حايد حايد
تصدير المادة
المشاهدات : 2779
شـــــارك المادة
تقول قوات النظام السوري إنها استعادت السيطرة على ما تبقى من حلب، ولكن لا يوجد حل عسكري للصراع في سوريا. يمكن لتسوية سياسية مقبولة على نطاق واسع فقط إنهاء القتال وجمع أطراف الدولة الممزقة مرة أخرى.
هجوم النظام السوري في الآونة الأخيرة – بدعم من القوات الروسية وقوات مدعومة من إيران – لاستعادة ما تبقى من الجانب الشرقي من مدينة حلب أدى إلى سقوط المنطقة المحاصرة بالكامل.
ومع ذلك أثارت انتصارات النظام السوري الأخيرة العديد من الأسئلة حول تأثير تلك المكاسب على الصراع في سوريا ومصير الدولة.
وأدت الانقسامات الداخلية بين الجماعات المعارضة، وسوء أدائها العسكري وعدم وجود دعم لهم، لتكهنات حول إمكانية وجود حل عسكري للصراع يصب في صالح النظام السوري. من المرجح أن هذه الافتراضات سابقة لأوانها: إذ يسيطر النظام على أقل من ثلث الأراضي في الدولة. وباستعادة قبضته على ما تبقى من سوريا، يواجه النظام تحديات هائلة، داخلياً وخارجياً.
لا نهاية في الأفق:
رغم أهمية حلب، مصير المدينة وحدها ليس عاملاً حاسماً في الصراع السوري. إذ سيستمر المقاتلون والمدنيون الذين غادروا حلب، بمقاومة النظام السوري في المناطق الجديدة التي انتقلوا إليها. ما أهمية استرجاع حلب بالنسبة للنظام السوري؟
يُقدر عدد المعارضين السوريين الذين ما زالوا يقاتلون في الدولة بقرابة 150 ألف شخص. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القوى الإقليمية، وهي المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، لا تزال تستثمر في معارضة (الرئيس السوري بشار) الأسد وتبقى نشطة ضد أي حل يسمح له باستعادة سلطته على الدولة.
ونظراً لسيطرة النظام السوري على القليل جداً من الأراضي في البلاد، هناك عملية طويلة وطريق دامي أمامه قبل أن يتمكن من ادعاء أي نوع من النصر. ونتيجة لذلك، فإن النزاع المسلح سيستمر لفترة طويلة، حتى لو اتخذ أشكالاً مختلفة.
حكم الدولة؟
حتى لو استطاع الأسد السيطرة على سوريا عسكرياً، لا يزال النظام بعد صراع طويل غير قادر على إدارة الدولة بكفاءة. إذ اعتمد النظام السوري لفترة طويلة على القوى العاملة والدعم من حلفائه، وهما روسيا وإيران، لكيلا ينهار. استعادة باقي الدولة والحفاظ عليها من شأنه أيضاً أن يعتمد بشكل كبير على الدعم الذي يتلقاه النظام منهما.
السيطرة على الميليشيات المحلية والأجنبية – التي ترعاها إيران – التي ساعدت في إعادة السيطرة على البلاد سيكون تحدياً أمنياً، ومن المرجح أن يخلق حكومة ضعيفة. عجز الحكومتين العراقية واللبنانية في السيطرة على الجماعتين المسلحتين في دولتهما، “الحشد الشعبي” و”حزب الله”، يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في سوريا.
مؤسسات الدولة ضعيفة ولا تقدم خدمات جيدة لغالبية البلاد. وكان هناك انخفاض كارثي في كمية ونوعية الخدمات في النسبة الصغيرة من المناطق التي يسيطر عليها النظام إثر تدهور متزايد في البنية التحتية والقوى العاملة والموارد بجميع قطاعات الخدمات مثل الصحة والتعليم والصناعة.
والعديد من الدول الإقليمية والدولية ستعارض التبرع بالمال للنظام السوري لإعادة بناء الدولة وتحسين الخدمات، الأمر الذي سيؤدي إلى تهميش نسبة كبيرة من البلاد وستؤثر سلباً على قدرة النظام في الحكم.
ماذا عن اللاجئين؟
من المتوقع أن يثبط الوضع الأمني الهش ونقص الخدمات والفرص من رغبة اللاجئين السوريين في العودة إلى دولتهم. وسيستمر الخوف من الاعتقال والمطاردة من قبل الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية للأسد بسبب مغادرة البلاد أو لمعارضة الأسد، في منع الكثير من اللاجئين من العودة، ولن يساعد ذلك في حل أزمة اللاجئين السوريين. النظام السوري، على غرار ما حدث في الثمانينات من القرن الماضي بعد المواجهة المسلحة مع حزب الإخوان المسلمين السوري، من المرجح أن يسجن أو يستغل الآلاف من أولئك الذين عارضوا بنشاط الأسد وسيستمر في دفع المزيد من السوريين خارج البلاد بحثاً عن الحماية ومستقبل أفضل.
يصب هذا الوضع في مصلحة تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات المتطرفة مثل “جبهة فتح الشام”، التابعة لتنظيم “القاعدة” والذي كان يُعرف سابقاً بـ”جبهة النصرة،” والذي سيستمر في استخدام معارضة قيادة الأسد كأداة للتجنيد.
كما سيستمر النظام السوري بتجاهل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أدت إلى الثورة السلمية. هذه الشروط، التي ساعدت في تمهيد الطريق لصعود الجماعات المتطرفة في المقام الأول في سوريا، تفاقمت. ونتيجة لذلك، فإن الانقسامات المحلية والتظلمات والفوضى ودولة ضعيفة ستسمح للجماعات المتطرفة بالصعود إلى السلطة مرة أخرى، وهذا بالضبط ما حدث في العراق مع “داعش”.
دولة فاشلة بشكل دائم؟
لسنوات، نصح الخبراء في قضية سوريا، حتى عندما كان النظام السوري ينهار، ضد إنهاء النزاع السوري عسكرياً.
هذه النصيحة لا تزال سارية المفعول، الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن إصلاح الدولة يصبح ممكناً فقط عبر حل سياسي مقبول على نطاق واسع، يسمح لمختلف الأطراف السورية بتقاسم السلطة.
حل مثل هذا فقط يمكنه أن يعطي الناس حافزا للتعايش والعمل معاً بنشاط في إعادة بناء البلاد. أي حل آخر سيتعامل فحسب مع الأعراض ويتجاهل المرض حتى فوات الأوان لمعالجته، وتتحول سوريا إلى دولة فاشلة بشكل دائم.
سي إن إن
عمار العلي-محمد مستو
العربي الجديد
المختصر
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة