..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

كل الأرتال تتسابق إلى الرقة

أسامة الملوحي

١١ نوفمبر ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2597

كل الأرتال تتسابق إلى الرقة
0987.jpg

شـــــارك المادة

مدينة الرقة السورية مدينة سادت ثم بادت…

الرقّة السورية درّة الفرات وأحد منازل الدنيا الأربعة عند هارون الرشيد…

الرقة التي سادت في التاريخ وأُهملت في عهد آل الأسد وتباد اليوم لتكون مدينة سادت ثم بادت.

أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان إنه ينبغي على التحالف الدولي أن يبدأ الهجوم على الرقة بالتزامن مع العملية العسكرية الدائرة للسيطرة على مدينة الموصل (شمالي العراق) وانتزاعها من تنظيم الدولة.

لقد صرح الوزير الفرنسي بأنه يرى هذا التزامن أمراً ضرورياً…وبذلك أفصح عن الإطار العام كاملاً للخطة العسكرية الأمريكية الغربية الحالية ضد تنظيم الدولة.

العسكريون الأمريكيون يعتمدون دائماً في خططهم وأُطر عملياتهم على المعلومات الغزيرة المخزونة والمعلومات المحدّثة, ويعتمدون أكثر على رصد وقراءة وتحليل ردة فعل الخصم في الأيام الأولى لبدء المعارك…. بل يختبرون عدوهم بمناوشات واقترابات حذرة محدودة مع حملة دعاية حربية ضخمة ثم يراقبون الإجراءات المضادة والتحضيرات الكامنة للخصم ويركزون على حركة القتال والمقاتلين حتى يضعوا المسارات الرئيسية لخطة الخصم وحركة امداداته الاستراتيجية….

وفي معركة الموصل كان محور الخطة الأمريكية الرئيسي هو رسم وتوجيه المهرب, وهو أصلاً مبدأ حربي استراتيجي أن تعطي خصمك مهرباً ومخرجا من المنطقة التي تريد الاستيلاء عليها  ومن الواضح أن القرار كان كنس مقاتلي تنظيم الدولة ودفعهم باتجاه الأراضي السورية وتُركت فعلاً لأجل ذلك ممرات من الجهة الغربية للموصل من غير هجمات برية رئيسية.

ولكن ردة فعل التنظيم كانت على غير التوقعات ويبدو أن الرصد الأميركي قد سجّل حركة استراتيجية معاكسة كبيرة من مقاتلي التنظيم من سوريا باتجاه الموصل وقد صرح عسكريون ومراقبون بذلك فعلاً…

ولم يكن أمام الأمريكيين الذين يقودون المعركة في الموصل إلا أن يحركوا في الجهة الأخرى لداعش, فأعلنوا بدء معركة الرقة عبر مؤتمر صحفي عاجل مفاجئ لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” وأثاروا بالإعلان دعاية هائلة على عجل واختاروا اسماً قوياً للعمليات وركزوا على أن بدء العمليات سيكون خلال ساعات, وأعلن الأمريكيون مع الفرنسيين والألمان عن انتشار فوري لخبرائهم ومشرفيهم العسكريين في المنطقة.

وأعلنت “قسد” فعلاً بعد ساعات أنها قد حققت تقدماً فعلياً وأعلنت الاستيلاء على قرية لقطة من محور بلدة سلوك وقرية البو علاج من محور بلدة عين عيسى وكلا القريتين ليس فيهما أعداد تذكر من مقاتلي تنظيم الدولة ومع ذلك روجوا لعبارة “بعد قتال عنيف”.

كل هذه الزوبعة نُفذت بوقت قياسي وبإجراءات سريعة وجذبت فعلاً الإعلام والإعلاميين وراح الحديث يدور عن المشاركين وعن تنحية تركيا عن هذا العمل وعن أمور تفصيلية أخرى وعن ردود أفعال الدول والجهات المختلفة.

ولا يُستبعد أبداً أن تتحرك قوات “قسد” لقضم مناطق مكشوفة شبه فارغة شمال وشمال شرق الرقة وأن تعلن عنها بصخب وجلبة, وبنفس الضجة التي  أعلنت فيها الاستيلاء على قرية “لقطة” التي لا يسكنها حالياً أكثر من 200نسمة تقريباً… والجلبة مقصودة وستُتبع عاجلاً بما يدعمها من إجراءات جوية مع قضم و انزالات محسوبة في المناطق الفارغة هنا وهناك حول محيط الرقة …كل ذلك لجذب مقاتلي تنظيم الدولة إلى سوريا وللتعجيل في تفريغ الموصل منهم فمعركة الموصل لم تصل إلى الجزء الأصعب داخل أحياء الموصل المكتظة القديمة وما فيها من سراديب ومفاجآت, وإلى الآن لم تُسجل نسبة النزوح المتوقعة والمنشودة بين المدنيين في الموصل ناهيك عن المقاتلين….وبدأنا نسمع من العسكريين الأمريكيين ان المعركة ستطول وتطول.

نحن أمام دعاية حربية تحاول أن تكون محترفة وعاجلة في مفعولها ولكن  أمور عدّة كشفت التهويل فيها والتسريع المفتعل لما أُعلن فيها…

فرئيس الأركان الأميركي سارع إلى أنقرة وأعلن أنه سيكون لتركيا دور في انتزاع الرقة من تنظيم الدولة على المدى البعيد ففضحت عبارة المدى البعيد الدعاية المتسارعة المقصودة الموجهة…. وأعلن وزير الخارجية التركي على أثره أن البدء الفعلي لعمليات الرقة لن يكون قبل مضي أسابيع قادمة.

و أن تتمكن قوات سورية الديمقراطية الكردية من تنفيذ مهمة الرقة وحدها مع الدعم الجوي والفني والاستخباري الغربي فهذا يصطدم بشدة بعدة عوائق:

عدد هذه القوات لا يكفي قطعاً لتنفيذ المهام العسكرية البرية اللازمة التي توجب الانتشار في محيط الرقة على مساحات واسعة, وقطع الإمداد الدائم من جهة الشرق والجنوب, وعمليات الاقتحام من عدة محاور, والتمشيط الواسع, ثم مسك الأرض…. لذلك أعلن التحالف الغربي بعد الإعلان عن بدء عمليات الرقة عن عمليات تجنيد وتدريب للمزيد من المقاتلين ولك أن تتأمل سرعة عمليات ما زالت قيادتها في طور تجنيد وتدريب المقاتلين.

قوات “قسد” ستنتشر على مساحات واسعة وستبتعد عن قواعدها الخلفية وعن حاضنتها الشعبية وستكون في وسط غريب معاد لها إلى حد كبير.

قد يستغل مقاتلو الجيش الحر انشغال الميليشيات الكردية في الرقة وتكثيف أعدادها في مساحات محافظة الرقة المترامية لتنفيذ عمليات عسكرية خاطفة لاستعادة مدينة منبج ومدينة تل رفعت وما حولها من هذه الميليشيات بمساعدة تركية أو حتى بدونها.

إذا قرر تنظيم الدولة القتال حتى الرمق الأخير في الرقة وما حولها فستنتظر قوات “قسد” معارك شرسة وخسائر كبيرة قد تصل إلى إبادة مجموعات بأكملها خاصة في المثلث الزراعي شمال المدينة وفي داخل المدينة نفسها وإذا سبق سقوط الموصل توقيت المعارك الحاسمة في الرقة فسيكون هناك أعداد متزايدة من مقاتلي تنظيم الدولة المنسحبين من الموصل إلى الرقة وإرادة أكبر للحفاظ على ما تبقى من مناطق لتنظيم الدولة.

أما أن يستطيع التحالف الغربي النجاح في تجنيد وتدريب مجموعات جديدة من العرب وأبناء العشائر في المناطق السورية الشرقية ليزجهم في المعركة بعيداً عن فصائل الجيش الحر التي خيبت آمال أميركا وطموحاتها مراراً  فهذا أمر وارد في ظل كلام عن ترتيبات ومساعٍ وتجنيد يقوم به أحمد الجربا وغيره بهذا الاتجاه.

أما النظام والميليشيات وروسيا فمستبعدٌ أن لا يكون لهم دور في طبخة الرقة, فإذا نسقوا مع قوات “قسد” واتفقوا فسيتبادلون الأدوار معهم وسيترك النظام لقوات “قسد” مؤقتاً شرق وشمال شرق الفرات وسيتقدم مع الميليشيات الطائفية براً تحت الغطاء الروسي من خناصر أو من سفيرة إلى مسكنة فالطبقة أو من الجنوب عبر السخنة وسيصل إلى الضفة الجنوبية الغربية للفرات ويحتل الطبقة ومطارها على بعد 40 كم من الرقة.

ومع وجود أنباء عن تحشيد جديد يقوم به النظام والميليشيات في مطار كويريس جنوب الباب فالاحتمال وارد أن  يسعى النظام إلى اغتنام الفرصة و التقدم باتجاه مدينة الباب في أقرب وقت ممكن ليقطع الطريق على الجيش الحر و الأتراك في أي مشاركة لهم في عمليات ومصير الرقة… يقطع الطريق السياسي والطريق البري المناسب جنوب الفرات من الباب باتجاه مسكنة فالطبقة.

وإذا خسر تنظيم الدولة مساحة الرقة ريفاً ومدينة وهي مساحة تقارب ضعف مساحة لبنان فسينكفئ إلى دير الزور على بعد 130كم من مدينة الرقة ولن يستبعد أحد وقتها ان يستميت ويقتحم مطارها وأحياءها التي ما زالت تحت سيطرة النظام وان يخوض معركته الأخيرة هناك.

  ويبقى السؤال عن عمليات الرقة… ما مدى التنسيق الذي يجري ويتواصل الآن بين كل الأطراف المتحكمة؟.

وهل يمكن أن يكون بينهم أي خلاف بدون أي تصادم أو أخطاء؟.

أم أنهم اتفقوا جميعاً على ان يحيلوا الرقة كغيرها من المدن السورية التاريخية من مدن سادت إلى مدن بادت ومُسحت.

 

 

كلنا شركاء

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع