أحمد حمزة
تصدير المادة
المشاهدات : 6520
شـــــارك المادة
لا يزال الترقب سيّد الموقف في ما يتعلق بتطبيق كامل بنود الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، في مفاوضات الزبداني ــ الفوعة ــ كفريا، بين ممثلين عن فصائل المعارضة ومسؤولين إيرانيين، بينما باتت هذه البلدة، التي لا تزال تعيش وقفاً لإطلاق النار، والتي كانت أحد أهم وأشهر المصايف السورية، منكوبة تماماً، وسط اعتقاد بعض الأهالي أن هناك سياسة ممنهجة تهدف للقضاء على فكرة أن تعود المدينة إلى سابق عهدها، بناء على مجريات الأحداث فيها منذ بدء الثورة.
مرّت مدينة الزبداني، خلال سنوات عمر الثورة السورية، بمراحل كثيرة، حملت في ثناياها، تطورات عديدة، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. ففي الخامس والعشرين من مارس/آذار 2011، خرجت أوّل تظاهرة مناهضة للنظام في الزبداني في ريف دمشق، واستمرت الاحتجاجات الشعبية بعدها، وتوسّعت في هذه المنطقة التي تبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من دمشق. وتعرّضت التظاهرات هناك، كباقي المناطق المنتفضة، لقمع وحشي، دفع قسماً من السكان إلى حمل السلاح، لتعيش الزبداني، منذ ذلك الحين نحو ثلاثة وخمسين شهراً دامياً. شنّ النظام السوري، في أغسطس/آب 2011، حملته العسكرية الأولى عليها، إذ اقتحم الزبداني بعشرات المدرعات ومئات الجنود، بهدف إخضاعها، لكنّ أهالي المنطقة استأنفوا تظاهراتهم بُعيْد انتهاء الحملة مباشرة، تسارعت التطورات في أواسط يناير/كانون الثاني 2012، كون المنطقة باتت شبه خارجة عن سيطرة النظام، إذ بدأ الأخير "الحملة العسكرية الثانية"، تعرّضت الزبداني حينها إلى قصفٍ مدفعي، ما دفع وفداً من لجنة المراقبين العرب، الذين أتوا إلى سورية لـ"تقصّي الحقائق"، كما قيل يومها، إلى زيارة المدينة في منتصف الشهر ذاته، وعادت التظاهرات لتتمدّد بصورة غير مسبوقة، وأصبحت قصة البلدة محط أنظار وسائل الإعلام العربية والغربية. تسبّبت كل تلك التطورات في إحراج للنظام أمام حاضنته، وخصوصاً كون المنطقة حدودية مع لبنان، فكثّف من ضراوة حملته العسكرية، التي أسفرت عن مقتل العشرات من السكان نتيجة القصف. كما واجه النظام مقاومة شرسة من المقاتلين المحليين الذين كبّدوه بدورهم خسائر مادية وبشرية، وهو ما دفعه إلى زج المزيد من قواته، التي اقتحمت المنطقة في الحادي عشر من فبراير/شباط 2012. شكّلت هذه الحملة الأخيرة واقعاً مربكاً للنظام، إذ بات تموضعه داخل المنطقة لوقت طويل، يُعد استنزافاً لقوته العسكرية في المنطقة. كما أنّ انسحابه سيُخرج المدينة مجدداً عن "بيت الطاعة"، كون أهلها ازدادوا تصلّباً في موقفهم المعادي له بعد فقدانهم للعشرات من أقربائهم نتيجة الاجتياح العسكري وقبل ذلك، خلال التظاهرات السلمية. خلال كل تلك الفترة، تم تدمير 95 في المائة من منازل الزبداني ومحالها التجارية، منها بشكل كامل، ومنها بشكل جزئي، بحسب عضو مجلس المنطقة، عامر برهان، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد"، وجود "سياسة ممنهجة لتهجير الناس". ويوضح برهان أنه "منذ بداية الحملة، تم إحراق جزء كبير من سهل الزبداني ومضايا بشكل متعمّد، وتمّ ردم الآبار التي يستخدمها الأهالي للزراعة ولحياتهم اليومية". ويعدّ حرق أجزاء واسعة من سهلي الزبداني ومضايا الواقعين جنوب وجنوب غرب الزبداني، عاملاً إضافياً، يحرم مئات الأسر التي كانت تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر دخلها، إذ إن "الأراضي، وإن توقفت العمليات العسكرية مستقبلاً، تحتاج لاستصلاح"، بحسب ما يؤكد سكانٌ محليون لـ"العربي الجديد"، ويضيف هؤلاء أن "الخسارة الاقتصادية التي لا يمكن تعويضها، تتمثل بالأشجار المثمرة التي تم قطعها، والتي يبلغ عمرها عشرات السنين، وكانت مصدر دخل رئيسي لآلاف الأهالي الذين سيبقون من دون مصدر دخل لعشر سنوات مقبلة، على أقل تقدير، في حال توفرت لهم الظروف لإعادة زراعة أشجار جديدة".
العربي الجديد
الجزيرة نت
الشرق الأوسط
أسرة التحرير
عبسي سميسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة