أحمد حمزة
تصدير المادة
المشاهدات : 3303
شـــــارك المادة
عند الخامسة عصر السبت، بالتوقيت المحلّي، تحوّلت أغلب شوارع أحياء حلب الشرقية، إلى ساحات كرنفالات احتفالية، ونزل الأهالي إلى الشوارع، التي كان صوت الرصاص ما زال يُسمع فيها بوضوح، لكن أزيزه هذه المرة، كان ينطلق من بنادق المقاتلين، إيذاناً بزوال كابوس الحصار المُرهق، الذي انتهى مع فتح الفصائل المقاتلة للنظام طريق إمداداتٍ كانت قد انقطعت تماماً قبل نحو شهرٍ، الأمر الذي أدّى لنقصٍ أو فقدان المواد الأساسية للعيش، في مناطق يقطنها نحو 300 ألف مدني. وقد عاش هؤلاء المدنيون نحو الشهر، في انتظار ساعة فكّ الحصار عنهم، وهم وإن كانوا لم يعرفوه واقعاً في مناطقهم قبل الأسبوع الأول من الشهر الماضي، الذي سيطر فيه النظام نارياً على طريق الكاستيلو شريان الحياة بالنسبة لهم، فقد عاينوا تفاصيل الحصار سابقاً، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في مناطق أخرى كثيرة، كالغوطة الشرقية لدمشق ومدينتي داريا ومضايا وغيرهما. ترقب وانتظار: في هذا السياق، يقول أحد سكان حي الشعار في حلب عبد الرحمن سعيد، لـ"العربي الجديد"، إنه "كنا ننتظر منذ أسبوع أن يتم فك الحصار المفروض علينا، عيوننا تراقب مجريات المعركة في الراموسة وقبلها، الناس هنا كانوا يتنفسون من خلال غبار تلك المعارك، ولا حديث لهم سوى تطوراتها، الجميع يتناقل الأخبار والمعلومات، فشبح الحصار الذي كنا نعيشه لن يتبدد إلا بتقدم الثوار من جهة الراموسة نحو مناطقنا، وهو ما حدث فعلاً يوم السبت". ويضيف الرجل الأربعيني، الذي اختار الصمود في حلب، بدلاً من النزوح أو اللجوء، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "عندما قطع النظام طريق الكاستيلو، بدأ الناس هنا يتخيلون تلك الصور التي كانت ترد من مضايا أو الغوطة قبل أشهر، والجميع كان هاجسه هو الخشية من فقدان المواد الغذائية الأساسية اللازمة للعيش، أو ارتفاع أسعارها بشكل جنوني". ويردف أنه "منذ الأسبوع الثاني للحصار، بدأ ذلك يتكرّس واقعاً، فقد أصبح هناك نقص في المواد الغذائية، وبدأت الأسعار ترتفع بشكل متسارع، قبل أن تصل أسعار بعض الخضروات مثلاً إلى أربعة أضعاف وأكثر". وفيما يُعبّر عبد الرحمن، رب الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد، عن ارتياحه بجلاء كابوس الحصار، خصوصاً مع بدء دخول المواد الغذائية، عبر الطريق الذي فتحته فصائل "جيش الفتح" وأخرى تابعة للجيش السوري الحر، منذ يوم السبت، فإنه يشير في نفس الوقت، إلى الخشية المتواصلة لسكان أحياء حلب الشرقية من تواصل غارات الطائرات الحربية، التي لا يكاد يمرّ يوم، من دون أن يسمعوا هدير محركاتها ودوي قذائفها وصواريخها. قلب الموازين: وكانت نتائج المعارك التي بدأت الأحد 31 يوليو/تموز الماضي، قد قلبت موازين القوى على الأرض في حلب لصالح فصائل المعارضة، التي سيطرت على عشرات المواقع العسكرية لقوات النظام والمليشيات التي تساندها جنوبي حلب، وأبرزها كلية المدفعية، والكلية الفنية الجوية، وكتائب التسليح والتعيينات، وفتحت بذلك طريق إمداداتٍ يُغني عن طريق الكاستيلو، ويأتي من ريف حلب الجنوبي وريف حلب الجنوبي الغربي، نحو أحياء حلب الشرقية. ومنذ سيطرة فصائل بالمعارضة على مناطق في شرقي مدينة حلب، في يوليو/تموز عام 2012، لم تتعرّض تلك المناطق لحصارٍ كالذي عاشته خلال الأسابيع الأربعة الماضية، وهو وإن كان انتهى سريعاً، إلا أن عادل الريس وهو من سكان المناطق التي كانت محاصرة في حلب يقول لـ"العربي الجديد"، إن "الأسواق ما زالت غير متوازنة، وارتفاع الأسعار ما زال قائماً، فهناك نقصٌ كبير في السلع الرئيسية، تحديداً الغذائية منها، وسيحتاج الأمر لبعض الوقت حتى تستعيد الأسواق عافيتها وتتوفر فيها السلع اللازمة لحياة الناس". ويشير إلى أنه "بمجرد فك الحصار، فإن أسعار بعض المواد انخفضت شيئاً ما، واستبشر الناس خيراً بتحسن الأمور قريباً"، وقد فُقدت من الأسواق خلال الأسابيع الأربعة الماضية، بعض المواد الغذائية الأساسية، فيما ارتفعت أسعار الأنواع المتوافرة كالخضروات والحبوب والرز، لأكثر من أربعة أضعاف. كما عانى السكان من أزمةٍ حادة في توفير الخبز، علاوة عن فقدان أصنافٍ كثيرة من الأدوية، بينما أغلقت الكثير من الورشات الصغيرة أبوابها بسبب نقص المحروقات، فيما من المتوقع أن تنجلي أزمة الأسواق هذه خلال الأيام والأسابيع المقبلة، حسب تطور مجريات المعارك هناك.
العربي الجديد
العربية نت
هبة أبو طه
الهيئة العامة للثورة السورية
المرصد الاستراتيجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة