أمين محمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3300
شـــــارك المادة
سهر السوريون أمام شاشات التلفزة لساعات متأخرة، أمس الأوّل الجمعة، وهم يتابعون جلسة مجلس الأمن الدولي الذي تبنّى قراراً بعد اجتماعات مكثّفة شهدتها نيويورك، ودعا القرار الذي حمل رقم 2254، إلى وقف إطلاق النار والهجمات ضد المدنيين، وطالب بعقد المحادثات السورية ــ السورية تحت رعاية الأمم المتحدة ومبعوث الأمين العام إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، فضلاً عن تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية الأمم المتحدة.
قرار مجلس الأمن الذي صدر بإجماع غير مسبوق من قبل أعضائه، لم يكن على مستوى آمال السوريين الذين يستعدون لدخول عامهم الخامس من ثورة حوّلها النظام إلى حرب أهلية، كان أمل السوريين أن يكون القرار نافذة خلاص في جدار اصطدمت به كل طروحات الحل السياسي، بسبب رفض النظام لها وإصراره على البقاء، مستفيداً من تصلّب موقف حلفائه وخصوصاً الروس والإيرانيين، وتراخي موقف مجموعة "أصدقاء سورية" الذين سلّموا، على ما يبدو، مفاتيح الحلّ للروس. لكن القرار ولّد خيبة أمل جديدة لدى معظم السوريين، وخصوصاً لجهة عدم تحديد مصير الرئيس السوري، بشار الأسد وأجهزة نظامه الأمنية، ويرى البعض أنّ القرار "محزن ويبعث على الأسى. فقد ترك الباب موارباً لضرب المعارضة السورية المسلحة بحجة مكافحة الإرهاب، واقتسام النفوذ داخل البلاد". ويؤكد هؤلاء على أنّ مصير سورية يحدّده السوريون، "فالثورة لم تبدأ بقرار أممي، ولن تنتهي به". ترحيل مستقبل الأسد: ويقول عضو "الهيئة الوطنية الاستشارية للتغيير"، أحمد غنّام، إنّ القرار تعمّد ترحيل مسألة مستقبل الأسد، نظراً لتباين المواقف بين كافة الفرقاء، مشيراً إلى أنّ اللغة المستخدمة في بيان القرار فضفاضة، ويمكن لأي طرف أن يفسرها بما يخدم مصلحته، كما أنه ترك الإطار الزمني مفتوحاً على احتمالات عدة، من أجل أن تحسمها التوازنات الدولية، على حدّ تعبيره. ويلفت غنّام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تصنيف الفصائل السورية المسلّحة بين معتدل وإرهابي، يعطي المبرّر الكافي للنظام لاستهداف الثوار تحت غطاء محاربة الإرهاب، معتبراً أنّ صدور القرار تحت الفصل السادس، يؤكد على عدم الجدية في إنهاء النزاع السوري، ويضيف القيادي ذاته، أنّ الحديث عن حكومة وطنية وليس هيئة حكم انتقالية، ينسف مرجعية جنيف ويعوّم مسار فيينا التفاوضي، مبيّناً أنّ القرار "يبدو أنّه نسف مؤتمر الرياض أيضاً، وأعطى دي ميستورا دوراً كبيراً في تحديد شكل الوفد المفاوض للمعارضة. ويشبّه غنّام مجمل الحديث الذي دار حول وقف إطلاق النار، ومفاوضات بين النظام والمعارضة، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية برعاية الأسد، والتوجه لانتخابات رئاسية، ليترك للشعب السوري تقرير مصير الأسد، بـ"الكرم الذي يتطابق ومبادرة وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف". من جانبه، يرى الصحافي عبد العزيز الخليفة، أنّ القرار لا يرقى لطموح السوريين الذين خرجوا بتظاهرات سلمية على مدى سنوات، طالبوا من خلالها بتدخل دولي لحمايتهم من القتل والقصف الجوي، مشيراً إلى أن مجلس الأمن خذلهم بقرار لا ينصّ على رحيل الأسد، بل يبقيه طيلة الفترة الانتقالية. ويضيف الصحافي في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا الأمر يطرح السؤال المرّ، عن كيفية قيادة مجرم مرحلة صلح بين الأطراف السورية، وهو سبب الخلاف الرئيسي والنكبات التي حلّت بسورية". بارقة أمل: بدوره، يشير الصحافي عمر السيد، أنّه "كان بإمكان القرار، أن يكون بارقة أمل للسوريين، خصوصاً أنّه حظي بموافقة روسيا الحليف الأبرز للنظام السوري، ومن دون اعتراض من الصين، إلّا أن ترك مصير الأسد معلقاً، يهدّد بخلافات دولية جديدة ربما تفشله"، ويلفت السيد إلى أنّه "من الصعب التنبؤ بإمكانية تطبيقه على الأرض في ظلّ الغموض النسبي حول التنظيمات التي ستعتمدها دول المجلس كإرهابية بالإضافة إلى تنظيمَي داعش، والنصرة، وما إذا كانت ستشمل المليشيات التي تحارب إلى جانب النظام". خبر على ورق: هو "حبر على ورق"، يقول أحد أعضاء تنسيقية مدينة التل المحاصرة شمال دمشق، أحمد البياتوني، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الشعب السوري الموجود في الداخل، والذي يعاني الأمرّين، هو من يحدّد مستقبل سورية، وليس مجلس الأمن الدولي، أو دول التحالف أو الدول العربية". كما لم ترحب تيارات سياسية سورية معارضة عدّة بقرار مجلس الأمن الدولي، إذ يرى رئيس "الكتلة الوطنية الجامعة" السورية، ماجد حمدون، أن "لا شرعية لأي عملية سياسية تحت حراب الاحتلال الإيراني الروسي المزدوج". ويضيف حمدون في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ القرار لم يشر لمسألة عودة ملايين السوريين المهجّرين إلى بيوتهم بالتزامن مع وقف إطلاق النار. كما أنه أقرّ حلولاً على مراحل، ما يفتح الباب واسعاً أمام اقتتال الفصائل العسكرية المعارضة مع بعضها. ولم يلفت القرار إلى وجود حزب الله والمليشيات الطائفية الأخرى في سورية"، ويرجّح رئيس "الكتلة"، أنّ "كل ما ذكرته، يشير إلى أنّ القوى الكبرى تريد اقتسام سورية، وليس إيجاد حلّ سياسي، وإيقاف الحرب المفتوحة التي يشنها النظام وحلفاؤه على المدنيين". ويرى المعارض عماد غليون، أنّ النظام وحلفاءه الروس سيلجؤون إلى تمييع القرار على الرغم من أنّه لا يلبي طموح السوريين، لكن أداء المعارضة الجيد سيمنعه من تحقيق أهدافه، ويقول غليون لـ"العربي الجديد"، إن قرار مجلس الأمن، "خطوة لا بد منها بعد تدويل الأزمة السورية، وهو لا يلبي طموحات الثورة السورية بالطبع، وسيتبعه قرارات أخرى تفسّره، وتضع له آليات تنفيذية"، مطالباً المعارضة بالعمل على تجيير القرار لصالح الشعب السوري، وقضية الحرية والكرامة. ويذهب الكاتب خليل المقداد إلى القول إنّ القرار الأممي "يضع حجر ا?ساس لبداية فصل جديد من فصول المأساة السورية، عنوانه المزيد من سفك الدم، وتدمير ما تبقى من سورية"، ويقول لـ"العربي الجديد"، "القرار محزن لكنه في الوقت عينه، سيسهم في الفرز النهائي بين الثائر الحقيقي والمتسلق". أمّا عضو "الائتلاف السوري المعارض"، عقاب يحيى لا يبدو متفائلاً بالقرار الأممي، إذ يرى أنّ القوى الكبرى تحاول فتح باب التسوية السياسية "لكن سيأتي بعده خلافات، وتضاريس كثيرة"، وفق تعبيره. ويرجّح يحيى ألا يكون الحل قريباً، مؤكداً أن "الائتلاف متمسك بمخرجات مؤتمر الرياض التي تؤكد على أن لا مستقبل للأسد، وأن لا مرحلة انتقالية بوجوده".
العربي الجديد
عمر أبو خليل
الجزيرة نت
محمد أمين
سلافة جبور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة