بن كاسبيت
تصدير المادة
المشاهدات : 6497
شـــــارك المادة
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مناسبة عامة في عكا يوم 1 كانون الأول: "نحن (إسرائيل) نجري عمليات عرضية في سورية لمنعها من أن تصبح جبهة ضدنا وللتصدي لنقل الأسلحة الفتاكة، لاسيما من سورية إلى لبنان". وهذه هي المرة الأولى التي يصرح فيها الجانب الإسرائيلي بشكل ٍ رسمي، أي بالاعتراف علناً بنشاط إسرائيل العسكري في الأراضي السورية.
وأكد بذلك وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون في يوم 29 تشرين الثاني، للإذاعة الإسرائيلية العامة "أن طائرة مقاتلة روسية قد اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي مؤخراً عن "طريق الخطأ". وأضاف: "توغلت الطائرة نحو ميل إلى داخل أراضينا". وأضاف: "لقد أنشأنا اتصالاً لاسلكياً معها وعادت على الفور إلى المجال الجوي السوري".
وفي يوم 28 تشرين الثاني الذي يصادف يوم "سبت الثقافة" صرح مدير المكتب السياسي العسكري في وزارة الدفاع الإسرائيلية اللواء عاموس جلعاد: "أن الاختراقات الوجيزة مثل التي يقوم بها الطيارون الروس إلى داخل المجال الجوي الإسرائيلي قد حدثت عدة مرات في الآونة الأخيرة" وأشار إلى أنه تم إبلاغ الطيارين الروس على الفور من خلال الراديو وعادوا بالطريقة التي جاءوا بها، من دون أي حوادث.
وفي الوقت الراهن تحتدم الأمور على طول الجبهة الروسية التركية، مع تبادل الانتقادات والاتهامات بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أوردوغان. وفي الوقت نفسه تحدث أمور مثيرة للاهتمام على جبهة حساسة بنفس الدرجة وليست أقل إثارة للاهتمام، أي حيث تلتقي الأجواء السورية واللبنانية والإسرائيلية. كما لو لم يكن هناك بالفعل ما يكفي من اللاعبين في المنطقة لتحريك الأمور وتعقيدها، فقد انضم إليهم مؤخراً الجيش الروسي بقوته الجوية الضخمة، والقوة البحرية الكبيرة، ومؤخراً بطاريات S-400 المضادة للطيران التي تغطي المنطقة بكاملها، وهذا يعني أن أي طائرة إسرائيلية تقلع هناك يمكن الكشف عنها وإسقاطها من قبل الطاقم الروسي.
ومع ذلك، وبالرغم من كل هذا، فإن الروس والإسرائيليين على الصفحة نفسها، على الأقل حالياً. فهم يرون الوضع بشكل متزامن وينسقون أنشطتهم في الوقت الحقيقي، ويحترمون بعضهم البعض ويعطون لبعضهم المساحة التي يحتاجونها. إسرائيل تفعل ذلك بشكل رئيسي لأنه لا يوجد لديها خيار في المسألة. وروسيا تفعل ذلك لأنها لا تحتاج أو لا تريد فتح جبهة أخرى، بالإضافة إلى كافة الجبهات الأخرى التي فتحتها بالفعل في المنطقة.
التقى نتنياهو وبوتين على هامش مؤتمر المناخ في 30 تشرين الثاني، حيث وصفه مسؤول مطّلع على مضمون الاجتماع بأنه "مفيد وودي". وقد سُأل عضو الكنيست افيغدور ليبرمان وزير الخارجية السابق والخبير في الشؤون الروسية يوم 28 تشرين الثاني عن رأيه حول هذا الوضع المعقد، مجيباً: "لدينا تنسيق كامل في الوقت الحقيقي مع القوات البرية والجوية الروسية. وهناك خط مفتوح من الاتصالات بيننا، على مدار 24 ساعة، طوال أيام الأسبوع، آمل ألا نجد أنفسنا في نفس الحالة التي وجد الأتراك فيها أنفسهم مع الروس. مع أنني لا أرى أي سبب لحدوث ذلك، كل ما كان يشير إليه الروس يبدو أنه يركز على التعاون الوثيق. ففي هذا الأسبوع فقط، مدد بوتين فترة عقوبة الأفعال المعادية للسامية في روسيا. ويريدون استيراد المزيد من الخضار الإسرائيلية. ويقولون لنا بأننا لسنا طرفاً (في الصراع)، على الأقل بقدر اهتمامهم بالموضوع. وروسيا ليس لديها مشكلة معنا، فهم يتعاملون مع مصالح أخرى".
إلا أن في بعض الأحيان هذه المصالح المشتركة قد تتعارض مع المصالح الإسرائيلية وهنا تكمن المشكلة، في حين أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قدرت المشاركة الروسية على الحدود الشمالية لإسرائيل، إلا أنها تشعر بالقلق أيضاً حيال ذلك. بالكاد كان اعتراف نتنياهو العلني حول هجمات إسرائيل في سورية بمحض الصدفة. فرغم سمعة نتنياهو بهفواته الكلامية حول المسائل الأمنية، إلا أن كل ما قاله هذه المرة كان مقرراً سابقاً. إسرائيل تريد تفعيل التنسيق الأمني مع الروس على الأرض أيضاً، وليس في الهواء فقط.
وقد حذرت إسرائيل بعد عدد محادثات بخطورة مرور أسلحة من سورية إلى لبنان لصالح حزب الله، والتي قد تخل بتوازن القوة من الشرق إلى الغرب (أي من إيران عبر الرئيس السوري بشار الأسد إلى حزب الله) وستعتبر هذا سبباً للحرب.
وإلى الآن مازالت إسرائيل تستطيع الهجوم على أي قافلة سلاح يتم كشفها، وخاصة بعد انعدام القدرات الدفاعية للنظام السوري، إلا أنه بعد دخول الدب الروسي إلى الساحة السورية قد يثبر التساؤل حول ردها في حال الهجوم مرة أخرى على إحدى قوافل السلاح. وتأمل كل الأطراف بأن الأمور ستسير كما هو يجب، ولكن الواقع له قواعده الخاصة. فأحياناً الأحداث على الأرض هي التي تملي كيفية الاستجابة على المستوى السياسي وليس العكس.
أوضح مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى، شريطة عدم كشف هويته بأن "الوضع معقد جداً. فقد جاء الروس إلى هنا لمساعدة المحور الشيعي، الذي يعتبر أكثر التهديدات خطورة بالنسبة لإسرائيل. ونتيجة لذلك، فهم لا يخدمون مصالحنا، ظاهرياً على الأقل. ولكن في الوقت نفسه، يفهم الروس حاجتنا لمنع وصول مختلف الأسلحة إلى حزب الله. إلى جانب ذلك، يقوم بوتين بإضعاف أردوغان حالياً، وهو ما يصب في مصلحتنا أيضاً. وبالتالي، فإن الوضع متقلب جداً ومتغير، مع عدم تحديد أي شيء بشكل واضح. الأعداء في العادة واضحون. والمصالح أيضاً واضحة في العادة. كل شيء كان يحدد ويعرّف مسبقاً. اليوم، كثيراً ما تجد نفسك في نفس القارب مع ألد أعدائك والمصالح المتضاربة ولكنهم أيضاً يتنازعون. ليس هناك بداية ولا نهاية لهذا الأمر".
ونحن حتى لم نذكر المصالح الاقتصادية حتى الآن. فعلى الرغم من العداء المرير بين إسرائيل وتركيا، فقد يظهر وضع ما قريباً حيث يجد أردوغان ونتنياهو نفسيهما على نفس منصة الغاز الطبيعي. وفقاً للخبراء، فإن التوترات بين الروس والأتراك قد تنسف خطط بناء خط أنابيب الغاز الجنوبي الضخم التي كانت روسيا تعتزم تشغيله من خلال تركيا.
الأتراك من جانبهم، أشاروا مؤخراً بأنهم يريدون الغاز الإسرائيلي، المستخرج من حقول الغاز الطبيعي الواسعة المكتشفة قبالة الساحل الإسرائيلي. وهناك مشروع كبير لتطوير خط أنابيب الغاز الإسرائيلي، بالتعاون مع قبرص وربما اليونان، من شأنه أن يرسل الغاز إلى محطة في تركيا، حيث يتم تصديره إلى جميع أنحاء أوروبا. وقد بدأت مؤخراً خطط لمثل هذه الخطوط تدغدغ خيال قادة جميع الدول المشار إليها أعلاه.
في الواقع، في 25 تشرين الثاني، التقى نتنياهو مع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس لمناقشة الموضوع. قد ينتج شيء ما من هذا المشروع، والمصالح يمكن أن تنعكس مرة أخرى. حتى حدوث ذلك، فإن قوات الدفاع الإسرائيلية تنظر إلى الشمال بذعر كبير.
فحتى الآن كانت إسرائيل تركز على محور الشر الشيعي العلوي، مع الإرهاب السني في المناطق المحيطة بها. حالياً دخل لاعب جديد إلى المعادلة، لاعب هام وجوهري، مما يغير كلاً من قواعد اللعبة وموازين القوى. المشكلة هي أنه لا أحد يعرف حتى الآن ما إذا كان هذا التغيير جيداً أم سيئاً.
ترجمة السورية نت
العصر
صحيفة الاندبندنت
عربي 21
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة