..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الذين ذهبوا لنيويورك لاصطياد الأسد

عبد الرحمن الراشد

٥ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3168

الذين ذهبوا لنيويورك لاصطياد الأسد
56855.jpeg

شـــــارك المادة

الاعتقاد بأن مجلس الأمن بوضعه الحالي يعطي شرعية إسقاط النظام السوري، وهْم. والظن بأن قرار الجامعة الذي يتم تبنيه في مجلس الأمن فيه مفتاح الدخول إلى دمشق من خلال الحيل البلاغية، أيضاً وهم.

الحل استثناء؛ ليس في نيويورك، بل في مكانين فقط، القاهرة وسوريا. بإمكان الجامعة معاقبة النظام بعد هذا الكم المتزايد من الجرائم، وعمليات الإبادة الواضحة، واستهداف المدنيين الصريح، بطرد النظام السوري ومنح المعارضة حق تمثيل بلادها. الجامعة هي من يعطي الشرعية أولاً، وليس مجلس الأمن، هذا ما حدث عند مواجهة نظام صدام بعد احتلاله الكويت، وهذا ما فعلته الجامعة رداً على جرائم قوات القذافي باستهدافها المدن الليبية المتمردة.
أما قرار الجامعة الذي يظن القانونيون أنه سيمكنهم من صيد الدب السوري من ذيله فليس صحيحاً، بل وضعهم في مأزق، وهو الذي اصطادهم؛ حيث يعطيه أولاً شرعية البقاء، ويرفع الحرج عن الدول المؤيدة له مثل روسيا، والأسوأ أنه يتضمن ما يكفي من الوقت والجدل القانوني لحماية النظام والإبقاء عليه. القرار لا يقول من هي المعارضة التي تشارك في الحكومة. وبالتالي هذا جدل سيستمر لأشهر في أروقة الجامعة والأمم المتحدة؛ لأن أنظمة سوريا وإيران وروسيا حددت بالاسم المعارضة التي تعترف بها، وهم بضعة أشخاص تابعون لها. وثانياً، ما هي طبيعة المشاركة ومن المسؤول عن وزارات السيادة الأربع، الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، وماذا سيحل بأجهزة المخابرات الرهيبة؟ وهذا سيستغرق دهراً. وهو في ثناياه، يعطي شرعية للنظام مهما فعل، كما نرى الآن.
وحتى نصوص القرار العربي نفسها مكتوبة بصيغة توافقية لا علاقة لها بتصريحات الوزراء العرب، فهم يقولون إن على الرئيس بشار أن يتنازل عن صلاحياته لنائبه، وبالتالي يكون قد أخرج من الحكم وصار شخصية شكلية، صح؟ خطأ. النص المكتوب لا علاقة له بهذه التصريحات البتة.. «تفويض رئيس الجمهورية نائبه الأول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من أداء واجباتها في المرحلة الانتقالية». يعني أن بشار يفوض فاروق الشرع للقيام بالتعاون مع حكومة مشتركة مع المعارضة. أي صلاحيات تعاون لا صلاحيات إدارة البلاد. ومنصب رئيس الجمهورية مختلف عن صلاحيات الحكومة في سوريا، الأول فقط هو من يدير الوزارات الأمنية والعسكرية. أي أنه حتى المشروع الأصلي لا ينزع أنياب الأسد، وبالتالي نحن نثبت شرعيته المكسورة أصلاً، ونصادر منه الوزارات الخدمية مثل الصحة والزراعة والمواصلات ونحوها. وبعد هذا كله يجلس أشخاص محسوبون عليه من المعارضة. ولنقل إنني أخطأت الظن في الجامعة والأسد معاً، وفعلاً شكلت حكومة مشتركة من معارضين حقيقيين، السؤال من سيدير ماذا؟
أعتقد أن الجامعة، بدفع من الدول المنحازة للنظام السوري وبسبب الحملة الكاذبة التي قيلت في حق التدخل الدولي الذي أنقذ الشعب الليبي، وبسبب الخيبة الكبيرة مما يحدث في القاهرة، طأطأت أغلبيتها وانحنت للتعديلات التي جعلت قرار الجامعة باهتاً، وتحول من حبل يشنق النظام إلى حبل لإنقاذه، بكل أسف.
الجامعة مطالبة بطرد نظام الأسد، هذه خطوة أساسية، وتأييد الشعب السوري في حقه في الدفاع عن النفس. هاتان الخطوتان كفيلتان بتغيير الوضع على الأرض، وإجبار المجتمع الدولي على السير وراء الجامعة العربية لا أمامها. وبعدها ستجد حكومات ومنظمات عربية ودولية الوسيلة لمواجهة بطش النظام. اليوم لا توجد شرعية عربية للتحرك، فكيف يمكن فعل ذلك؟ بل الأسوأ هو القائم. رئيس المراقبين العرب، جنرال البشير وأحد قادة مخابراته، لا يزال يعطي تصريحات يدافع من خلالها عن جرائم النظام. ومعظم الحكومات العربية سفاراتها تعمل في دمشق، وكل ممثلي نظام بشار يعملون في سفاراتهم في الدول العربية. فكيف يمكن لمجلس الأمن أن يكون أكثر حرصاً على لجم المذابح السورية؟

المصدر: موقع الشرق الأوسط

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع