ترك برس
تصدير المادة
المشاهدات : 2744
شـــــارك المادة
شهدا الأسبوع الماضي تصاعدًا في حدة التوتر السياسي بين أنقرة وطهران بعد أن وجهت تركيا اللوم إلى إيران بانتهاج سياسة طائفية في منطقة الشرق الأوسط والعمل على زعزعة الاستقرار فيها. وخلال جولته الخليجية وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة لإيران متهما إياها بالسعي إلى تقسيم العراق الذي يشهد نزاعات طائفية وقومية، والترويج للنزعة القومية الفارسية، متعهدا ببذل جهود لمواجهة المحاولات الإيرانية. وأعقب تصريح أردوغان تصريح آخر لوزير خارجيته، مولود تشاويش أوغلو الذي قال خلال مؤتمر أمني في مدينة ميونيخ الألمانية، إن إيران تريد تحويل سوريا والعراق إلى المذهب الشيعي، وهذا أمر يجب أن يتوقف. وردا على هذه التصريحات استدعت ايران السفير التركي، وحذرت تركيا من أن "لصبرها حدودا"، وأنه إذا استمر المسؤولون الأتراك في الإدلاء بمثل هذه التصريحات، فإنها لن تبقى صامتة. فما هي أسباب هذا التوتر العلني بين القوتين الإقليميتين، وهل يؤدي إلى وقوع مواجهة عسكرية قريبة بينهما؟ يرى المحلل السياسي التركي، أتيلا يشيلدا، في تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزي، أن التوتر بين تركيا وإيران لم يكن مفاجئا تماما، فقد كان هذا التوتر يغلي تحت السطح منذ مدة طويلة جدا، وقد أجبرت التطورات الأخيرة في سوريا والعراق البلدين على تبني نهج أكثر عدائية تجاه الآخر. وأضاف يشيلدا أن تركيا تقوم بدور الحامي لأهل السنة في المنطقة، في حين أن إيران تريد بناء دائرة نفوذ شيعية على طول الطريق من طهران إلى لبنان، لذلك فلا مفر من أن تصطدم هاتان القوتان الإقليميتان. وأوضح يشيلدا أن داعش يفقد باطّراد مساحات واسعة من الأراضي في كل من العراق وسوريا، ومن ثم يحدث فراغٌ كبيرٌ في السلطة على طول الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا، مما سيتسبب في صدام تركي إيراني حول القوة التي ستهيمن على تلك المنطقة. وبحسب المحلل التركي تشعر أنقرة بقلق بالغ من القوة التي ستحل محل داعش، وأنها إن لم تتحرك فورا وبقوة، فإن الميليشيات المدعومة من إيران أو بشار الأسد أو حزب الاتحاد الديمقراطي "بي واي دي" يمكن أن تسيطر على المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش.
ويقول محللون إن إيران تعمل بنشاط من أجل إنهاء الوجود العسكري التركي في سوريا والعراق، لكي تتأكد من استمرار سيطرة حلفائها على المنطقة. وقال علي أكبر ولايتي كبير مستشاري الشؤون الدولية لدى المرشد الأعلى خامنئي إن القوات التركية ينبغي لها أن تنسحب فورا من سوريا والعراق أو أن يطردها الشعب. وبحسب خبراء أتراك في الشأن الإيراني، فإن إيران تشعر بقلق بالغ من الوجود التركي في سوريا والعراق. وقال إرديم أيدين خبير الشؤون الإيرانية في جامعة بوغازجي في إسطنبول إن إيران منزعجة من عملية درع الفرات التركية في سوريا، ومن وجودها العسكري في معسكر بعشيقة بالعراق، وترى أنهما يمثلان عقبة كبيرة أمام رغبتها في توسيع نفوذها في المنطقة. وأضاف أيدن أن إيران ترغب أيضا في إحباط الجهود التركية لإنشاء منطقة آمنة للسنة في شمال سوريا تكون هي المسيطرة عليها. ويشير أيدن إلى أن تصاعد التوتر بين أنقرة وطهران جاء بعد جولة الرئيس أردوغان في دول الخليج العربي، مضيفا أن هناك سببا وجيها للاعتقاد بأن أردوغان طلب من حلفائه في الخليج تمويل إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وهو ما أزعج إيران، ومن المحتمل أيضا أن تكون دول الخليج قد طلبت منه اتخاذ موقف أكثر حدة تجاه إيران.
ويرى محللون أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العدواني تجاه إيران، وإبداءه الاستعداد لإقامة منطقة عازلة تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا لعب دورا مهما في إشعال التوتر بيت أنقرة وطهران. وينوه أيدن إلى أن روسيا لاعب مهم في هذا التوتر، موضحا أن تقارب روسيا أخيرا مع تركيا، إلى جانب خلافاتها مع إيران بشأن سوريا سيلعب دورا مهما في مستقبل العلاقات التركية الإيرانية. وأوضح أن هناك اختلافات في الرأي بين روسيا وإيران بشأن مستقبل سوريا، فروسيا تعد الأسد حليفا لها لكنها لا تصر على بقائه في الحكم، وقد تضحي به بسهولة، بينما تريد إيران بقاء الأسد. ولذلك فقد تختار روسيا عدم الوقوف إلى جانب إيران في دعم الأسد ضد تركيا. ويستبعد محللون أتراك حدوث مواجهة فعلية بين تركيا وإيران على ضوء التوتر السياسي بينهما في المدة الأخيرة بسبب العلاقات الاقتصادية الكبيرة بين القوتين الإقليميتين الكبيرتين في المنطقة.
وقال المحلل التركي إرديم إيدين لا أعتقد أن التصعيد الأخير للتوتر السياسي بين البلدين سوف يؤدي إلى نتائج خطيرة، وذلك في ضوء العلاقات الاقتصادية القوية بينهما، فـ90% من صادرات الغاز الطبيعي الإيراني تذهب إلى تركيا، وتستورد الأخيرة 20% من احتياجاتها من الغاز من إيران. واستدرك إرديم أن تركيا ما تزال على استعداد لمواجهة أي تهديد اقتصادي توجهه إيران بوقف إمدادها بالغاز الطبيعي، وأن تقوم بكل ما يلزم لمنع إيران من توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، لأن أي سيناريو آخر سيكون باهظ الثمن سياسيا بالنسبة إلى تركيا.
أحمد حمزة
غداف راجح
عدنان عبد الرزاق
الشرق القطرية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة