روبرت ساتلوف
تصدير المادة
المشاهدات : 9570
شـــــارك المادة
فلنقل إن تشاك هيغل ربما يكون وزير دفاع مثاليا. لا تغير هذه الاحتمالية حقيقة أن ترشيح أوباما له لهذا المنصب يثير بالتأكيد شكوكا بين الأنصار والخصوم على حد سواء؛
بأن أوباما قد لا يلتزم باللجوء إلى كل الوسائل اللازمة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، كما تعهد خلال حملته الانتخابية الثانية.
إذا لم يتخذ البيت الأبيض خطوات لتصحيح هذا الانطباع قريبا، فستقترب احتمالات القرار الذي يتم التفاوض عليه بشأن الأزمة الإيرانية من الصفر، وسيزداد احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية ضد إيران. ويأتي ترشيح هيغل في لحظة حرجة. ويعتقد بعض الخبراء أن إيران قد تراكم مخزونا من اليورانيوم المخصب يكفي لمنحها قدرة نووية تسمح لها بإنتاج سلاح نووي سريعا وقتما تشاء. على الجانب الآخر هناك مؤشرات تدل على نجاح استراتيجية إدارة أوباما المتمثلة في فرض عقوبات دولية صارمة مع التهديد باستخدام القوة في إجبار إيران على التوصل إلى اتفاق يحول دون حدوث مواجهة. ويتطلب إحراز النجاح في المفاوضات النووية من الإدارة الالتزام الكامل بتنفيذ عقوبات يتزايد تأثيرها، وتهديد جاد باستخدام القوة العسكرية وبديل دبلوماسي معقول. قد لا يكفي هذا التوجه، فربما تتجه إيران إلى تصنيع سلاح نووي. ومع ذلك يجب أن يقوم أي اتفاق على مقعد ذي 3 أرجل تجسدها هذه الأمور الثلاثة. وإذا أهملت الإدارة أيا من هذه الأرجل الـ3، سينهار المقعد، وفي كل الأحوال إما ستلجأ واشنطن إلى استخدام القوة العسكرية لتقويض برنامج إيران النووي أو عرقلته، أو أن يزداد احتمال اتخاذ إسرائيل خطوة من جانب واحد. وحتى داعمو ترشيح هيغل عليهم الاعتراف بأنه من المستحيل الحصول على أي دليل في سيرته المهنية يؤكد فكرة «الردع» التي تدعم الاستراتيجية تجاه إيران. ويعني هذا المفهوم، الذي تبناه أوباما علنا، أن على الولايات المتحدة منع إيران، ليس من استخدام القنبلة النووية، بل من امتلاكها بالأساس، ومنع طهران بطريقة سلمية إن أمكن أو بطريقة عسكرية إن دعت الحاجة إلى ذلك. وفي الوقت الذي رفض فيه هيغل بالتحديد الردع، انتقد الخطوط الأساسية للسياسة. وقد عبّر عن تشككه في ضرورة أن تهدد الولايات المتحدة إيران عسكريا، وأشار إلى أن استعراض العضلات الذي تمارسه الولايات المتحدة في الخليج العربي يزيد من احتمال التوصل إلى تسوية مع إيران، وانتقد اللجوء إلى الخيار العسكري من أجل عرقلة أو تقويض البرنامج النووي الإيراني. وفي هذا السياق، غطت المعركة التي تلوح في الأفق حول التصديق على قرار تعيين هيغل، على العواقب الاستراتيجية للترشيح. إن اختيار أوباما مرشحا لوزارة الدفاع تختلف سيرته المهنية عنه كثيرا فيما يتعلق بهذا الموضوع الحرج يوضح الكثير عن الرئيس، أكثر مما يوضح عن المرشح. وبعيدا عن الجدال الأميركي الداخلي حول مدى استحقاق هيغل لهذا المنصب، سيكون لدى قادة الدول الأجنبية أسئلة جادة بشأن مصداقية التزام الرئيس بردع إيران. ومن غير المرجح أن يتحدث أحد صراحة عن الأمر، بل سيغيرون توقعاتهم فقط بحسب الموقف. إنه أمر غير ذي بال كما يقول مؤيدو هيغل، حيث سيوضح هيغل كل الأمور خلال جلسات التصديق على قرار تعيينه. ومن المتوقع أن يدعم هيغل سياسة الردع بحماسة وجدية. وسوف يؤكد على حقيقة أن الرئيس في النهاية، لا وزير الدفاع، هو الذي يرسم السياسات، لكن كل ذلك إغفال للفكرة الرئيسية. وسوف يكون غرض الجلسات هو البحث في مدى استحقاق هيغل للمنصب لا اختيار التزام أوباما. ولم يهتم قادة الدول الأجنبية كثيرا بما إذا كانت الإدارة الأميركية تحاول حل المشكلة بمجموعة من المسؤولين رفيعي المستوى الذين يحاولون الموازنة بين ترشيح هيغل وزيادة التأكيد على التزام الرئيس بالردع. بالنسبة إلى العالم، عبّر أوباما صراحة عن اختياره لمرشح لم يؤمن يوما بفكرة ضرورة منع إيران بأي ثمن من امتلاك سلاح نووي، وسيتطلب تغيير هذا الانطباع السلبي أفعالا لا أقوالا فحسب. كيف نعالج المشكلة إذا كان أوباما بالفعل ملتزما بسياسة الردع؟ أولا البدء في التخطيط المستقبلي مع حلف شمال الأطلسي والحلفاء الآخرين حول كيفية استمرار الضغط الدولي على إيران بعد ضربات عسكرية، من أجل تقويض برنامجها النووي. وسوف يبعث هذا التخطيط المستقبلي رسالة مفادها أن الإدارة جادة في اللجوء إلى استخدام القوة. ثانيا دعوة مجموعة من الصحافيين لمشاهدة عرض لقنبلة ضخمة تقليدية مصممة لغرض واحد؛ تدمير المنشآت النووية الإيرانية في قرية فوردو التي تقع داخل جبل. ثالثا: تنظيم وتنفيذ تدريبات على مستوى عال في الخليج هدفها حماية الأصول الأساسية من أي ضربة انتقامية إيرانية. وسوف تركز هذه التدريبات على الدفاع عن مضيق هرمز وحماية البنية التحتية الأساسية. رابعا: توصيل مساعدات عسكرية بأسرع ما يمكن إلى المعارضة السورية، وهو ما من شأنه أن يدلل على رغبة الإدارة في الصراع مع إيران على عدة جبهات. خامسا: ينبغي على أوباما التفكير في السفر إلى تل أبيب والرياض وأبوظبي لإطلاع الشركاء الإقليميين وشعوبهم على الخطط الأميركية الرامية إلى منع إيران من امتلاك قنبلة. المثير للمفارقة هو أن ترشيح هيغل زاد احتمال الدخول في صراع مع إيران، من خلال إثارة الشكوك حول مدى التزام واشنطن بسياسة الإدارة المعلنة. ويساعد تبني هذه الأفكار في استرجاع فرصة التوصل إلى حل سلمي.
الشرق الأوسط
العصر
إبراهيم قرة غل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة