ريان محمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3412
شـــــارك المادة
استطاع أهالي الزبداني إفشال إحدى المحاولات الإيرانية لتغيير الطبيعة الديمغرافية لدمشق وريفها، من خلال النظام السوري وحزب الله اللبناني، إذ كشفت المفاوضات الأخيرة بين الإيرانيين وحركة "أحرار الشام" حول أزمة مدينة الزبداني، والتي تدخل المعركة فيها يومها التاسع والأربعين، أنها تهدف إلى تهجير أهالي مدن وبلدات الزبداني ومضايا وبقين وبسيمة إلى إدلب، على أن يتم جلب أهالي بلدتي الفوعة وكفريا لتوطينهم فيها، الأمر الذي رفضه أبناء الزبداني مختارين "الموت كأشجار الزبداني"، بحسب تعبير أحد أبناء المدينة.
وقال أحد مقاتلي حركة "أحرار الشام الإسلامية" لـ"العربي الجديد" إنّه "في ظل الوضع الراهن والحصار المفروض من مختلف الجهات من قبل قوات النظام وحزب الله، هناك انحسار للخيارات"، موضحاً أنّ "المعارك تستمر حتى موت المصابين، واستماتة بقية المقاتلين؛ المعركة هي معركة حياة أو موت". وبيّن أنّ "النظام وحزب الله كثفا الهجوم من المحاور الأربعة للمدينة الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، في ظل قصف برّي متمثل بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات، وآخر جوي بالبراميل والصواريخ"، لافتاً إلى أنّ "المعارك تتركّز الآن في حدود 2 كيلومتر، وبالتحديد في ساحة الجسر والحارة". النظام وحزب الله يرميان بكل ثقلهما على الزبداني: من جهته، نقل أيمن إحسان، مسؤول قسم الأخبار في شبكة "سورية مباشر"، عن أحد المقاتلين قوله إن "النظام وحزب الله يرميان بكل ثقلهما على الزبداني، وهما يحاولان إسقاط الزبداني إعلامياً ونفسياً قبل سقوطها"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ "الخيارات أصبحت قليلة بالنسبة للمعارضة إذا لم يحدث شيء جديد في المنطقة يخفف الضغط عن الزبداني، لكن الانسحاب ليس من ضمن الخيارات المطروحة". وتأتي أهمية الزبداني من موقعها الاستراتيجي، حيث تبعد نحو 11 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، ونحو 45 كيلومتراً عن دمشق. وتتوسط ريف دمشق الغربي والشمالي، وهي بوابة لدخول السلاح، وطريق إمداد حزب الله بالسلاح، وتعتبر السيطرة عليها الخطوة الأهم في فرض سيطرة الحزب على المناطق الحدودية السورية اللبنانية، وتمنح كذلك القوات النظامية حرية الحركة لعملياتها العسكرية في ريف دمشق، كذلك تُبعد خطر إغلاق شريان الوحيد المتبقي للنظام وهو طريق دمشق بيروت، والأهم من ذلك أنها آخر مناطق تمركز فصائل المعارضة السورية في الخطوط الخلفية لما يسميها النظام "سورية المفيدة". واعتمد النظام السوري سياسة التهجير منذ فترة، بحيث عمل على تغيير الواقع الديمغرافي، فهجر أهالي القصير وعدة بلدات جنوب دمشق كالسيدة زينب والحجيرة، مانعاً أهلها من العودة إليها عقب فرض سيطرته عليها، في حين أسكن فيها مجموعات ذات انتماء ديني محدد، كالذين نزحوا من مدينة بصرى الشام، كذلك سمح لمسيحيي معلولة بالعودة إليها ومنع باقي المكونات من أهلها من العودة، في وقت يعتزم تهجير مئات العائلات من منطقة بساتين المزة بحجة إعادة الإعمار، وهناك أمثلة كثيرة على عمليات تغيير ديموغرافية ممنهجة تتم فيما يطلق عليها النظام "سورية المفيدة". وضوح الخيار: وقال محمد، أحد المقاتلين في صفوف الفصائل المسلّحة المعارضة في الزبداني، لـ"العربي الجديد": "انتهى كل شيء، خيارنا أصبح أكثر وضوحاً، ونحن نعي طريقنا، سنقاتل حتى آخر رجل فينا، ونروي تراب مدينتا بدمائنا، ولن يهنأ بها أحد من القادمين الجدد"، لافتاً إلى أن "الإيرانيين عرضوا علينا أن يتم نقلنا من الزبداني ومضايا وبقين وبسيمة إلى منطقة الفوعة وكفريا، على أن توزع علينا البيوت هناك والأراضي بما يماثل ما نملكه في الزبداني، كما طرحوا علينا أن نغير اسم المنطقة هناك ونطلق عليها الزبداني، لكنه لم يضمن لنا عدم تعرضنا للقصف هناك". وأضاف "ليس عددنا بكبير، لكننا مؤمنون بعمق جذورنا بهذه الأرض، ولن نتنازل عن أرضنا مهما كانت المغريات، هذه المدينة بناها أجدادنا وشبع ترابها من عرقهم"، وشرح محمد الوضع الميداني قائلاً إنّ "النظام وحزب الله لا يوفران نوعاً من الأسلحة إلا ويرميان به على الزبداني، وحتى الآن أتيا بكاسحة ألغام روسية حديثة"، مبيناً أنه "بالرغم من مئات البراميل والحاويات المتفجرة، غير أنها لم تتسبب باستشهاد ثائر واحد". وبيّن أنّ "المعارضين عقدوا العزم على القتال حتى آخر رجل منهم؛ وهم يدركون حجم القوة الهائلة التي يكيلها النظام وحزب الله على الزبداني، لكن نحن نعدهم أنها ستكون معركة مكلفة وذات خسائر موجعة لهم"، معتبراً أن "المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد، وهم ينتظرون أن يبدأ الهجوم البري بفارغ الصبر، إذ لن يجنوا أي مكسب من القصف الجوي الصاروخي والمدفعي". وتحدث المقاتل المعارض عن حالة من الصدمة لدى مقاتلي الحزب، جراء الصمود الذي يبديه مقاتلو الزبداني، من جهته، قال أحد القادة الميدانيين في الزبداني، لـ"العربي الجديد" طلب عدم اسمه، إن "الزبداني وبوضعها الحالي ستصمد أشهراً طويلة، ولن ينفع التهديد والوعيد"، ذاكراً أن (رئيس النظام السوري) "بشار الأسد أرسل يقول للفصائل في الزبداني إنه فرز 50 ألف جندي للزبداني، وإنه سيرفع العلم فوق السرايا بالمدينة ولو بقي جندي واحد منهم". سماح النظام للإيرانيين بالتفاوض: وتساءل القيادي في الزبداني: "قبل رفع العلم، أليس أولى أن يسأل النظام نفسه، كيف يسمح للإيرانيين بالتفاوض مع السوريين من أجل حل أزمة مدينة سورية، أين السيادة، والتي قضوا عقوداً وهم يتشدقون بها؟". وفي الإطار نفسه، قالت إحدى ناشطات الزبداني المعارضات، لـ"العربي الجديد"، "يعمل النظام حالياً على جمع أهل الزبداني في بلدة مضايا، والذين جاوز عددهم فيها الـ50 ألف مدني، جلهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أهالي مضايا، ومنع دخول المواد الغذائية والطبية بشكل كامل إلى المدينة، في ظل قصف يومي بالبراميل المتفجرة". وأضافت "نحن نعلم أن الموت ليس ببعيد عنا، لكن لن يكون موتنا بلا ثمن، وثمن مكلف سيدفعه النظام والحزب"، وتابعت أن "ورقة المدنيين خاسرة في الزبداني، لأننا أصبحنا نحتسب بعضنا البعض شهداء، وفي كل حرب هناك ضحايا، ونحن اليوم أكثر إصرار على هذه التضحية". ولفتت إلى أنّ "الوضع الإنساني في غاية السوء، جراء الضغط السكاني الكبير في مضايا، بحيث إنها غير مؤهلة لاستقبال هذا العدد الكبير من الناس، ما يجعل المنازل والجوامع مكتظة بالنازحين"، مضيفة أن "البراميل المتفجرة تلاحق المشفى الميداني والمطبخ الخيري في المدينة، وكل ذلك بهدف دفعنا لهجرة أرضنا وهذا ما لن يكون". ولا توجد إحصاءات دقيقة لخسائر القوات النظامية والحزب في معركة الزبداني، إلا أن متابعين للملف يتحدثون عن خسارتهم مئات القتلى والجرحى إضافة إلى تدمير العديد من العربات والعتاد العسكري، في وقت يبحث النظام عن انتصار يتحدث عنه في ظل الهزائم المتتالية التي نالت منه مؤخراً، وقد تكون الزبداني النقطة الأضعف في مناطق المعارضة.
العربي الجديد
العربية نت
الشرق الأوسط
صحيفة الرأي الكويتية
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة