أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 3087
شـــــارك المادة
19 قتيلاً ضحايا القصف الروسي الأسدي يوم أمس، معظمهم في حلب وريفها، وروسيا تشارك تركيا وتشن غارات على تنظيم الدولة في الباب، بينما ثوار وادي بردى يطالبون بقية الفصائل بإشعال الجبهات في حال لم تتوقف هجمات النظام على الوادي، ومقتل 16913 مدنياً في سوريا خلال 2016،من جهتها روسيا تخرق الهدنة بدل أن تضمن تنفيذها،و77 خرقاً للنظام وحلفائه خلال ثلاثة أيام، أما في الشأن الدولي: ألمانيا تطالب ببحث مصير الأسد في الآستانة، وفرنسا تدعو روسيا إلى احترام الهدنة في سوريا.
19 قتيلاً (تقبلهم الله في الشهداء): وثقت لجان التنسيق المحلية في سوريا مقتل 19 شخصاً في سوريا يوم أمس الأحد، معظمهم في حلب وريفها، بينهم 4 أطفال و3 سيدات. وقد توزع الضحايا على مدن وبلدات سوريا كالتالي: 11 في حلب، معظمهم بالقصف الروسي على قرية تادف، و4 في دمشق وريفها، وشهيدان في درعا، كما قتل شخص واحد في كل من إدلب وحمص.
بذريعة وجود عناصر إرهابية: نظام الأسد وروسيا يمطران مدن سوريا بالقذائف: واصلت قوات النظام وميلشيا حزب الله خرقها للهدنة المزعومة، متذرعة بوجود عناصر إرهابية في صفوف الثوار، ووسعت تلك القوات عملياتها لتشمل منلطق ومدناً سورية عدة. حيث تعرضت مدينة الرستن في ريف حمص الشرقي لقصف عنيف بالقذائف المدفعية والصواريخ والرشاشات الثقيلة، ما أسفر عن سقوط شهيدين وإصابة آخرين. وقال ناشطون إن قوات النظام المتمركزة في كتيبة الهندسة وحاجز مريمين استهدفت أحياء الرستن ومنطقة الحولة بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة. و شن الطيران الروسي -الضامن للهدنة المزعومة- عدة غارات على مدينة جسر الشغور ومحيطها بريف إدلب الغربي، فيما شن المقاتلات الروسية غارات أخرى على قريتي السرمانية وخضيرة بريف حماة. وفي حلب، قصفت ميلشيات الأسد -المتمركزة في تلة البنجيرة- بالمدفعية الثقيلة بلدتي الزربة والعيس وقرى خربة المناصير والزيارة والبويضة وجبل المدورة في ريف حلب الجنوبي،كما استشهد أربعة مدنيين وأصيب آخرون بغارات جوية على مدينة الأتارب، في ريف حلب الغربي، و استهدف الطيران الحربي بالرشاشات الثقيلة بلدة خان العسل ومنطقة الراشدين غرب حلب وفي درعا طال قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة منطقة كوم الرمان بريف درعا الشمالي.
روسيا تشارك مجدداً: غارات تركية روسية على مواقع تنظيم الدولة شمال حلب:
أكد بيان صادر عن القوات المسلحة التركية -اليوم- مقتل 22 عنصراً من تنظيم الدولة، بعد غارات شنتها المقاتلات التركية على مواقع التنظيم في مدينة الباب ومحيطها شمال حلب. حيث استهدفت راجمات الصواريخ والمدفعية التركية 103 مواقع للتنظيم، كما أغارت الطائرات التركية على 8 مواقع في بلدتي بزاعة وتادف التابعتين لمدينة الباب في ريف حلب الشمالي. وأشار البيان إلى أن طائرات روسية دمرت أهدافا للتنظيم في قرية دير قاق، التي تبعد 8 كيلومترات جنوب غربي مدينة الباب.
مطالب بإرسال مراقبين دوليين إلى وادي بردى بريف دمشق: طالب أهالي وثوار وادي بردى -في بيان لهم- مجلس الأمن ومنظمة الصليب الأحمر بإرسال مراقبين دوليين، للوقوف على انتهاكات النظام، ومنعه من ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنينن في قرى الوادي، حسبما ذكرت الهيئة الإعلامية للوادي على حسابها في تويتر. وأكدّت الهيئة الإعلامية استمرار القصف الكثيف بالطيران الحربي على قريتي بسيمة وعين الفيجة، وذلك تزامناً مع قصف عنيف من مدفعية الحرس الجمهوري المتمركزة على تخوم الوادي. الإنذار الأخير: ثوار وادي بردى يطالبون بقية الفصائل بإشعال الجبهات: أصدرت الفصائل العسكرية الثورية العاملة في وادي بردى بياناً طالبت فيه الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار (روسيا-تركيا) بتحمل مسؤولياتها، والضغط على النظام والميلشيات الموالية له لوقف هجماتها على قرى الوادي. كما دعا البيان بقية الفصائل العسكرية الحرة -في حال عدم تجاوب الأطراف الضامنة- إلى نقض الهدنىة وإشعال الجبهات دفاعاً عن أكثر من 100 ألف مدني في قرى وادي بردى. وعرضت الفصائل العاملة في الوادي إرسال ورشات صيانة، لإصلاح مؤسسة عين الفيجة، التي تغذي 6 ملايين مواطن بمياه الشرب، في العاصمة وريفها، بعد أن دمرتها قوات النظام، مؤكدة أنها ستؤمن الحماية اللازمة لفنيي تلك الورشات. "وجود تنظيمات إرهابية" ذريعة النظام في قصفه للمناطق: ونفى البيان مزاعم النظام بانتشار مجموعات فتح الشام وتنظيم الدولة في المنطقة، مؤكداً أن كل الفصائل الموجودة في المنطقة تنضوي تحت راية الجيش الحر، وهم في غالبيتهم من أبناء المنطقة، مشيراً إلى أن نظام الأسد يستخدم ذلك ذريعة لقصفه أي منطقة في سوريا.
شبكة حقوقية: مقتل 16913 مدنياً في سوريا خلال عام 2016، معظمهم على يد الاحتلال الروسي الإيراني الأسدي: وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 16913 مدنياً في سوريا خلال عام 2016، معظمهم على يد قوات الاحتلال الروسي الإيراني الأسدي، من بينهم 3923 طفلاً، و 2562 سيدة.
وذكر التقرير أن قوات النظام والميلشيات الطائفية قتلت نحو 8736 مدنياً، بينهم 1984 طفلاً (بمعدل 6 أطفال يومياً)، و1237 سيدة، بالإضافة إلى 447 قضوا نتيجة التعذيب بينهم أطفال ونساء. كما قتلت القوات الروسية -حسب التقرير- 3967 مدنياً، بينهم 1042 طفلاً، و684 سيدة، في حين تسببت غارات التحالف الدولي بمقتل 537 شخصاً منهم 158 طفلاً، و98 سيدة، بينما قتلت الميلشيات الكردية 146 مدنياً من بينهم 24 طفلاً و23 سيدة و6 أشخاص بسبب التعذيب. بدل ضمان تنفيذها، روسيا تخرق الهدنة، 77 خرقاً يرتكبها النظام وحلفاؤه خلال ثلاثة أيام: وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 26 خرقاً جديداً في اليوم الثالث من الهدنة، ليرتفع عدد الخروقات التي وثقتها الشبكة خلال ثلاثة أيام إلى 77 خرقاً، يتحمل مسؤوليتها كلها نظام الأسد وروسيا والميلشيات الطائفية. و رصد التقرير 77 خرقاً، 68 عبر عمليات قتالية، و9 عبر عمليات اعتقال، 72 منها على يد قوات الأسد حصل معظمها في محافظة حمص، حيث بلغ عدد الخروقات فيها منذ دخول الاتفاق حيِّز التنفيذ 17 خرقاً، تلتها محافظة ريف دمشق التي شهدت 15 خرقاً، ثم محافظة حلب وحماة بـ 11 خرقاً في كل منهما، ثم محافظة درعا بـ 10 خروق، تلتها إدلب بـ 8 خروق. وسجل التقرير 5 خروق على يد القوات الروسية منها 4 في حلب و1 في حماة، وتسببت هذه الهجمات في استشهاد 3 أشخاص، طفلان، وشهيد من الثوار..
شبكة حقوقية: 827 قتيلاً مدنياً، حصيلة ضحايا ديسمبر الماضي في سوريا: وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 827 مدنياً في سوريا خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، معظمهم على يد قوات الاحتلال الروسي الإيراني الأسدي. وبلغت نسبة الأطفال والنساء 38% من مجموع الضحايا، ما اعتبرته الشبكة مؤشراً صارخاً على تعمد استهداف النظام للمدنيين، فيما سُجلت أعلى نسبة ضحايا حسب توزع المناطق في مدينتي حلب وإدلب. ووثق التقرير مقتل 411 مدنياً على يد قوات النظام ، فيما قتلت القوات الروسية 151 شخصاً، والميلشيات الكردية وتنظيم الدولة 47 شخصاً، بينما تسببت غارات التحالف الدولي بمقتل 60 مدنياً.
باريس تطالب موسكو باحترام الهدنة في سوريا:
أدان رئيس الوزراء الفرنسي "برنار كازنوف" الأعمال القتالية التي تنفذها روسيا في سوريا، مطالباً إياها بالكف عن المشاركة في تلك العمليات. ودعا "كازنوف" روسيا إلى وقف الأعمال العسكرية في سوريا، واحترام وقف إطلاق النار الهش في سوريا، الذي جرى بوساطة تركية روسية. ألمانيا ترفض أي دور للأسد في مستقبل سوريا، وتدعو لمناقشة مصيره في الآستانة: شدّدت ألمانيا على موقفها الرافض لأي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا، داعية الأطراف المشاركة في مؤتمر الآستانة إلى تحقيق ما تم التوصل إليه أثناء اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا، وهو تشكيل حكومة انتقالية. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الألمانية "مارتن شيفر" حيث أكّد على ضرورة أن يُطرح مستقبل "الأسد" على أجندة المباحثات التي ستعقد في العاصمة الكازاخستانية "الآستانة" أواخر يناير/كانون الثاني الجاري. وأوضح "شيفر" أنه من الضروري أن تشمل أجندة المفاوضات السورية في "أستانة" مسألة المستقبل السياسي لبشار الأسد، ودور الفصائل الثورية في تشكيل مؤسسات حكم انتقالية، على حد سواء. وقال "شيفر" إن برلين مقتنعة بأنه لا يمكن التوصل إلى حل سياسي في سوريا إلا في حال تقليص صلاحيات الأسد إلى حد كبير، مضيفاً، أن السلطات الألمانية ماتزال متمسكة باعتبار مشاركة الأسد -بعيدة المدى في الحياة السياسية بسوريا- أمراً مستحيلًا.
افتقار نظام الأسد لأدوار الممانعة والمقاومة..والتوافق المأمول مع ترامب: الكاتب: أسامة عثمان
بين الصورة والواقع لا تطابُق بين بنية النظام وشعاراته، ولا بين خطابه الفكري وهيكليَّته الحقيقية، ولعل مِن أوضح الأمثلة على ذلك أنْ يُفصَّل الدستور على مقاس بشار الأسد؛ (حين عدَّله مجلسُ الشعب السوري، بإجماع أعضائه؛ لخفض الحدّ الأدنى لعمر الرئيس من 40 عاماً؛ ليصبح 34 عاماً، عمر بشار آنذاك) ليَخْلُف والده، بعد أن خذل الموتُ حافظا في ولده المُعَدّ للحكم، وهو باسل، عام 1994، وقبل ذلك أنْ يُصار إلى التوريث، في أول دولة عربية نظام الحكم فيها جمهوري. وبما أنَّ بين الأهداف والوسائل علاقة متبادلة ومتفاعلة، فالهدف يتطلَّب وسيلته، وأرضيةً تناسبه، صلابةً، وديمومةً، والوسيلة تتأثَّر سلباً أو إيجاباً، ضعفاً أو قوَّة، بحسب الاقتراب من الهدف، أو الأثمان والأعباء التي قد تعمل على تآكُل الوسيلة، أو تعطيلها، ما الدور الذي أناطه مؤسِّسُ هذه السلطة الأسدية بنظامه؟ داخلياً واقتصادياً، رفع شعارات اشتراكية، مع أنَّ مآله كان مزيداً من تركُّز الثروة في أيدي مقرَّبين من الأسد. وفي المقابل، تمكَّن من إنجازات اقتصادية، لعلَّ مِن أبرزها سياسةً أقرب إلى الاكتفائية، والاستغناء في بعض السلع الحيوية، أو "الاستراتيجية"، منها القمح والقطن. وأما التصنيع فقد ظلَّ يغلب عليه التعثُّر والفشل. وانعكس هذا التكوين المُلفَّق في ارتجاليَّة القرارات، كما أفضى ذلك، أو تعايَش مع الفساد والرشى التي أضحت أمراً اعتياديا، أو امتيازاتٍ يتمتَّع به كلُّ المتنفذين، ومَن حازوا مراكز تمكِّنهم من ابتزاز المواطنين. مع أن مشروعات عُدّتْ عظيمة، على صعيد الإنتاج الزراعي والطَّاقَوي، وفي مقدمها سدُّ الفرات الذي شكّل "بحيرة الأسد" (ولا تعدم التسمية دلالات متعالية فردانيَّة) لم تخلُ من آثار سلبية، ليست هيِّنة، ولم ترتقِ بسورية إلى إنتاجيةٍ منتظمة، غير مُعرَّضة للتذبذب المتأثِّر بعوامل المناخ والطبيعة. وعلى الصعيد التعليمي، كانت مجانية التعليم إيجابيةً، لا يمكن نكرانُها، لكن التعليم ومُخرجاته تحتاج إلى تضافر سائر العوامل التكوينية للنهوض. وعلى المستوى الفكري، كان النظام البعثي يرفع شعارات الاشتراكية والعلمانية، مع أن الطائفية السياسية كانت تسري في عصب الدولة والجيش، ومع أن الدستور نَصّ (2012) على أن "الفقه الإسلامي هو مصدر رئيسيٌّ للتشريع"؛ لنرى عمق التناقض بين النصِّ والمواقف، والتلفيق في خطاب "الدولة". والهدف الذي كان النظام يعلن اشتباكه به، هو دعم "المقاومة" جزءاً من الإطار الأوسع، وهو "الممانعة"، وتحديدا بعد اعتماد حزب الله، (بعد أن تنازع وحركة أمل) الذي اختزل المقاومة في نفسه، وترقّى في العُدَّة والعتاد والتدريبات إلى مستوىً طاغ، مكَّنه من إحراز نتائج فارقة ومفصلية، كما في تحرير الجنوب اللبناني عام 2000. الأرجح رجحاناً كبيرا أنّ النظام السوري، ولا سيَّما بعد الخضَّة العمودية والأفقية الواسعة التي تعرَّض لها، في الثورة التي لا تزال غير خامدة، لن يكون في وسعه المُضيُّ بعيدا، وفعليا، في اتجاه المقاومة والممانعة.
4 أسباب من أبرزها أربعةٌ رئيسة، أوَّلُها الاختلالُ العميق في علاقة نظام بشار بشعبه: كانت الدولة في سورية، قبل الثورة، ضعيفةَ التمثيل، لمجموع مُكوِّنات الشعب السوري، ولكن خنادق البغضاء والثأريَّة لم تتعمَّق هذا التعمُّق بينه وبين غالبيةٍ من شعبه، من السُّنة، ومن غيرهم، ممَّن شعروا بتهميشٍ، أو تحجيمٍ، سياسي، وحتى اقتصادي، قبل الثورة، ولكنهم تجرَّعوا هذا الكمّ من العداوة التي كان يكنّها لهم النظام، تجرُّعاً، بعد الثورة. وأدرك النظام هذا، بعد أن مارس عمليات تطهير عرقي واسعة، بدأت في القُصير وحمص، وريف دمشق وغوطتها، ولا يبدو أن نهايتها في حلب. وفي خضمِّ هذا الاستبقاء المستميت تشرذمت سلطتُه، وانسحبت مساحاتٌ غير قليلة من بُسُطها من تحت قدميه؛ لتدوسَها أقدامُ الدبُّ الروسي، ولتفرش فوقها طهران سجَّادَها العجمي؛ فكيف يصلح هذا الشعب أن يكون قاعدةً للعمل الخارجي؟ وكيف يكون قوياً في الخارج، إذا لم يكن قوياً في الداخل؟ بل إذا كان خاويا هذا الخواء من الداخل؟ والسبب الثاني خضوعه الأكبر للتحوُّلات في السياسة الأميركية: في خلفية علاقة نظام الأسد مع واشنطن توافقاتٌ وتعارضات، ولعلَّ مِن أهمِّ مرتكزات التوافق جنوحُ الأسد إلى البراغماتية، بقدر ما توخَّى الحفاظ على بقائه، هذه السِّمة التي سمحت باعتماده أميركياً في لبنان، ودفعت النظام إلى الدخول في التحالف الأميركي، إبَّان عاصفة الصحراء، كما جعلت واشنطن، ممثَّلة في مسؤولين استخباريين، تثني على دور بشار الأسد في ضبط الحدود مع العراق، عقب اشتعال المقاومة ضدها هناك، ومحاولات جهاديين التسلُّل عبر الحدود السورية؛ ما صبَّ في إنجاح السيطرة الأميركية على العراق. وأما التعارضات فلعلَّ في صُلبها الموقف من إسرائيل، المتوازي مع دعمها حزب الله الذي كان مشتبكاً مع إسرائيل عسكرياً، مع أن دمشق سارت في خطواتٍ جِديَّة، عبر مفاوضاتٍ غير مباشرة تُوِّجت بما عُرفت بوديعة رابين (1994) الذي أدَّى مقتله (1995)، مع تطوُّرات أخرى، إلى وقف مفاعيلها. بيد أن المعارضة الصُّلْبة كانت في الكونغرس، وتمثَّلت في التصويت، بأغلبية 398 عضواً ومعارضة خمسة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، في وقتٍ كانت الهيمنة فيه للجمهوريين، على ما عُرف "قانون محاسبة سورية"، ونصَّ على فرض عقوباتٍ على دمشق؛ بسبب دعمها الجماعات "الإرهابية" من لبنانية وفلسطينية، وطالب بتخفيض التمثيل الديبلوماسي لواشنطن في دمشق، كما دعا إلى خروج السوريين من لبنان، وهو ما تحقّق في مطلع 2005، بصورةٍ تنمُّ عن ضعف اعترى مكانة نظام الأسد، إقليمياً وعربياً. إلا أن واشنطن، وقبل أن تنطلق شرارةُ الثورة، كانت تسير حثيثاً في تحسين العلاقة مع نظام الأسد، وأرسلت إدارة باراك أوباما سفيرها، روبرت فورد، إلى دمشق، عام 2010؛ تتويجاً لتعاونٍ علني جدي. وكان موقف إدارة أوباما، في بدايات الثورة، لا يدعو إلى رحيل الأسد، بل عدّته، وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، رجلَ إصلاح، مستندةً في ذلك إلى رأي الكونغرس، نافيةً التفكير في اللجوء إلى التدخُّل العسكري، على غرار ليبيا. وإذا تبلورت سياسة أميركية في عهد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، أقلَّ اقتراباً من إيران، على أقل تقدير، من دون الإضرار بعلاقات واشنطن بموسكو، فذلك سيصبّ في نزوع أكبر للأسد نحو إعادة تأهيل علاقته بأميركا، ولا سيما أن ترامب يعلن أنَّ أولوياته في المنطقة، وفي سورية، ستكون محاربة الإرهاب. في مقابل ذلك، أو ثمناً لذلك، لن يكون في مقدور الأسد أن يستمرَّ في سياسة عدائية لإسرائيل، ولو بدعم جزئيٍّ، ووظيفيٍّ لحزب الله في لبنان، ذلك أن ترامب يسلك سياسةً أكثر انكشافاً وحماسة، إلى جانب إسرائيل، وهي تتجه، حثيثاً، نحو يمينية دينية متطرِّفة، ولن يكون استهدافُها، من أيّ طرف، عملاً بعيداً عن وصف الإرهاب. وهنا، يحاول الأسد استباق أيّ تحوّلٍ يُحدثه ترامب بالتأسيس على الفكرة المحورية التي أسَّس الرئيس الأميركي العتيد عليها رؤيته للمنطقة العربية، وأزماتها، مختزلةً في محاربة الإرهاب، يحاول الأسد ذلك بأن يجد له موقعاً في هذه الحرب، الأمر الذي يعني له مصلحة وجودية. فإذا أراد الأسد، بعد كلِّ هذه الخسارات، أن يستعيد بعض بريقه، دولياً، فهو يدرك أنه لا بد له من واشنطن، لا سيما أن ترامب يصرّح بعزمه على تحسين علاقات بلاده بموسكو، وهو يعيِّن في فريق عمله شخصياتٍ أكثر توافقا مع موسكو وبوتين، كما يُفهَم، مثلاً، لا حصرا، من إعلانه عن ترشيح ريكس تيلرسون (تجمعه صداقة قوية مع بوتين) على رأس الدبلوماسية الأميركية، وزيرا للخارجية. وممَّا يدفع الأسد إلى هذا التقرُّب من واشنطن ترامب، أنَّ الأخير أيضاً بدرت منه إشاراتٌ مهمة إلى تقليص الدور الإيراني في المنطقة والإقليم، وَفق مَن يعيِّنهم في مناصب حسّاسة أيضا، وهم ممّن آمنوا بضرورة تحجيم الدور الإيراني، من أمثال الجنرال جيمس ماتيس الذي يرى في إيران أكبر تهديدٍ أمنيٍّ في المنطقة. وقد صرّح الأسد بأن ترامب "يمكنه أن يصبح حليفاً طبيعياً لدمشق، إذا كان صادقاً بشأن محاربة الإرهاب"، وذلك شرطه، إذا صحَّ له أن يشترط: أنْ ينخرط ترامب في محاربة جدية للإرهاب. ولا يهمُّ بعد ذلك، إن كال ترامب كلَّ الدعم لإسرائيل، واختار، كأوَّل الرقص، سفيراً إليها، ديفيد فريدمان الذي يرى المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، خلافا للموقف الأميركي التاريخي، قانونية، ويؤيِّد، كما عتاةُ اليمين الإسرائيلي المتديِّن، ضمَّ الضفة الغربية لإسرائيل، كما يدعو إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويؤيد أن تكون القدس عاصمة موحَّدة لإسرائيل. ويجد الأسد توافقا وجوديا مع ترامب هذا، كما وجد توافقا، مِن قبله، مع بوتين الذي تطوَّرت علاقات بلاده بإسرائيل، وتكثف تنسيقُه مع نتنياهو، كما لم يكن من قبل. ويتمثل السبب الثالث الذي يعوق نظام الأسد عن الذهاب في الممانعة إلى آمادها المحتملة، الحرب مع إسرائيل، في التغلغل الروسي في مفاصل الدولة، والتموضع العسكري الذي فاق تقييدات والده، حافظ الأسد، بعد التفاهم التسليحيِّ الروسيِّ السوريِّ الذي تبلور خلال عامي 1982و1983، إذ كان من نتائجه، كما كتب باتريك سيل، في كتابه "الصراع على الشرق الأوسط"، "وهكذا كان على الأسد أن يتخلَّى عن بعض حريته في العمل؛ كي يؤمّن الأسلحة والحماية التي يحتاج لها. فبينما احتفظ بسيطرته على القضايا التكتيكية والعملياتية، فقَدَ سيطرته على الإستراتيجية النهائية. فلقد أصبح تطلُّعه إلى التوازن مع إسرائيل هبةً من السوفيات الذين يمنعون ويمنحون".
العربي الجديد
الجزيرة نت
نور سورية بالتعاون مع المكتب الإعلامي لهيئة الشام الإسلامية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة