المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2906
شـــــارك المادة
هيمنت القضية السورية على اللقاء الأول الذي جمع الرئيسين الأمريكي والروسي على هامش قمة العشرين في هامبورغ (7 يوليو 2017)، وتشير مصادر أمنية غربية إلى توافق المؤسسات الأمريكية بما فيها مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية والدفاع والبيت الأبيض على معالجة القضية السورية من خلال الاتفاق مع موسكو على إنشاء مناطق آمنة يتم بموجبها تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ بين القوى الفاعلة، وإحالة المسألة إلى قائد القوات الأمريكية في سوريا الجنرال ستيفن تاونسند وقائد القوات الروسية في سوريا سيرجي سورفيكين لتحديد مناطق النفوذ ميدانياً، وذلك استناداً للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين بوتين وأوباما في سبتمبر 2015. وتركز الخطة -مع بعض التعديلات الحديثة- على إنشاء منطقة فض اشتباك شرق سوريا على طول خط حدودي تم رسمه مؤخراً بطول 128 كم يمتد من بحيرة الأسد في الطبقة شمالاً إلى الكرامة على الشاطئ الجنوبي للبحيرة، وتموضع 4500 جندي أمريكي على الحدود الجنوبية بهدف محاربة تنظيم "داعش" ومنع إيران من إنشاء ممر بري يصلها بالمتوسط عبر العراق وسوريا. إلا أن المشكلة الرئيسة تكمن في واشنطن وليس في موسكو، إذ يرى بعض الضباط المحيطين بوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن الوجود الإيراني في سوريا يجب أن يؤخذ على أنه أمر واقع، لأن الهدف الرئيس لواشنطن في الوقت الحالي هو محاربة تنظيم "داعش"، وليس وقف تقدم الميلشيات الشيعية في سوريا، ويبدو أن التمدد الإيراني لا يثير حفيظة الضباط الذين يركزون على سير العمليات ضد تنظيم الدولة فحسب. ووفقاً لتقرير "ديبكا" (14 يوليو 2017) فإن الجنرالات الأمريكيين يريدون اتخاذ مدينة إزرع في حوران كمركز بسبب موقعها بين قوتين عظميين هما: الحامية الأمريكية في معبر التنف في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي على بعد 250 كم، والقاعدة الروسية في خربة راس الوعر التي تبعد عن إزرع 55 كم، بحيث تصبح هذه المدينة مركز قيادة عمليات أمريكية-روسية مشتركة بالغ السرية. وفي ذلك المكان الإستراتيجي الذي يقع خلف مقر قيادة الفرقة السابعة التابعة للنظام، يضع البلدان (أمريكا وروسيا) تفاصيل تعاونهما الميداني في سوريا، ومن ذلك تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه في اجتماع الرئيسين ترامب وبوتين. كما يؤكد التقرير أن الضباط الأمريكان والروس يعملون من هذا المقر السري على: رسم خرائط تقاسم النفوذ، وتحديد مناطق فض الاشتباك، وآليات تثبيت ومراقبة الهدنة في القنيطرة ودرعا والسويداء. ويبدو أن ضباط البنتاغون لم يهتموا كثيراً بمواقع تمركز "حزب الله" والحرس الثوري الإيراني، وذلك لإدراكهم أن عملية جلب الفرقاء الميدانيين من ميلشيات طائفية وقوات النظام وفصائل المعارضة هو أمر غير ممكن في الوقت الحالي، ويرغبون بجعل اتفاقاتهم ملزمة لجميع الأطراف بقوة السلاح. وبناء على هذه التفاهمات غير المعلنة بادرت الأردن إلى تجاوز العقد الإيرانية ووافقت على إبرام اتفاق سري مع الأسد، بحيث يبسط النظام سيطرته على معبر نصيب ويرفع علمه على بنائه ويرسل طواقم أمنية ومدنية لفتح المعبر وتشغيله لإدارة حركة عبور البضائع والمسافرين بين البلدين. كما أكد التقرير أن الأردن قد بدأ (يوم الأربعاء 12 يوليو 2017) بالتفاوض مع النظام السوري على إعادة فتح نقطة عبور ثانية، وذلك بموافقة كل من واشنطن وموسكو، كخطوة لإعادة النظام علاقاته وحركته التجارية مع دول الجوار والتي تبلغ نحو مليار دولار سنوياً. وأكدت وكالة "آكي" الإيطالية (18 يوليو 2017) أنه قد تم الاتفاق على أن يكون المعبر الحدودي بين سوريا والأردن تحت إدارة مشتركة بين النظام والمعارضة دون أي تواجد عسكري أو أمني للنظام في هذا المعبر، وذلك بالتزامن مع سلسلة اجتماعات "سرية" يعقدها المبعوث الأمريكي لسوريا مايكل راتني في العاصمة الأردنية عمان مع قادة الفصائل بهدف إنشاء قوات شرطة في محافظة درعا لحفظ الأمن وتوفير الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين في الأردن، بالإضافة إلى تعزيز دور المجالس المحلية، وربطها مركزياً بجهاز يُشرف عليها، على أن تكون الخطوة المقبلة تنظيم انتخابات لهذه المجالس بعد أن تم سابقا اختيارها بالتوافق ودون انتخابات. واعتبر مدير مشروع مكافحة الإرهاب في معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن تشارلز ليستر أن التوافقات الأخيرة غير المعلنة تُعدّ اعترافاً من الولايات المتحدة الأميركية فعلياً بهزيمتها أمام روسيا، وخروج إيران بالنصيب الأكبر من المكاسب، إذ أن الاتفاق يتضمن: - إبقاء الأسد في السلطة. - الإذعان لفكرة المناطق الآمنة التي اقترحتها موسكو وحلفاؤها. - الاعتماد على التعاون مع موسكو والقوات الروسية في تمشيط أجزاء من البلاد. وبناء على هذه البنود فإنه من الواضح أن الولايات المتحدة تقوم بمعالجة أعراض المشكلة بدلاً من وضع حد جذري لها، الأمر الذي سيخلق المزيد من المبررات لتنامي ظاهرة التطرف في الأوساط السنية بدلاً من القضاء عليها. وبالإضافة إلى هذه التنازلات؛ تتحدث الإدارة الأميركية عن إمكانية قيام نظام الأسد بإعادة مد نفوذه في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وأن ذلك لن يُمثِّل مشكلةً لسياسة الولايات المتحدة، في حين أنها لا توفر حلولاً منظورة لملايين اللاجئين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم دون توفر أدنى مقومات الأمن والاستقرار في ظل هيمنة نظام بشار والميلشيات الطائفية الحليفة له، خاصة وأن روسيا لم تتمكن حتى الآن من الوفاء بالتزاماتها في تأمين وقف إطلاق نارٍ واحدٍ منصفٍ ومثمرٍ وقويٍّ منذ تدخلها في سوريا قبل عامين. ولعل الاعتبار الأخطر من ذلك كله هو الموافقة الضمنية للإدارة الأمريكية على بقاء مئات الآلاف من المقاتلين الأجانب الشيعة واعتبارهم طرفاً أساسياً في معادلة تقسيم مناطق النفوذ بين القوى الفاعلة في سوريا. فعلى الرغم من الاتفاقَ الأخير لوقفِ التصعيدِ في الجنوب الغربي ، لا يوجد بند يُلزِم الميلشيات المرتبطة بإيران على الانسحاب من المنطقة المحاذية لإسرائيل؛ كما أن الاتفاق لا يُحدد عمق المناطق الآمنة والمناطق التي يجب أن تنسحب هذه الميلشيات إليها، فضلاً عن الإقرار الضمني بإمكانية بقائها في المناطق التي سيطرت عليها على طول الحدود العراقية-السورية رغم التحذيرات التي أصدرتها واشنطن ثم تنازلت عنها فيما بعد.
للاطلاع على التقرير كاملاً: التقرير الاستراتيجي العدد 44 إعداد: المرصد الاستراتيجي
الهيئة العامة للثورة السورية
الجزيرة نت
ريان محمد
عبسي سميسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة