فارس الرفاعي
تصدير المادة
المشاهدات : 4845
شـــــارك المادة
عبّرت زوجة الضابط "إبراهيم اليوسف" منفذ عملية مدرسة المدفعية في حلب قبل 36 عاماً عن سرورها بإطلاق اسم زوجها على عملية تحرير كلية المدفعية في حلب.
وأضافت "عزيزة جلود" في لقاء خاص لـ"زمان الوصل" أنها كانت على يقين بأنه "سيأتي اليوم الذي سيعاد فيه اعتبار الشهيد إبراهيم اليوسف بما عُرف عنه من الصدق والإخلاص والشجاعة والوطنية وسمو الأخلاق".
واعتبرت أن "هذا اليوم هو نصر للشهيد لعائلته بعد سنوات من النكران والإهمال"، مشيرة إلى أن "أغلب الناس اليوم يعترفون بأنهم خذلوا الشهيد ورفاقه ولو وقفوا معهم لتم التخلص من العصابة الأسدية بأقل من تلك الفاتورة التي دفعها الشعب السوري".
وروت زوجة "اليوسف" إن الأخير كان مناوباً في ثكنته تلك الليلة وكانت هي عند أهلها ولم تسمع بما جرى في كلية المدفعية إلا عندما جاء عناصر المخابرات في اليوم التالي واعتقلوها، مضيفة بأن الأمر كان بالنسبة لها بمثابة صدمة كبيرة، ولكن عندما رأت تعذيب المخابرات للناس وعبارات الكفر التي كانوا يتلفظون بها داخل المعتقل كانت تزداد يقيناً بأن زوجها كان على حق لأنهم "مجرمون وقتلة".
وأردفت "آنذاك قررت أن أقف بداخلي مع زوجي وأدافع عنه حتى آخر رمق من حياتي"، ووصفت ظروف اعتقالها في فرع الأمن العسكري بحلب قائلة: "رأيت داخل المعتقل وحوشاً بلباس البشر، وكنت أسمع بالنكات والفكاهات عن المخابرات وتصرفاتهم ولكنني عاينت وحشيتهم وإجرامهم الذي لا يوصف على أرض الواقع".
وكشفت أنها تعرضت للتعذيب وهي حامل بشهرها الثاني وبقيت في الدولاب 12 ساعة مع الضرب على الوجه وكل أنحاء الجسد ووضع الكهرباء في قدمها، ورغم ذلك كانت –كما تقول- حريصة كل الحرص على عدم الاعتراف بأي معلومة تفيدهم من أسماء أصدقاء زوجها أو غيرها.
اعتقلت "عزيزة جلود" مرتين الأولى دام 3 أشهر والاعتقال الثاني دام 11 عاماً دون محاكمة أو تهمة، وظلت ممنوعة من السفر خارج سوريا حتى قيام الثورة، حيث خرجت بطريقة غير شرعية إلى تركيا.
ولم تكتفِ قوات النظام باعتقال زوجة "اليوسف" آنذاك بل اعتقلت أغلب إخوتها ووالدها وإخوة "اليوسف" ووالده ووالدته وأعمامه وأخواله وأولاد عمومته وأزواج أخواته والكل اعتقلوا دون تهمة أو محاكمة وقضوا مددا متفاوتة من الأيام والأشهر والسنين وعشرات السنين.
وروت "عزيزة جلود" تفاصيل لحظة اغتيال زوجها الذي كان هارباً مع رفاقه بعد تنفيذ العملية ولم تكن تعلم بمكانه، مشيرة إلى أن "أحد المخبرين رآه يدخل بيتا ووشى به بعد أن شك بوجود شبه بينه وبين الشهيد إبراهيم، وعندما جاء عناصر المخابرات لم يجدوه واعتقلوا صاحب المنزل واختبؤوا في أركانه، وعندما جاء إبراهيم ولم يكن يعلم أن المنزل مكشوف اشتبك مع العناصر المختبئين بالرصاص إلى أن أصيب برصاصة في رأسه واستشهد على إثرها في الثاني من حزيران/يونيو عام 1980 مع العلم أن الشهيد لم يكن يخفي شكله المميز".
واستدركت: "بعد قتل زوجي أخذوا جثته إلى مدرسة المدفعية وهناك احتفلوا بقتله بإطلاق الرصاص من المغرب حتى صباح اليوم التالي حتى أنهم أجبروا كل الجنود على البصق على جثته ومن يرفض منهم كان يُقتل على الفور".
وتصف زوجة "اليوسف" بأنه "كان مثالاً للأخلاق والرحمة والحنان وكان يختلف عن الرجال في عصره ومجتمعه".
وكان "اليوسف"، كما تؤكد زوجته، "محبوباً من قبل الذين يعرفونه من أصدقاء أو رفاق عمل وذلك لأخلاقه العالية وأدبه، كما يتمتع بثقافة عالية، إذ كان يقرأ الكتب المختلفة منها الإسلامية والشيوعية والبعثية".
ولد "إبراهيم اليوسف" في قرية "تادف" بريف حلب عام 1955 وانتقل مع أهله إلى الرقة ولم يكن عمره قد تجاوز العامين من عمره، ودرس المرحلة الابتدائية في مدارس الرقة وبعد حصوله على الشهادة الثانوية كان مجموعه يؤهله لأحد فروع الجامعة، ولكن نظراً لضيق الحال المادية لعائلته وعدم إمكانية الالتحاق بالجامعة تطوع في الكلية الحربية، وشارك "اليوسف" في حرب تشرين وبعد انتهاء الحرب رأى الطائفية بأبشع صورها، وكيف كانت الرتب توزّع على العلويين دون الضباط الآخرين، وكان لدى اليوسف ميول دينية ومواظبة على الصلاة مما دعا النظام إلى تقديمه للمحاكمة بحجة مواظبته على الصلاة التي تضيّع الوقت والجيش آنذاك في حرب استنزاف، فرد عليهم قائلاً: "أنا أصلي وقت راحتي ولكن غيري يشرب الممنوعات في وقت العمل"، فسكتوا وطووا الموضوع، ولكنهم نقلوه من الجبهة إلى مدرسة المدفعية بحلب، وكان من المتفوقين في اختصاصه -مدفعية ميدان- وشهد له بذلك أعداؤه قبل أصدقائه.
وألفت "عزيزة جلود" كتاباً بعنوان "مسيرتي مع الطليعة" روت فيه جوانب من مسيرتها وحياتها مع "إبراهيم اليوسف" ومذكرات السجن والتعذيب.
زمان الوصل
وسيم شامدين
أيمن أبو هاشم
حذيفة عبد الله عزام
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة