بشر أحمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3524
شـــــارك المادة
فقدت الثورة السورية يوم الجمعة 26/8/ 2016، "أيقونتها"، ليسدل الستار على مدينة لطالما كانت النموذج الأمثل للعمل الثوري في السلم والحرب.. داريا التي مثلت بموقعها الحلم في الوصول إليها ومن ثم الزحف وإسقاط النظام في دمشق، لكن هناك من وضع "فيتو" على فصائل حوران ضد أي محاولة لفك الحصار عن داريا، بل ومنع تسخين الجبهات ضد نظام الأسد.
من مثلث الموت إلى داريا: بدا حلم الوصول إلى الغوطة الغربية وفك الحصار عن داريا، قابلاً للتحقق في الربع الأخير من العام 2014، حين وصلت فصائل "الجبهة الجنوبية" التابعة للجيش السوري الحر، إلى مشارف الغوطة الغربية ولم تفصلهم سوى 30 كم عن داريا وبضعة كيلو مترات إضافية للوصول إلى جنوب دمشق وبلدات الغوطة الشرقية. مع مطلع العام 2015 ظهرت للمرة الأولى الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، التي استطاعت بتكتيك قتالها المختلف، عما خبره الثوار من أسلوب قوات الأسد في القتال، وتحت غطاء ناري غير مسبوق التقدم والسيطرة على منطقة "المثلث" الاستراتيجي، الذي يربط أرياف "دمشق درعا القنيطرة" والذي عرف لاحقًا بمثلث الموت. في المقلب الآخر، كانت غرفة العمليات الدولية المشتركة "الموك" ومقرها الأردن، التي تقدم الدعم للفصائل الثورية، تعيد توجيه البوصلة وتعمل على تشتيت فصائل الجنوب من خلال إبعادهم عن منطقة المثلث، ودعمهم لتنفيذ أعمال عسكرية في قلب حوران وشرقها فكانت معارك تحرير الشيخ مسكين واللواء 52 وبصرى الشام ومعبر نصيب الحدودي.
النظام يبتلع الشيخ مسكين: في هذه الأثناء كان النظام يحصن مواقعه، ويستقدم تعزيزاته العسكرية، مستغلاً انشغال الثوار بمعارك ثانوية في المنطقة، ليؤسس حصوناً يصعب على الثوار اختراقها، تمتد من مدينة البعث على الحدود مع الجولان المحتل غرباً، حتى تل غرين في ريف درعا الشمالي شرقاً، مروراً بتلال كروم وجبا وبزاق والشعار وعيون علق وعشرات النقاط المدعمة بميليشيا "فوج الجولان" الذي يشكل أبناء المنطقة غالبية عناصره. وبالعودة إلى الثوار، فقد حملتهم انتصاراتهم السريعة والمتلاحقة في قلب حوران وشرقها إلى إعلان معركة "عاصفة الجنوب" التي كانت تهدف إلى تحرير مركز محافظة درعا والقضاء على آخر تواجد للنظام في المدينة ومحيطها على الأقل، لكن كثرة الأهداف وسوء التخطيط، أدى إلى فشل المعركة، الأمر الذي استغله النظام أيضاً في أخذ زمام المبادة ومهاجمة مدينة الشيخ مسكين وبلدة عتمان" بريف درعا، حيث تم احتلالها بعد معارك استنزاف طويلة أفقدت فصائل "الجبهة الجنوبية" ثقتها ببعضها، وتسببت بشرخ واضح بين مكوناتها.
الموك توقف الدعم عن "الجبهة الجنوبية": بالتزامن مع العدوان الروسي على سوريا، في 30 أيلول الماضي، بدأت غرفة عمليات "الموك" وقف الدعم تدريجياً لمعظم فصائل "الجبهة الجنوبية"، وذلك ضمن اتفاقات دولية، إلى جانب تأخر الفصائل في القضاء على لواء "شهداء اليرموك" المبايع لتنظيم الدولة، الأمر الذي أدى إلى برود الجبهات مع النظام في عموم منطقة درعا وحوران.
اجتماع عاصف لفصائل "الجبهة الجنوبية": عقدت غرفة "الموك" مؤخراً اجتماعاً مع 24 فصيلاً من أصل 52 تتبع لـ"الجبهة الجنوبية"، تراجعت خلاله الدول الداعمة عن قرارها بوقف الدعم العسكري لتلك الفصائل، وذلك على خلفية تقارير وصلت إلى "الموك" مفادها أن "الجبهة الجنوبية" على وشك الانهيار، بسبب إيقاف الدعم عنها من جهة؛ وعدم قتالها للنظام من جهة أخرى، وعليه فقد تم إعادة الدعم المالي إلى فصائلها، كما أدخِلت على الفور شحنتان من السلاح، بالإضافة إلى شحنة من صواريخ الغراد لفوج المدفعية. يؤكد مصدر عسكري لـ"أورينت" أن الاجتماع ساده أجواء من التوتر والاتهامات المتبادلة بين قادة الفصائل، وانتهى بتشكيل ثلاث غرف عمليات ( غرفتان لقتال داعش وواحدة لقتال النظام)، والسماح للفصائل بقتال النظام على أن تبقى الأولوية لقتال تنظيم "داعش" مع وعود بالدعم اليسير في قتال النظام بعد القضاء على التنظيم!.
السلاح في المستودعات لقتال "داعش" فقط: وفي السياق، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي للقيادي في "جبهة ثوار سوريا" (قاسم أبو الزين) أرسله قبل يومين إلى قائد عسكري في داريا يقول فيها حرفياً "إن غرفة الموك هي التي تمنع فتح المعارك لفك الحصار عن داريا، مشيراً إلى أن الذخيرة الموجودة في المستودعات هي لقتال "داعش" فقط، خاتماً رسالته " إلكم الله".
"فيتو الموك" اليوم، تم تهجير أهالي داريا بريف دمشق الغربي، بسب تقاعس فصائل حوران عن فتح الجبهات وفك الحصار عن المدينة المحاصرة منذ 4 سنوات، قبلها بساعات، خرجت مظاهرات في عدة مدن وقرى بريفي درعا والقنيطرة نصرة لمدينة داريا، حيث رفعوا خلالها شعارات ضد القادة "المتخاذلين" وجميع الفصائل في المنطقة، ونددوا بتقاعسهم عن القيام بأي عمل عسكري، وفتح الجبهات للتخفيف عن داريا لمنع سقوطها. إذاً، "فيتو" غرفة "الموك" على فصائل الجبهة الجنوبية منع فتح الجبهات في حوان وإنقاذ درايا، خصوصاً أن لواء "شهداء الإسلام" كبرى الفصائل العاملة في داريا منضوي في "الجبهة الجنوبية".
ماذا عن "الفصائل الإسلامية"؟ هذا كان حال فصائل "الجبهة الجنوبية" التابعة للجيش السوري الحر، فماذا عن الفصائل الإسلامية في حوران، وهنا يجب أن نذكر، أنه بعد إنجاز الجزء الأول من تحرير مدينة "الشيخ مسكين" في مطلع العام 2015 سحبت جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً) قواتها من المعركة، وزجت بها في مواجهة لواء "شهداء اليرموك"، حينها انفردت الجبهة باتهامه ببيعة تنظيم "الدولة" وشرعت في قتاله ثم انضمت إليها حركة "أحرار الشام" الإسلامية. وبعد أكثر من عام من الصراع كانت جبهة "فتح الشام" قد أنهكت عسكرياً، وانفض عنها الجزء الأكبر من عناصرها خوفاً أو رفضاً لهذا القتال، بينما كانت حركة "المثنى" الإسلامية في الوقت، تنسج تحالفاً مع لواء "شهداء اليرموك" نتج عنه، السيطرة المشتركة على أجزاء واسعة من ريف درعا الغربي، في مشهد ينذر بقرب إعلان "الإمارة" في الجنوب وإلحاقها بـ"دولة الخلافة التابعة لـ"أبو بكر البغدادي" في شمال سوريا. هذه التطورات المتلاحقة في ريف درعا الغربي، دفعت فصائل "الجبهة الجنوبية" إلى الزج بنفسها في الصراع، بأوامر من غرفة "الموك"، التي رفضت الانخراط فيه سابقاً، بل عاقبت الفصائل التي كانت تشارك فيه سراً.
"المعركة المؤجلة لإنقاذ داريا": قبل ثلاثة أشهر من الآن، بدأت جبهة "فتح الشام" وحركة "أحرار الشام" وعدد من الفصائل الإسلامية، بالتحضير لمعركة تحرير مدينة البعث مركز محافظة القنيطرة بهدف إنهاء وجود النظام في المحافظة، ومن ثم التوجه لكسر الحصار عن بلدات الغوطة الغربية، ولا سيما داريا، إلا أن عوامل عدة أهمها الخلافات المستمرة بين "الجبهة والحركة" حالت دون إطلاق المعركة، بالتزامن مع تأكيد فصائل "الجبهة الجنوبية" أن جبهة "فتح الشام" رفضت إشراكها في العمل العسكري، ما دفع الأخيرة إلى البحث عن نقطة أخرى تخرق من خلالها سد النظام وتكسر حصار ريف دمشق الغربي وصولاً إلى داريا فوقع اختيارها على منطقة "مثلث الموت" إلا أن هذه المعركة لم تبدأ أيضاً. يرى نشطاء في حوران، أنه لا يوجد تفسير مقنع أو عائق منطقي يحول دون فتح المعركتين طيلة الشهور الثلاث الماضية، إلى أن سمعوا باتفاق "إخلاء داريا"، حينها فقط اتضحت الصورة لديهم ليقطع الشك باليقين، في أنه أمر قد دُبر في غرف لا يرتادها عناصر وقادة الفصائل في حوران.
أورينت نت
الجزيرة نت
الشرق الأوسط
المرصد الاستراتيجي
ريان محمد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة