رحاب أسعد بيوض التميمي
تصدير المادة
المشاهدات : 3097
شـــــارك المادة
تطلب ذلك تقسيم الوطن العربي ثم العمل على الانقضاض على اﻷخلاق والقيم، ثم مُلاحقة الناس في معاشهم كانت البداية بعدما تم تقسيم الوطن العربي في معاهدة سايكس بيكو المشؤمة، وما استلزم ذلك من سلخ الناس عن دينهم حتى يسهل عليهم قبول أي شيء والتنازل عن أي شيئ، ﻷنه إن غفل الناس عن دينهم وتساهلوا به، سهل عليهم التفريط بكل شيء،
واستسهال وتمرير أي شيء وقد تم ذلك بخطة مُحكمة من خلال إنفاق المليارات لصد الناس عن دينهم من خلال تخديرهم وتعطيل عقولهم وإقناعهم بضرورة فصل الدين عن الحياة فصدق بذلك قوله تعالى ((إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) (الأنفال:36) فكان هذا الصد:
أولاً بتعطيل الشباب فكرياً وإبعادهم عن مجريات اﻷمور لكي لا يدركوا ما الذي يحصل ومدى المؤامرة التي تحاك على دينهم،ولكي لا ينتبهوا لما يستجد من مؤامرات تنال من كرامتهم ومن كرامة أمتهم، وبعد أن بدؤوا بنشر الفكر العلماني وهو ضرورة فصل الدين عن الحياة لكي يُبعدوا الشباب عن قضاياهم. بعد ذلك تم تخدير الشباب، وإشغالهم بتوافه اﻷمور والتركيز على إثارة غرائزهم ﻹبعادهم عن تلك القضايا وتدميرهم فكرياً وقد تم ذلك مرة بإشغالهم بكرة القدم، من خلال الغلو واﻹسراف في اﻹهتمام بها، بجعل سقف أمنيات الشباب تحصيل الدوري من الكرة والوصول بالكرة إلى كأس العالم، وانتظار المسابقة تلو المسابقة بالتحضير لها طوال العام من خلال الدوري المنتظم. ومرة أخرى بإغراق الشباب بمستنقع الغرائز من خلال دور السينما وشاشات التلفاز التي تعمل على ضخ الأفلام الهابطة. ثم تطور اﻹنفاق والصرف على تلك اﻷدوات حتى يضمنوا أن لا يسلم بيت من بيوت المسلمين من ذلك اﻷذى ولو كان محافظاً، لجرف العدد اﻷكبر إلى تلك المنزلقات والمستنقعات، فعملوا على تطوير وسائل الاتصال حتى استطاعوا الوصول إلى الستالايت والنت الذي أدخلوه كل بيت باعتباره جهازاً لابد من الحصول عليه لمعرفة ما يجري في العالم، فكان الفخ عندما أخذوا يبثون من خلال تلك اﻷدوات كل ما لا يخطر على قلوب العباد من الفُجر، واستسهال الحرام وحتى أصبح الناس يرون ما كان محرماً، أو حتى عيباً شيئاً بسيطاً، بل ومستساغاً، وأصبحت مسابقات المُجون والعُهر هي المجد المبتغى. والهدف اﻷسمى للشباب وسط تصويت الجماهير ودعوات الأهل لنجاح فلان وعلان منهم في تلك المسابقات للوصول إلى الشهرة من خلال تلك المُحرمات بل ومن خلال تلك الكبائر. ثانيآ العمل على تدمير اﻷسرة باستغلال المرأة الزوجة واﻷم شر استغلال. مستغلين قلة عقلها ودينها بدفعها للمطالبة بحقوقها أمام الرجل، مُناكفة ومُزاحمة له في كل المجالات فأخرجوها من بيتها بداعٍ، وبغير داعٍ كي تكسر حاجز الحياء، ولكي يُبرروا لها الاختلاط وبذلك تشعر أنها تحقق انتصاراً على الرجل، واستغلوا ضعفها وجعلوها تلهث وراء المظاهر، حتى أصبحت أنانية على حساب أولادها وبيتها، خلعوا عنها ثوب الحياء الذي يحوي عفتها، وتخلت وسط ذلك كله عن فطرتها التي فطرها الله عليها، ومكانتها الحقيقية وأصبحت متخبطة، لا شيء يُرضيها ولا شيء يقف أمام طموحها، فلا هي حققت ما دفعوها لتخرج من بيتها لأجله، ولا هي نجحت راعية لبيتها ﻷنها خالفت الفطرة التي ركبت فيها. ثالثاً: بعد ذلك تم ملاحقة الناس في أرزاقهم، بتحديد قيمة دخل الفرد بالحد الأدنى للأجور، ثم محاصرة هذا الدخل بفواتير الكهرباء والماء والضرائب المتصاعدة، حتى أصبحت غالبية الشعوب تعيش تحت خط الفقر، وتم بذلك محاصرة العقل من التفكير بغير لقمة العيش. وعلى الناحية الاقتصادية استبدلوا الإقتصاد اﻹسلامي، بالنظام الربوي، حتى أوصلوا الربا إلى كل بيت، من لم يصبه مباشرة أصابه من ريحه ونشروا الرشوة في أغلب بلاد المسلمين حتى أصبحت نظام حياة، لا يمكن للحياة أن تسير دون إعطاء الرشوة في أي مجال، ليسلبوا الناس كرامتهم وينزعوا من النفس مروءتها حتى تصبح نفس دنية لا يهمها الحلال والحرام تسير أينما سار التيار. وفي خلال ذلك كان هناك من يعمل على خلق العنصرية بين اﻷفراد عندما هجروا الفلسطينين من أرضهم، وجعلوهم مبعثرين في الأرض، ليس لهم حق المواطن اﻷصلي، أينما ذهبوا حوصروا، في سورية تم منع من يحمل الهوية الفلسطينية من دخول اﻷراضي السورية بحُجة أكذوبة المقاومة والمُمانعة، مدعين الحرص على منعهم من ترك بلدهم لكي يبقوا فيها، وكأنهم ليسوا من سيناريو المؤامرة. في لبنان حبسوهم في مخيمات لا تصلح لعيش الحيوانات ناهيك عن عيش البشر فيها، ومنعوهم من العمل في الوظائف الحكومية أو العمل كمستثمرين، محاصرين في تلك المخيمات ممنوعون من العمل في غير الوظائف الخدماتية الدونية. في بقية الوطن العربي الحكومات تمارس عليهم الرقابة، في ليبيا القذافي الملعون طردهم وألقى بهم على الحدود في الشتاء القارس بحجة دفعهم إلى العودة الى بلادهم التي خرجوا منها وكأنه ليس جزءاً من المؤامرة عليهم. في المنطقة المحيطة بهم رغم المساحة الجغرافية الواحدة التي تجمع الشعبين، استطاعوا أن يخلقوا العنصرية عندما أشعروا أهل اﻷرض الأصليين أن الشعب الفلسطيني عالة عليهم عندما شاركهم تجارتهم ووظائفهم، وأن مشكلة فلسطين تسببت لهذه الشعوب بكل المشاكل العالقة والقائمة مع الآخرين على الحدود، ومع الدول، عدا عن التمييز العنصري في اﻷحقية للعلم وفي الوظائف وفي كل شيء ﻷبناء الوطن قبلهم، والواسطة هي سيدة الموقف في كل شيء. أما على مستوى الوطن العربي منعوا تقسيم وتوزيع إيرادات النفط على العالم اﻹسلامي بالتساوي ليضمنوا تقسيم العالم اﻹسلامي بين سادة وعبيد، البعض أسير البعض اﻷخر في العطاء، وفي السيطرة، حتى تشعر البلد التي تستقدم العمال والموظفين للعمل لديها بأنها (السيد) بالقوانين الجائرة بحق مستخدميها، ويشعر الطرف الآخر المستخدم بالدونية عندما يشعر بمدى التفرقة العنصرية في القوانين بينه وبين المواطن الأصلي فينعكس ذلك على الشعوب ضغينة وحقداً، حتى يشعر بعضها بأنه عالة على البعض اﻷخر، ضيقوا على البشر في حياتهم اليومية وقهروهم في أرزاقهم حتى أصبحت الشعوب تعيش بين الفعل وردة الفعل في نظرتها إلى بعضها البعض.
وهكذا تم سلخ الناس عن قضايا أمتهم عندما أبعدوهم عن دينهم، وعندما أشغلوهم بالسخافات وعندما حاصروهم في أرزاقهم، وعندما بثوا العنصرية بينهم. ولكن كما توعد سبحانه وتعالى في الآية الكريمة أن بعد هذا اﻹنفاق للصد عن سبيل الله سيلحق بكل من تآمر على اﻹسلام الحسرة ثم يغلبون ثم إلى جهنم يساقون، كما قال تعالى: ((إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ))[الانفال:36]
غسان شربل
عماد كركص
ميمونة جنيدات
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة