ريتشارد هاس
تصدير المادة
المشاهدات : 5953
شـــــارك المادة
نقدم للقراء هذا المقال الاستراتيجي الذي كتبه أحد أهم المؤثرين في صناعة القرار السياسي الأمريكي، ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، إذ يقدم رؤيته للتفاوض مع إيران في موضوع برنامجها النووي، وينتقد الاتفاق المؤقت الذي أبرمته الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا والاتحاد الأوربي مع إيران، ويقدم الحجج التي تبرر الحاجة إلى عقد اتفاق شامل - اتفاق الوضع النهائي - مع إيران حتى ولو استدعى الأمر أخذ وقت كاف من الزمن لفعل ذلك.
وإذ يقدم مركز نماء هذه المقالة، فإنه يحاول بذلك أن يضع القارئ في صورة النقاشات الاستراتيجية التي تدور في محاور مستودعات التفكير الأمريكية حول إيران وبرنامجها النووي، إذ يحرص المركز على نقل وجهات نظر مختلفة في الموضوع تنور القارئ العربي، وتكشف له عن مفاصل الرؤية الاستراتيجية الغربية في الشرق الأوسط. ----------------------------------- الشامبانيا أو عصير البرتقال في ظل هذه الظروف صار مثلجًا. وبدت الفرصة مواتية لوزراء الخارجية. ويبدو أن كل شيء أصبح مهيأ لتوقيع اتفاق مؤقت أو محدود من شأنه تجميد عناصر البرنامج النووي الإيراني مقابل التخفيف الجزئي عن عدد كبير من بقية العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران. لكن الأمور انكشفت بعد ذلك، إذ يظهر أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مثل رجع الصدى لوجهة النظر الإسرائيلية التي كانت ترى أن ما طلب من إيران في مقابل الحصول على ما تريد لم يكن كافيًا. أما الوفد الإيراني، من جانبه، فقد كانت له، على ما يبدو، آراء ثانية بعد عودته إلى إيران، إذ كان يريد أكثر من مجرد اعتراف صريح بحق إيران في تخصيب اليورانيوم الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى مستعدة لتقديمه. ولذلك، فالإعلانات الوحيدة التي صدرت يوم الجمعة في نهاية الأسبوع (يقصد في منتصف شهر نونبر الماضي) كانت تتعلق باستئناف مزيد من المحادثات على مستوى العمل وبذل جهود للتوصل إلى اتفاق مؤقت مشروط من شأنه أن يكون مقبولاً على نطاق واسع من طرف إيران والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والاتحاد الأوروبي. لكن ليس من الواضح إذا ما كانت هذه المقاربة قابلة للتنفيذ أو مرغوبًا فيها، ذلك أن الاتفاقات المؤقتة بقدر ما يسهل التوصل إليها بقدر ما هي صعبة التسويق. هناك تخوف من أن الخطوات التي اتخذت لا يمكن ترجمتها على أرض الواقع إذا لم تمض الأمور في الاتجاه الصحيح. هذا ما يشتبه فيه دعاة العقوبات، وهذا بدون شك ما تتمناه حكومة إيران. هناك أيضًا تخوف آخر، ذلك أن الأنشطة غير المحدودة ستتحول إلى أكثر من مشكلة، وستصبح القضية الحقيقية عند أي تجميد للأنشطة النووية الإيرانية جزئية. هناك أيضًا تخوف آخر، وهو أن الاتفاق الذي يوصف بكونه محدودًا أو مؤقتًا قد يصير دائمًا. ولذلك، كما تبين، سيكون من الصعب، أو من الصعب جدًا، للاتفاقات المؤقتة أن تقود إلى الاتفاقات النهائية، بل يمكن لها أن تسهلك الرأسمال السياسي في الوقت الذي لا يتحقق عندها إلا القليل من النتائج حتى ولو نجحت المفاوضات، ولذلك، فإن السؤال الطبيعي الذي ينبغي أن يطرح: لماذا لا نخرج من الاتفاق المؤقت ويتم التفاوض على الوضع النهائي؟ الحجة التي تمنع الاتجاه إلى التفاوض على الوضع النهائي، هو أن هذه المفاوضات ستكون صعبة جدًا، وستأخذ مزيدًا من الوقت حتى تحصل في دفعة واحدة، لكن أخذًا بعين الاعتبار لكل هذه الأشياء، فإن المقاربة الشاملة تضاعف في الواقع من نطاق المقايضات، كما أنها تزيد أيضا ما يرغب كل طرف في تحقيقه من هذا الاتفاق، إذ تجعل من اليسير مواجهة تهمة إعطاء الكثير في عملية التفاوض على المستوى المحلي. التوجه المباشر إلى مفاوضات الوضع النهائي تجبر كل طرف للتركيز على ما هو متفق عليه حاليًا بدل التركيز على الاتفاقات المفترض حصولها أو الاحتمالات السيئة لما يمكن أن يؤول إليه تنفيذ الاتفاق. كيف يمكن أن نتصور اتفاق الوضع النهائي في هذه الظروف؟ ستتوقف إيران عن تخفيض اليورانيوم عند مستوى 20 في المائة، والمخزون الموجود لديها، إما سيتم شحنه وإخراجه أو جعله غير صالح للاستعمال، وستقلص إيران بشكل هام من عدد الطرود المركزية التي سيكون مسموحًا لها بها، وحتى من كميات اليورانيوم المنخفض التخصيب التي تستطيع ملكيتها، وستتوقف عن العمل في محطة الماء الثقيل في اراك المرتبطة بمشروع بلوتونيوم، وستصبح فرق التفتيش الدولية لاعبًا أساسيًا، وستكون النتيجة الخالصة هي أن إيران سيلزمها وقت كبير لامتلاك سلاح نووي إن كانت قررت أن تحاول امتلاكه، وبالتالي المضاعفة أيضًا من احتمال الكشف عن ذلك. وفي المقابل، فإن إيران ستستفيد من تخفيف العقوبات ضدها، وهو ما تحتاجه كثيرًا لعافية اقتصادها، وسيكون حق إيران وقدرتها على التخصيب المنخفض لليورانيوم واضحا طالما أنها تنفذ التزاماتها بشكل منسجم مع مقتضيات الاتفاق. هناك اعتبار آخر يخص ما يجب على كل طرف أن يقوم به في الوقت الذي تدار فيه المفاوضات للتوصل إلى الاتفاق النهائي، ضبط النفس هو أفضل طريقة لتوفير شروط نجاح المفاوضات. الهدف بالنسبة لكل طرف ينبغي أن يتوجه إلى لتجنب إحداث أي شروط من شأنها ان تجعل من المستحيل على الطرف الآخر الاستمرار في المفاوضات، بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه من المرجح أنها تحتاج إلى أن تمتنع عن إضافة أي عقوبات جديدة على إيران، أما بالنسبة إلى إيران، فالمرجح أنها تحتاج إلى تأجيل تعزيز قدراتها. وأفضل طريقة لجعل هذه الاعتبارات موضع نقاش، هي النتيجة السريعة في أشهر قليلة من اتفاق شامل يوضح الالتزامات الدائمة والمحددة للطرفين. لا تزال هناك فرصة قوية للقيام بذلك، إيران تحتاج أن تقوم بشيء لاقتصادها إذا أرادات أن تحمي ثورتها، والولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول المعنية تريد أن تتجنب الاختيار بين الذهاب إلى الحرب مع إيران أو السماح لها بامتلاك سلاح نووي. --------------------------
ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، نشر في الفينانشيال تايمز، 13 نونبر 2013م.
مركز نماء للبحوث والدراسات
التقرير
المرصد الاستراتيجي
بول رودريك جريجوري
أندري كوليسنيكوف
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة