..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

الدولة الإسلامية في العراق وسوريا [*]

زاكري لوب وجوناثان ماسترز

١٤ أغسطس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9296

الدولة الإسلامية في العراق وسوريا [*]
الاسلامية 000 في ال.jpg

شـــــارك المادة

مقدمة:

الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، جماعة من الجهاديين السنة في الغالب، تسعى لبذر الاضطراب المدني في العراق والشام بغرض إقامة خلافة ـ دولة إسلامية عابرة للحدود القومية وقائمة على الشـريعة. لقد برزت الجماعة من بين رماد الاحتلال الذي قادته أمريكا للإطاحة بصدام حسين تحت مسمى تنظيم القاعدة في العراق، وقد وفر لها التمرد الذي تلا ذلك الأرضية الخصبة لشن حرب عصابات ضد قوات التحالف وحلفائها المحليين.

وبعد حملة أمريكية لمكافحة الإرهاب وجهود من السنة للمحافظة على الأمن الداخلي في سياق ما سمي بالصحوة القبلية، تقلص عنف تنظيم القاعدة في العراق عن ذروته التي كان وصل إليها في 2006-2007. غير أنه ومنذ انسحاب القوات الأمريكية في نهاية 2011، زادت الجماعة من هجماتها على أهداف شيعية في الغالب فيما يُرى أنه محاولة لمعاودة إشعال الصـراع بين الأقلية السنية في العراق والحكومة ذات الغالبية الشيعية بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي.

لقد ترك العنف سريع التطور عام 2013 حوالي ثمانية آلاف مدني في عداد القتلى، مما جعله العام الأكثر دموية في العراق منذ عام 2008 وَفقًا للأمم المتحدة، وفي غضون ذلك الوقت، تبنت الجماعة في عام 2012 لقبها الجديد، داعش، في تعبير عن طموحاتها المتمددة حيث عبر مقاتلوها الحدود إلى الأراضي السورية المجاورة لتتحدى كلًا من نظام الأسد وجماعات المعارضة العلمانية والإسلامية هناك، وبحلول يونيو 2014، كان مقاتلو الجماعة قد هزموا الجيش العراقي وطردوه تمامًا في المدن العراقية الكبيرة الفلوجة والموصل وأقاموا سيطرة إقليمية وهياكل إدارية على كلا جانبي الحدود العراقية السورية.

الأصول:

أنشأ الجماعة المتمردة أبو مصعب الزرقاوي، عربي من أصل أردني، ونمت في ظل التوتر الطائفي الذي تلا احتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003. كان الزرقاوي قد قاد المتطوعين في هرات في أفغانستان قبل هروبه إلى شمال العراق في عام 2001. والتحق هناك بجماعة أنصار الإسلام، حركة كردية انفصالية مسلحة والتي عمل على قيادة الفريق العربي فيها. يقول المحللون أن هذه الجماعة، وليست القاعدة، كانت هي السلف لتنظيم القاعدة في العراق.

وقبل احتلال العام 2003، قام المسؤولون الأمريكيون بتقديم دعوى أمام مجلس الأمن بالأمم المتحدة تربط بين جماعة الزرقاوي وأسامة بن لادن، رغم أن بعض الخبراء يقولون أن الزرقاوي لم يعلن ولاءه لزعيم القاعدة حتى شهر أكتوبر من عام 2004، وقامت الولايات المتحدة بإعلان تنظيم القاعدة في العراق منظمة إرهابية أجنبية في نفس الشهر. «بالنسبة إلى القاعدة، فإن ربط اسمها بأنشطة الزرقاوي مكنها من المحافظة على الارتباط حتى مع كون قواتها قد دمرت [في أفغانستان] أو في حالة فرار»، كتب برايان فيشمان، زميل متخصص في مكافحة الإرهاب في منظمة نيو أميريكا فاونديشن.

ووفقًا لتقرير صدر في عام 2011 من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية؛ فإنَّ الزرقاوي قد وضع استراتيجية رباعية المحاور لهزيمة التحالف: عزل القوات الأمريكية باستهداف حلفائها؛ تثبيط التعاون العراقي من خلال استهداف البنية التحتية والعاملين الحكوميين؛ استهداف جهود إعادة الإعمار من خلال هجمات تتم الدعاية لها بشكل مكثف على المتعهدين المدنيين وعاملي المعونات؛ وجر القوات الأمريكية إلى داخل حرب أهلية سنية شيعية من خلال استهداف الشيعة.

اتخذت سلطة الائتلاف المؤقتة، وهي الحكومة الانتقالية التي أنشأتها الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف، اتخذت قرارين في وقت مبكر من الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة دائمًا ما يشار إليهما باعتبارهما قد أديا إلى تغذية التمرد. حظر أول أمر لسلطة الائتلاف المؤقتة أعضاء حزب البعث الذي أنشأه صدام حسين من المناصب الحكومية (وهو ما عرف بسياسة «اجتثاث حزب البعث»)؛ وحل الأمر الثاني الجيش العراقي والخدمات الأمنية، مما صنع مئات الآلاف من الأعداء الجدد للتحالف، والذين كان الكثير منهم من السنة المسلحين.

لقد تم تجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق مبدئيًا من خلال شبكات الزرقاوي في باكستان وأفغانستان، ثم اندمجوا لاحقًا مع المجندين من سوريا والعراق وجيرانها، ثم غلب الانتماء العراقي على تكوين الجماعة بحلول عام 2006، كما ذكر تقرير للواشنطن بوست، لكن بينما وصلت الجماعة إلى قمة نشاطها في العامين 2006 و2007، في ذروة الحرب الأهلية الطائفية العراقية ـ والتي ساعد تنظيم القاعدة في العراق على إثارتها ـ تم تقليص صفوف التنظيم من خلال حملة مكافحة للإرهاب قامت بها قوات العمليات الخاصة الأمريكية والصحوة المدعومة من الولايات المتحدة أو ما عرف بحركة الصحوة السنية.

القيادة:

كان أسامة بن لادن والظواهري يريان أنَّ الهجمات غير المميزة لتنظيم القاعدة في العراق على المسلمين ستؤدي إلى تضاؤل الدعم الشعبي للقاعدة في المنطقة وفي يوليو من عام 2005، قاما بمناقشة جدوى استراتيجية الزرقاوي في مراسلة كتابية. قال فيشمان: إنَّ العلاقة انهارت عندما تجاهل الزرقاوي تعليمات القاعدة بالتوقف عن مهاجمة المواقع التراثية الشيعية.

وقد مثلت الغارة الأمريكية التي أدت إلى قتل الزرقاوي في يونيو 2006 نقطة انتصار للاستخبارات الأمريكية والعراقية ونقطة تحول لتنظيم القاعدة في العراق، ففي أعقاب ذلك، ظهر أبو أيوب المصـري، خبير متفجرات مصـري المولد وأحد أمناء سر الظواهري السابقين، ظهر كزعيم جديد لتنظيم القاعدة في العراق. وفي أكتوبر من العام 2006، تبنى المصـري اسم دولة العراق الإسلامية لزيادة الجاذبية المحلية للجماعة، والتي تأثرت تمامًا كما تخوف الظواهري، وليجسد طموحاتها الإقليمية؛ وقد أصبحت تعرف فيما بعد بالدولة الإسلامية في العراق والشام، مما يعكس طموحاتها المتمددة حيث خلق عدم الاستقرار في سوريا بعد ثورة 2011 فرصًا جديدة يمكن استغلالها.

يقود الدولة الإسلامية في العراق والشام حاليًا أبو بكر البغدادي، والمعروف أيضًا بأبي دعاء. تعتقد الحكومة الأمريكية أنه يقيم في سوريا.

التمويل:

يعتقد بأن الداعمين في المنطقة، ومن بينهم مقيمون بالأردن وسوريا والمملكة العربية السعودية، يعتقد بأنهم قد وفروا غالب التمويل القديم، ووفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية ومستندات تمت مصادرتها في عام 2006 من عملاء للحرس الثوري الإيراني في شمال العراق؛ فإنَّ إيران أيضًا قد قامت بتمويل تنظيم القاعدة في العراق، متجاوزة بذلك الحدود الطائفية، حيث رأت طهران فرصة لتحدي التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة. وفي بداية 2014، عرضت إيران أن تنضم إلى الولايات المتحدة في تقديم الدعم للحكومة العراقية لمواجهة انتصارات القاعدة في محافظة الأنبار.

ووفقًا لأقوال الخبراء؛ فإنَّ جل تمويل الدولة الإسلامية في العراق والشام يأتي من مصادر من نوعية التهريب والابتزاز وأنواع أخرى من الجرائم، واعتمدت الدولة الإسلامية في العراق والشام في السنوات الأخيرة على المجندين الداخليين في أمر التمويل وتوفير القوة البشـرية، وحتى قبل استيلاء الدولة الإسلامية في العراق والشام على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، في يونيو 2014، فقد ابتزت الجماعة الضرائب من صغار وكبار رجال الأعمال، بقيم تصل إلى ما قيمته 8 ملايين دولار أمريكي في الشهر، وفقًا لبعض التقديرات.

القدرة على البقاء:

لقد أدت الإجراءات المتعسفة التي اتخذها المالكي لتعزيز السلطة في أعقاب الانسحاب الأمريكي إلى تنفير الكثيرين من الأقلية السنية وقد استغلت الدولة الإسلامية في العراق والشام منذ ذلك الوقت هذا «العقد الاجتماعي الفاشل» كما قال الزميل الصحفي السابق من مجلس العلاقات الخارجية نيد باركر. لقد كانت حكومة المالكي ذات الغالبية الشيعية غير مستعدة لدمج ميليشيات الصحوة في قوات الأمن الوطني ويقول النقاد أنه قد اضطهد الخصوم السياسيين من السنة وأذكى نار الاستقطاب الطائفي لأجل المكاسب السياسية.

لقد بدأ السنة الذين شعروا بالتهميش من قبل حكومة المالكي بالاحتجاج للمطالبة بالإصلاحات في محافظة الأنبار في ديسمبر 2012 وقد أقر رجال الدين الشيعة المشهورون من أمثال آية الله العظمى علي السيستاني ومقتدى الصدر بمشروعية مظالمهم، حسبما كتب باركر، ووفقًا لتقرير لخدمة أبحاث الكونجرس المستقلة، فقد كان هناك قريب من اثني عشر يومًا في عام 2012 قامت فيها الدولة الإسلامية في العراق والشام بتنفيذ هجمات في مدن متعددة أدت إلى قتل خمسة وعشـرين( ) عراقيًا على الأقل، وفي أربعة من تلك الأيام على الأقل أدت الهجمات المنسقة إلى قتل أكثر من مائة عراقي.

وفي أبريل من عام 2013، هاجمت قوات الأمن العراقية مخيم تظاهر في الحويجة مما أدى إلى استنفار تصاعد في حالة القتال السنية. ازدادت كثافة تفجيرات السيارات والهجمات الانتحارية مع استهداف الهجمات المنسقة بشكل منتظم للأسواق والمقاهي والمساجد الشيعية. وفي عام 2013، قتل 7818 مدنيًا (بما فيهم رجال الشرطة) في أعمال إرهاب وعنف، وهو ضعف عدد القتلى المقابل في عام 2012، وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة. كما أصيب رقم آخر يقدر بـ17891 جاعلًا العام 2013 أكثر أعوام العراق دموية منذ 2008. في نهاية العام 2013، حاولت قوات الأمن إخلاء مخيم اعتصام في الرمادي، وأدى ذلك التحرك إلى إثارة انتفاضة انسحبت على إثرها قوات الأمن من المدينة ومن مدينة الفلوجة القريبة وتحركت الدولة الإسلامية في العراق والشام لملء الفراغ.

وفي غضون ذلك الوقت؛ فإنَّ الحرب الأهلية في سوريا قد اجتذبت الجهاديين السُنة إلى الثورة ضد نظام بشار الأسد، والذي تغلب عليه الطائفة العلوية، إحدى تفرعات الإسلام الشيعي.

وبينما تقاتلت الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا فيما بينها ومع المعارضة العلمانية، فقد وقع الجيش السوري الحر اتفاق هدنة مع الدولة الإسلامية في العراق والشام في أواخر سبتمبر، وهو إقرار بفعاليتها في ساحة المعركة. لكن الانقسامات في أوساط معسكر المعارضة الإسلامية تظل صارخة.

أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام عن اندماج مع جبهة النصـرة، فرع للقاعدة ذو شرعية وطنية أقوى في سوريا، في أبريل من العام 2013. غير أن الظواهري، الذي خلف بن لادن في قيادة ما يسمى بـ«القاعدة الأم» اعتبر الاندماج باطلًا، مقررًا بأن تظل عمليات جماعة البغدادي محدودة بالعراق. غير أنَّ البغدادي رفض قرار الظواهري وشكك في سلطته، رغم تعهد جماعته بالولاء للقاعدة، وقد اندمجت عدة جماعات مسلحة إسلامية متنازعة في أواخر 2013 تحت اسم جيش المجاهدين بهدف مشترك هو إجبار الدولة الإسلامية في العراق والشام على التنازل عن الأرض وترك سوريا.

وبشكل مخالف لأهداف القاعدة، قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام منذ ذلك الوقت بتوسيع سيطرتها الإقليمية، منشئة «دولة بحكم الأمر الواقع داخل حدود سوريا والعراق» تبدي بعضًا من العلامات التقليدية للسيادة، بحسب ما يشير دوجلاس أوليفانت وفيشمان، ففيما عدا تدريب ميليشيا، تقوم الجماعة بتوفير خدمات محدودة وتديرها طرازها شديد المحافظة من القضاء. لقد ظل غالب محافظة الأنبار خارج سلطة الحكومة المركزية منذ يناير 2014 وفي منتصف 2014، انتزع تمرد سني السيطرة على الموصل وأكنافها بعد أن انسحب الجيش ذو الغالبية الشيعية بين عشية وضحاها، وقد أضعفته الانشقاقات والمحسوبية. تقود الدولة الإسلامية في العراق والشام طليعة هذا التمرد، لكن التحالفات التكتيكية التي أقامتها مع غير الجهاديين من السنة، بما في ذلك أعضاء سابقون في النظام البعثي، قد أدت بالمحللين وصناع السياسة إلى التساؤل حول مدى إمكانية استمرار حكم الجماعة لفئة من السكان تعاني من القلق من تشدد الجماعة.

وقد ألقت عمليات الاستيلاء على الأقاليم الضوء على ضعف بغداد: ففي الفلوجة، دعا المالكي رجال القبائل السنة إلى التصدي للدولة الإسلامية في العراق والشام، وفي الموصل، والتي كانت تعد نموذجًا للطفرة والصحوة، دعا المالكي أيضًا قوات الأمن الكردية، البشمرقة، إلى فعل الشيء نفسه. كما قام المالكي أيضًا بحشد الميليشيات الشيعية المتورطة في عمليات القتل الطائفي والقوات العراقية المتهمة بشن غارات جوية غير مميزة. وفي غضون ذلك الوقت، فإن انتصارات الدولة الإسلامية في العراق والشام في شمال البلاد قد أعاقت تقدم البشمرقة وخلقت أزمة إنسانية للآلاف من المسيحيين العراقيين واليزيديين، الذين يعدون من بين الأقليات الدينية والعرقية المستهدفة من قبل الدولة الإسلامية في العراق والشام.

إنَّ إحكام المتمردين للسيطرة على الأقاليم هو مصدر قلق للولايات المتحدة، التي تعتقد أن مثل هذه المناطق التي تقع خارج نطاق سلطة الدولة يمكن أن تصبح مآوي لأولئك الجهاديين ذوي الطموحات الموجهة نحو «العدو البعيد» ـ الغرب. لقد استجابت إدارة أوباما إلى إعادة انبعاث التمرد الإقليمي بزيادة دعم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لحكومة المالكي، بما في ذلك دعم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب التي تعمل تحت إدارة رئيس الوزراء المباشرة، وتوفير صواريخ هيلفاير وطائرات استطلاع بلا طيار. وبعد انسحاب القوات العراقية من الموصل، فقد قام المتمردون الذين طردوهم منها بتحرير أكثر من ألف سجين وحصلوا على كميات قيمة من المواد التي تم توفيرها من قبل الولايات المتحدة.

------------------

[*] مقال تعريفي نشـر آخر تحديث له بتاريخ 8 أغسطس 2014 على الموقع الإليكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ضمن سلسلة من المقالات التعريفية المبسطة بالموضوعات المؤثرة في الساحة العالمية تحمل عنوان: Backgrounders (خلفيات).

الرابط: http://www.cfr.org/iraq/islamic-state-iraq-syria/p14811

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع