم لقمة العيش لا يبتغون إلا القبول من ربهم الذي تجلت بعض حكمته في تأخير انخراط هذه المدن في الثورة. * ومن المظاهر المشرقة للثورة؛ هو تلاحم المغتربين السوريين مع بعضهم البعض، ومع أهلهم بالداخل بصورة تبعث على الفخر والاعتزاز رغم سنين الغربة الطويلة التي أنجبت جيلاً ثالثاً خارج الوطن، حيث وصفتهم إحدى الفضائيات التي اعتادت أن تعمل حملات تبرعات وإغاثة بأنهم أكثر الناس سخاءً وكرماً. لقد حملوا رسالة الثورة في مغترباتهم بجدارة، فمنهم من نقل الثورة إلى حيث يقيم بالتظاهرات والاعتصامات، ومنهم من قام بإيصال صوت الثورة ونصرة قضيتها بالمحافل الدولية، ومنهم من يعمل على جمع الأموال وإرسالها للداخل، ولعل أهم وأبرز أعمالهم هو إطلاق العديد من الفضائيات والمواقع والصفحات الالكترونية التي باتت تنبض باسم الثورة وصارت لسانها الناطق وصوتها المجلجل الذي هز أركان النظام. * ولعل أحلى صورة لثورتنا هو ذاك الشعور الذي لم نعرفه من قبل هو (أننا فخورون بكوننا سوريين). إن الصور المشرقة لثورتنا أكثر من أن يحصيها قلم متواضع مثل قلمي ولكن..... لثورتنا وجه آخر غير مشرق سأتناوله في المقالة القادمة في سلسلة تأملات ثورية.
عبد الكريم بكار
مجاهد مأمون ديرانية
أسرة التحرير
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة