نوال السباعي
تصدير المادة
المشاهدات : 5418
شـــــارك المادة
هناك الكثير من الجوانب بالغة الأهمية، التي يمكن التحدث عنها، والبحث فيها، لدى مراقبة الموقف التركي من اعتداءات العصابة المُختَطِفة لسورية على حدودها، يجب أن نعرف ونفهم .. أن أهم موقفٍ استطاعت دول الجوار السوري اتخاذه ضد نظام القتلة المجرمين، وأولياء أمورهم في إيران وروسية .. كان إرغام "النظام" على حصر "تغوله" في حدود سورية، وعدم السماح له بتصدير "أذيّته" خارج تلك الحدود..
وهو الذي كان، ومايزال يحاول ويراهن.. ومعه إيران، على تصدير "الحرب"، وإشعال فتيلها في كافة أنحاء المنطقة!! لقد استطاعت الدول المجاورة لسورية احتواء هذا "التنين" الذي يتميز غيظاً داخل حدوده، على الرغم من الكلفة الإنسانية الباهظة، التي دفعها السوريون ثمناً لهذا الاحتواء!، ولكنها كانت الطريقة الوحيدة لكفّ شرور الحرب الأهلية من جهة، والحرب الشاملة من جهة أخرى في المنطقة بأسرها .Principio del formulario فتركيا دولة وجغرافية، كانت ومازالت، أحد أهم أهداف الاستعمار الشرقي في المنطقة، باعتبار الثارات الامبراطورية القديمة مع روسية القصرية، التي تبين لاحقاً أنها لم تخرج قط من عباءة القياصرة، ولو قتلت عشرات الملايين من شعبها باسم الثورات عليهم .. كما باعتبار الأحقاد التاريخية العتيقة مع إيران، والتي اشتغلت أربعة عقود كاملة لمدّ سيطرتها السياسية وهيمنتها الشاملة على المنطقة تحت قبة الممانعة والمقاومة، اللتي تمخضت عن قناع واهِ لتغولٍ استعماري جديد قادم من الشرق هذه المرة! صعود تركية الاقتصادي الهائل في زمن الركود المالي والاقتصادي العالميين، وانتقالاتها الديمقراطية الواسعة النطاق، والتفاتها للشغل على المنطقة، بعد أن أوصد الاتحاد الأوربي أبوابه في وجهها، جعلها كذلك وضع "دهشة" و"ترقب"، وتحت عدسة الاستعمار الغربي، وربيبته إسرائيل .. المذبحة في سورية.. فسحت المجال واسعا لكلا الاستعمارين، أن يتحفز لتصفية حساباته مع هذه القوة الصاعدة في المنطقة، والتي ماكان يُحسب لها أي حساب. ضمن هذه السياقات في السياسات العالمية يجب أن نفهم وضع ومواقف تركية، تاركين جانباً .. كل التصريحات السياسية والديبلوماسية والأخلاقية والإعلامية .. الدول تتعامل بالمصالح ضمن موازين القوى، وليس بالعواطف ضمن منظومة الإعلام! Principio del formulario على الصعيد الداخلي في تركية، لابد أن نستعرض تركيبة جغرافيتها السكانية، لنفهم طبيعة مواقفها السياسية .. حسب الإحصائيات في الموسوعات الجغرافية المنشورة خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وحسب المصادر المختلفة العربية والغربية، فإن عدد سكان تركية يتراوح مابين 80 و83 مليون إنسان تركي، منهم مابين 20 إلى 33 مليون تركي كردي في شرق تركية، ومنهم مابين 5 إلى 11 مليون تركي علوي في غرب تركية، هذه التركيبة السكانية، تعني إمكانية تفجير تركية في حال أي تقسيم يتم في سورية، وهذا يعني حرباً عالمية جديدة، جديّة التوقعات ... لايوجد هنالك طرف واحد مستعدٌ للقبول بها حالياً ! Principio del formulario كنت في تركيا قبل أيام، ويمكن لكل زائر سوري إلى تركيا أن يرصد بالعين المجردة، الجهود الهائلة التي تبذلها تركيا لمساعدة الشعب السوري إنسانياً، .. تركيا تؤوي اللاجئين السوريين دون أن يسألهم أحد عن انتماآتهم.. ! تركية تسمح -بنفس الدرجة من الحرية التي تتوفر في "بعض" الدول الغربية- بعقد كل المؤتمرات والاجتماعات والورشات التي يعمل من خلالها السوريون على صناعة مجتمع مابعد سقوط العصابة، بصرف النظر عن انتماآت تلك الأطراف السياسية والفكرية والدينية والطائفية . تركية توفر لتنظيمات المعارضة الكبرى في سورية، كل مناخات العمل في حرية وسهولة ودون أي تدخل من طرفها، بالقيام بكل مايجب على هذه المعارضة القيام به لخدمة الشعب السوري . تركية توفر العناية والرعاية الصحية والإنسانية للاجئين السوريين بغض النظر عن انتماآتهم كذلك . تركية.. تحمي اللاجئين السوريين من عناصر المخابرات السورية التي تنتشر في كل المناطق الحدودية السورية، كما تحاول حمايتهم من مواطنيها الأتراك الذين يعلنون موالاتهم للنظام السوري.. تركية دولة آسيوية- أوربية جغرافياً، مسلمة حضارياً، علمانية إدارياً.. غربية سياسياً، مخيفة تاريخياً، مهددة إقليمياً! ولاينبغي لنا كسوريين، أن نحملها وزر مواقف وسياسات عالمية، لايمكن لتركيا فيها أن تغرد وحدها خارج السرب فيها !، فتعقد شبكة السياسات والمصالح والأحلاف الدولية اليوم، وفيم يتعلق بالمنطقة، وبسورية على وجه الخصوص لايمنح تركية هامشاً أوسع تتحرك فيه خارج المساعدات الإنسانية بكل امتداداتها، الإغاثية والسياسية والاستراتيجية. وعلى الشعب السوري أن يفهم طبيعة هذه المعادلات، ليستطيع أن يدرك طبيعة المعركة التي تجري على أرضه بين شعب كان أعزلاً إلا من إيمانه بالتغيير، وعصابة متغولة متوحشة جابهت مدنية ورقي شعبها بالذبح على طريقة وحوش عهود الظلام المتدحرجة نحو أحطّ مافي الإنسان من كراهية وأحقاد، وانتقلت بالصراع من أجل حرية سورية وكرامة شعبها، إلى صراع على سورية، يجري بين القوى الاستعمارية الكبرى شرقاً وغرباً وعملائهما في المنطقة .. والكلّ يقايض بعملة صعبة شديدة الخطورة ليست إلا.. دماء السوريين وأشلائهم وآلامهم!
.......................................... مصادر المعلومات: * ويكيبيديا الإسبانية عن التركيبة السكانية في تركية 78% أتراك سنة، 22% أتراك علويون، 2% أتراك مسيحيون ويكيبيديا العربية: الديموغرافية في تركية.
المصدر: رابطة أدباء الشام
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
محمد فاروق البطل
الحياة
يُمن البارودي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة