هيئة الشام الإسلامية
تصدير المادة
المشاهدات : 3759
شـــــارك المادة
يصاب عدد كثير من الناس في المظاهرات، ولا يجد هؤلاء من يعالجهم ويسعفهم في المستشفيات الحكومية والخاصة، بل يخافون على أنفسهم من الذهاب إليها للعلاج من الإصابة. ولذلك أقيم عدد من المشافي الميدانية ، وجُهّزت تجهيزات مناسبة لعلاج المصابين والجرحى .
والسؤال هو : هل يجوز دفع أموال الزكاة في إنشاء هذه المشافي وتزويدها بالتجهيزات الطبية، ودفع أجور الأطباء ( مع أن أكثرهم متطوعون ) ؟
___________________________________________________
الجواب :
الذي يظهر والله أعلم جواز دفع الزكاة لإقامة المشافي التي تعالج المتظاهرين ؛ لأن عملهم من الجهاد المشروع ، وقد قال تعالى في مصارف الزكاة : (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) التوبة/60 .
ويدخل في ذلك تزويد المشافي بالأدوية ، ودفع أجور الأطباء والمعاونين .
وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بإجازة ما هو أوسع من ذلك . وهذا نصه :
" رقم القرار: 7 ، رقم الدورة: 9
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425
بشأن حكم «صرف سهم المجاهدين من الزكاة في تنفيذ مشاريعهم الصحية والتربوية والإعلامية»:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب1406هـ إلى يوم السبت 19رجب1406هـ قد نظر في موضوع السؤال المقدم من رئيس لجنة الدعوة الإسلامية في جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت والخاص بجواز صرف أموال الدعوة الإسلامية التي تجمع للمجاهدين الأفغانيين، لتنفيذ المشاريع الصحية والتربوية والإعلامية، والذي طلب سماحة رئيس المجلس عرضه عليه في هذه الدورة. وبعد أن نظر المجلس في إجابات بعض الأعضاء، وبعد أن راجع ما صدر عنه من قرارات سابقة، وما صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة، واستمع إلى المناقشات حول الموضوع، قرر أن الصرف في الجهات التي تضمنها السؤال جائز من أكثر من جهة:
أولاً: من جهة الاستحقاق بالحاجة، فهم- مجاهدين ومهاجرين- فقراء أو مساكين أو أبناء سبيل، فإن من كان من ذوي الأرض والعقار في بلده أصبح بالهجرة والتشريد من أبناء السبيل بعد انقطاعه.
والإنفاق على الفقراء والمحتاجين من أموال الزكاة لا يقتصر على إطعامهم وكسوتهم فقط، بل يشمل كل ما تتم به كفايتهم وتنتظم به حياتهم، ومنها المشاريع الصحية والمدارس التعليمية ونحوها مما يعتبر من ضرورات الحياة المعاصرة. وقد نقل الإمام النووي عن أصحابه من الشافعية: أن المعتبر في الكفاية: المطعم والملبس والمسكن، وسائر ما لابد له منه، على ما يليق بحاله، لنفس الشخص ولمن هو في نفقته (المجموع 6/190). وقوله: (سائر ما لابد له منه). كلمة عامة مرنة تتسع للحاجات المتجددة والمتغيرة بتغير الزمان والمكان والحال، ومن ذلك في عصرنا: المنشآت الصحية والتعليمية التي تعتبر من تتمّات المحافظة على النفس والعقل وهما من الضروريات الخمس، وقد اعتبر الفقهاء الزواج من تمام الكفاية، وكتب العلم لأهله من تمام الكفاية، نقل في (الإنصاف):أنه يجوز للفقير الأخذ من الزكاة لشراء كتب يحتاجها من كتب العلم التي لابد منها لمصلحة دينه ودنياه (3/165،218).
ثانيًا: من جهة أخرى يعتبر الإنفاق على المشاريع المسؤول عنها داخلاً في مصرف: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ). حتى مع التضييق في مدلوله وقصره على الجهاد بالمعنى العسكري، فإن الجهاد اليوم لم يعد مقصورًا على أشخاص المجاهدين وحدهم، بل أصبح تأمين الجهة الداخلية وقوتها جزءًا لا يتجزأ مما يسمونه (الإستراتيجية العسكرية). والمهاجرون بكل معاناتهم ومآسيهم هم بعض ثمار الحرب وإفرازها ونتاجها، فلابد من رعايتهم وتوفير ما يلزم لحياتهم الحياة المناسبة، وتعليم أبنائهم وعلاجهم حتى يطمئن المجاهدون إلى أن أهليهم وراءهم غير مضيعين، فيستمروا في جهادهم أقوياء صامدين، وأي خلل أو ضعف في هذه الجهة يعود على الجهاد بالضرر. ومما يؤيدنا في هذا من النصوص ما جاء في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن خَلَفَ غازِيًا في أهلِه بخيرٍ فقد غَزَا". فاعتبر رعاية أسرة الغازي المجاهد غزوًا وجهادًا، فلا غرو أن يكون الإنفاق فيه من باب الجهاد في سبيل الله. وعلى هذا نص بعض الفقهاء: أن الغازي يُعطَى من سهم (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) نفقتَه ونفقةَ عياله ذهابًا ومقامًا ورجوعًا (المجموع:6/227).
وأما ما يتعلق بالنشاط الإعلامي، فقد غدا من لوازم الحرب الناجحة في عصرنا كما يقرر ذلك المختصون من العسكريين، فهو لازم لتقوية الروح المعنوية للمجاهدين وتحريضهم على القتال، وهو لازم لزرع الثقة والأمل في نفس من وراءهم من المدنيين والمساعدين، وهو لازم لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وقد يكون النصر بالرعب، وهو لازم لتجنيد الرأي العام العالمي للوقوف بجانبهم ونصرة قضيتهم. والقاعدة الشرعية: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ثم هو بعد ذلك من أنواع الجهاد باللسان، الداخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جاهِدوا المشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسنتِكم". وبناء على هذا يرى المجلس جواز صرف أموال الزكاة فيما جاء في السؤال.
ولاشك أن ما يقوم به شعبنا في سورية من أعظم الجهاد ضد الكفر والإجرام وإن كل معونة في هذا الباب هي داخلة في قوله تعالى "وفي سبيل الله" كبناء المشافي الميدانية وإعطاء الأطباء الرواتب وغير ذلك.
والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين .
ناصر العمر
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة