..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

هذه نهاية محور إيران ـ سوريا ـ حزب الله

إيلي بردنشتاين

٢٧ إبريل ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 11245

هذه نهاية محور إيران ـ سوريا ـ حزب الله
شيعة.gif

شـــــارك المادة

تقف الأسرة الدولية اليوم أمام عدة قرارات حاسمة مصيرية بسبب تدهور الوضع في سوريا. فالتخوف من تفكك سوريا إلى مجموعات على أساس إثني يصبح ملموسا كل يوم. كما يتعاظم أيضا التخوف من استخدام مخزونات السلاح الكيميائي، فقدان الرقابة عليه وتسريب الأسلحة المتطورة إلى حزب الله ومحافل إرهابية أخرى.

 


هذا الأسبوع عادت لتطفو إلى السطح مرة أخرى مسألة الاستخدام الذي تم أو لم يتم من قبل جيش الأسد للسلاح الكيميائي ضد الثوار.
وخلافا للأمريكيين، فإن موقف اسرائيل يؤيد التقديرات البريطانية والفرنسية بأنه تم بالفعل مثل هذا الاستخدام.
جانب مقلق آخر هو مشكلة جموع اللاجئين من سوريا الذين يغرقون الأردن وتركيا ولبنان.
نحو مليون نسمة هربوا من سوريا، الأمر الذي يهدد بتشويش الاستقرار في المنطقة ولا سيما في الأردن الهش.
كنتيجة لذلك، يتعاظم الضغط للتدخل العسكري الخارجي أو على الأقل منح مساعدة عسكرية ذات مغزى للثوار الذين لا ينتمون إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة. الولايات المتحدة، التي يتواجد 200 جندي لها على الحدود الأردنية السورية، وإن كانوا يدربون الثوار وينقلون لهم مساعدات مالية كبيرة، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تصر على معارضتها تسليم الثوار أو أي تدخل عسكري أكثر أهمية.
أما بريطانيا وفرنسا بالمقابل فتؤيدان عدم استئناف حظر السلاح الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا (والذي سينتهي مفعوله في أيار)، وتسليح الثوار.
جان دافيد لويت (67 سنة) الذي عمل كمستشار سياسي كبير للرئيس الفرنسي المنصرف نيكولا ساركوزي وجاك شيراك، وكان مشاركا في عملية اتخاذ القرارات في فرنسا في المسائل السياسية والأمنية على مدى نحو 20 سنة، يشرح في مقابلة أولى لصحيفة إسرائيلية بان السلاح ضروري للثوار لحسم الصراع ضد الأسد وإسقاطه. ‘منذ بدء الثورة في سوريا، قتل نظام الأسد نحو 80 ألف نسمة.
عندما تفعل ذلك، لا تكون طريق للعودة. لا مستقبل للأسد. وهو لن يبقى في منصبه ضمن أي تسوية سياسية’، يقول لويت. ‘نحن مع حل يتحقق بالمفاوضات التي غايتها الحيوية هي الحفاظ على الحكم المركزي في الدولة، ولكن بدون الأسد.
لتحقيق هذا، يجب التأكد بان لدى معارضي الأسد وسائل الانتصار من ناحية عسكرية وإسقاط الأسد’.
غير أن اسرائيل تخشى من تسليح جماعات الثوار في سوريا بسلاح متطور من شأنه أن يستخدم ضدها في سيناريو مستقبلي. والتشديد الإسرائيلي هو على أنه إذا ما تقرر بالفعل نقل السلاح إلى الثوار فينبغي التأكد من أنها ليست الجماعات الإسلامية المتطرفة والكفيلة بأن تصبح شريكا سياسيا للغرب في اليوم التالي لسقوط الأسد.
المشكلة الروسية:
وكان لويت انسحب من خدمة الدولة مع خسارة ساركوزي في الانتخابات وهو يعمل اليوم بروفيسور في جامعة Sciences Po في باريس، المؤسسة الاعتبارية التي تؤهل النخب السياسية والدبلوماسية في الدولة.
وقد جاء في زيارة قصيرة إلى اسرائيل للمشاركة في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الأمن القومي الذي ينعقد هذا الأسبوع.
ويلغي لويت التخوف من وصول السلاح إلى منظمات الإرهاب من أوساط الثوار فيقول أنه من جهة إيران وروسيا تسلحان جيش الأسد.
ومن جهة أخرى السعودية وقطر تزودان بالسلاح منظمات المعارضة الأكثر تطرفا من بين الإخوان المسلمين والسلفيين الذين يقاتلون ضد الأسد.
الوحيدون الذين لا يحصلون على السلاح هم أعضاء المعارضة الذين لا ينتمون إلى هذه الجماعات، يقول لويت. ولهذا فان مسألة وجود سلاح هي مسألة سخيفة في دولة مثل سوريا، فيها اليوم الكثير من السلاح لهذا القدر الكبير من الجهات المختلفة.

وعلى حد قوله، فإن تلك الجهات في أوساط الثوار ممن سيتلقون السلاح الغربي قريبون من الغرب في قيمهم الديمقراطية وفي حقوق الإنسان.
نحن نأمل أن يكونوا هم الذين يكون لهم دور هام في المفاوضات على الحل السياسي في الدولة والحفاظ على وحدة سوريا’.
يبدو أن لويت يقصد في حديثه الائتلاف الوطني المعارض الذي يترأسه معاذ الخطيب، ‘الإسلامي المعتدل’، الذي استقال قبل بضعة أيام على خلفية الصراعات والخلافات الداخلية وكذا النبش السياسي من جانب دول مختلفة معنية بالتأثير على هذا الإطار.
لثلاث مرات حاولت الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا اتخاذ قرار في مجلس الأمن في الأمم المتحدة بإغلاق المجال الجوي في سوريا.
والمرة تلو الأخرى كانت روسيا، والصين في أعقابها، فرضت الفيتو ومنعت اتخاذ القرار.
ففي ذاكرة روسيا تحز الإهانة جراء تأييدها لقرار مشابه في حالة ليبيا. غير أنه في حينه، بدلا من منح المساعدة الإنسانية للسكان، فإن الطائرات البريطانية والفرنسية حامت في المجال الجوي الليبي وأدت إلى إسقاط القذافي.
أما الآن فترفض روسيا المساهمة في قرار مشابه يلغي وجود سوريا كدولة. أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما من جهته فيرفض السماح بعملية عسكرية لا تكون في إطار قرار من الأمم المتحدة.
ولا يتأثر لويت كثيرا بموقف روسيا الإشكالي. فهو متأكد من أن روسيا ستغير موقفها وتنتقل إلى جانب الثوار حين يتغير ميزان القوى في صالحهم بعد تدهور الوضع بسرعة فتفهم بأن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء حكم الأسد.
وماذا سيحصل إذا لم يسلح الثوار؟ الأسد سيبقى إلى الأبد وسيواصل قتل أبناء شعبه.
مسؤولية استعمارية:
ليس هكذا كان الحال دوما. فقد كانت هناك أيام كانت فيها وزارة الخارجية الفرنسية وقصر الاليزيه متفائلين بالأسد الابن.
وأنا ولويت نتذكر زيارة لبشار الأسد إلى باريس مع نهاية القرن الماضي، حين كان بشار مسؤولا عن الملف اللبناني، وخلف والده حافظ بعد فترة وجيزة من ذلك. ويتذكر لويت شابا عرض نفسه بصفته ‘رجلا حديثا، مفعما بالطموح لإحداث تغييرات واسعة في سوريا’.
ولم تمر أشهر كثيرة إلى أن تبين، وليس للفرنسيين وحدهم، بان نمط حكم الطغيان في سوريا سيبقى على حاله. ويعترف لويت فيقول: ‘اعتقدنا أنه سيكون مختلفا عن أبيه، ولكن للأسف هذا لم يحصل’.
غير أن الآمال هي شيء والمصالح هي شيء آخر. فسوريا ولبنان كانا على مدى عشرات السنين منطقة نفوذ فرنسية صرفة. وبغض النظر عما أحدثه طغيان الأسد في سوريا وتدخله العميق في لبنان من ضيق لشيراك، ما كان بوسع فرنسا أن تسمح لنفسها بالانقطاع عن نفوذها التقليدي. كل هذا حتى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في شباط 2005.
ويشير لويت إلى أن ‘هذه كانت نهاية الحوار بين شيراك والأسد’.
وعندما انتخب ساركوزي في 2007 رئيسا لفرنسا، دعا لويت للعودة إلى القصر ليكون مستشاره الكبير.
لبنان في تلك الأيام كان في شلل سياسي ولم يكن بوسعه اختيار رئيس، مع تدخل هائل لحزب الله في كل ما يجري. وحاول ساركوزي ما فشل فيه شيرا. فقد أرسل لويت ورئيس طاقمه إلى لقاء مع الأسد في دمشق.
وناشداه الكف عن التصفيات والسماح بانتخابات حرة للرئاسة في لبنان. وبالفعل انتخب ميشيل سليمان رئيسا للبنان في أيار 2008. في حزيران 2008 جاء ساركوزي في زيارة إلى اسرائيل.
وفي تلك الأيام كانت تركيا تتوسط بين الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت في محاولة لحث تسوية سلمية بين الدولتين. ولاحقا أقام ساركوزي منظمة دول البحر المتوسط. ويستعيد لويت كيف أنه في المؤتمر التأسيسي جلس هو إلى جانب أولمرت والأسد وعبد الله وبوتفليقة وسليمان الواحد إلى جانب الآخر، في مشهد يبدو خياليا. وأعلن الأسد في حينه لأول مرة بان سوريا تعترف بلبنان كدولة مستقلة وأن الدولتين تتبادلان السفراء.
غير أن في حينه جاءت أحداث الربيع العربي إلى سوريا ومرة أخرى تشوشت السياسة الفرنسية حيال سوريا. ويشرح لويت فيقول أن ‘الأسد قرر بان الطريق الوحيد لمواجهة الأحداث هي الهجوم على شعبه. في نظرنا هذا لم يكن مقبولا. عندما يهاجم الزعيم شعبه، فان من مسؤولية الأسرة الدولية وقف المذبحة’.
على مدى سنوات طويلة تمكن لويت من العمل مع ثلاثة وزراء إسرائيليين: مرتين مع نتنياهو ومرة مع باراك ومع اولمرت. ووصفه موظفون اسرائيليون كبار عملوا معه بأنه مهني من الدرجة الأولى، دبلوماسي وإبداعي وغير جامد.
وحتى في لحظات الخلاف بين ساركوزي ونتنياهو حول المسألة الفلسطينية والبناء في المستوطنات، حافظ لويت، وهو ابن لأب يهودي على عطفه لإسرائيل وحاول تخفيض مستوى اللهيب بالتعاون مع نظيره الإسرائيلي عوزي اراد.
ومن الجهة الأخرى، في المسألة الإيرانية كان ساركوزي أكثر حزما من أوباما وأقرب إلى مواقف نتنياهو.
وفي أثناء المقابلة يمتنع لويت عن الحديث عن تلك الخلافات.
وبالنسبة للخطر على اسرائيل من المنظمات الإرهابية التي تقاتل ضد الأسد يحبذ لويت الرد على السؤال بطريقته الهادئة: انتم تسيطرون حاليا في هضبة الجولان.
وإذا توفر حل سياسي وصعد نظام ديمقراطي يرغب في الشروع في مفاوضات مع اسرائيل، فسيكون من حق الجمهور الاسرائيلي أن يقرر كيف يتصرف’.
وماذا إذا لم يتوفر حل سياسي؟
‘في مثل هذه الحالة، السيناريو المتطرف في سوريا هو يحصل في الصومال. بدون حل، الدولة ستتفكك، والجماعات المختلفة ستواصل القتال الواحدة ضد الأخرى حتى الانهيار التام لكل سلطة وطنية’.
*وماذا بالنسبة لحزب الله؟
هل تعتقد أنه ضعف في أعقاب الأحداث في سوريا، وهل قدرته على ضرب اسرائيل بتعليمات من إيران أقل مما كانت في الماضي؟
‘ما يحصل في سوريا اليوم هو في مفهوم معين نهاية محور إيران سوريا حزب الله. يدور الحديث عن تأثير كبير للتطلعات الإيرانية.
ما نراه اليوم هو منافسة على سوريا بين إيران والشيعة وبين سُنة قطر وتركيا والسعودية.
تخميني هو أن الأغلبية السنية في سوريا (التي تعد 70 في المائة من السكان، أ.ب) ستسيطر على الدولة. وحزب الله سيخسر الأسد والنظام العلوي الذي هو عرابه. وسيكون لذلك تأثير على كل المنطقة.
ولهذا فإن أولوية حزب الله هي عدم القتال ضد اسرائيل، بل مساعدة الأسد، إلى جانب إيران، على النجاة. إذ غدا، إذا ما سقط الأسد، فإن حزب الله سيخسر هو الآخر. إذن لديهم أيضا بشائر طيبة’.

 

 

القدس العربي نقلا من معاريف

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع