..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

الأحياء أولى من الأموات

مهند بويضاني

٥ يناير ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6909

الأحياء أولى من الأموات
-علوش.jpg

شـــــارك المادة

عندما تُوفي الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - كانت صاعقة على الأمة الإسلامية بكافة فئاتها: علماؤها الذين كانوا أصحابه يتدارسون ويتناقشون في مسائل الفقه وقضايا الأمة، وطلبة العلم الذين كانوا ينهلون من علمه ويرتشفون منه دعوة التوحيد، والدعاة الذين كانوا يسترشدون بتوجيهاته، والأغنياء الذين يستضيئون بفتاواه، والفقراء الذين كانوا يعيشون على كفالته.
صُعق الجميع، ولا غرابة في أن يُصعق محبُّوه ومريدوه، ولكن!
العجب كل العجب ممن كان يَشهر سيف الحقد والإنكار ضد الشيخ في حياته، حتى إذا قضى نحبَه تحولت سيوفهم عنه إطراءً، وانقلبت قلوبهم رحيمةً شفيقةً، فأخذوا في ذكر مناقبه وأصبحوا يبرّرون له بعض ما كانوا يلوكونه به من اختلافات لهم معه، حتى إن مجلة الدعوة الإسلامية الصادرة في السعودية خصصت ملفاً لرثاء الشيخ استمر قرابة العام بعد وفاته يستقبل الأشعار والقصص والمرثيات، ثم إنني كتبتُ مقالةً وأرسلتها إلى المجلة مفادها: إننا نحبّ الشيخ ونجلّ علمه وفضله، ولكن أين هذه القصائد والمناقب، بل أين كانت هذه الإبداعات والأدبيات حين كان الشيخ في حياته يَقوى بها ويشعر أن المسلمين التفّوا من حوله، يقوّون من عضده، ويدعمون مواقفه ويحمّسونه ليشعر أن حوله مَن يؤيّده في مواقفه، فيثبت ويتقدم. فما كان من المجلة إلا أن نشرت المقال، وأغلقت ملف الرثاء. 
فَلْنَلتفت إلى قادة الأمة الأحياء؛ نُشعرهم أننا معهم، نشحذ عزائمهم، ونشدّ عضدهم، ونناقشهم بأعمالهم، ولا يقلّل أحد من شأن الدعم المعنوي وأثره؛ فقد التقيت الأخ القائد الهمام الشيخ زهران يوماً، فوجدته قد ضاق صدره مما يقال عنه في صفحات التواصل الاجتماعي، وتأثَّر تأثُّراً استغربته منه، فقلت: والله يا شيخ إنني أعرف الكثير من الأصدقاء يحبّونكم ولم يرَوكم، وأخذت أروي له بعض القصص التي جرت معي في هذا السياق، ثم فارقته سنة أو يزيد، فسمعت بعد استشهاده - تقبّله الله - أنه كان متأثراً بما يثيره أبناء جلدتنا كثيراً حتى اصطفاه الله، نحسبه عند الله شهيداً ولا نزكّيه على الله.  وصدق الله: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )، فضيق الصدر بما يقوله الناس جبلة بشرية لا انفكاك عنها حتى للأنبياء.
يا بني قومي: التفُّوا حول قادة الأمة؛ فإن الأحياء يحتاجون وقفتكم أكثر من الأموات، رحم الله الجميع. 

 

 

نور سورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع