عدنان علي
تصدير المادة
المشاهدات : 6865
شـــــارك المادة
قد يشكل الهجوم الانتحاري في بلدة سروج التركية، والذي أوقع عشرات القتلى والجرحى يوم الإثنين الماضي، سبباً إضافياً للحكومة التركية كي تسرّع في وضع خططها المعلنة بشأن إقامة منطقة آمنة شمالي سورية، موضع التنفيذ، لأنّ عملية التفجير التي اتهمت أنقرة صراحة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالمسؤولية عنها، تمس مباشرة الأمن القومي التركي، وتضع تعهدات وتهديدات حكومة أنقرة على المحك. ويتوقع أن تجعل من شعار حماية الأمن القومي التركي مدخلاً لأي تدخل محتمل.
المنطقة الآمنة: بحسب وسائل الإعلام التركية، فإن خريطة المنطقة العازلة التي يجري الحديث عنها تقع بين مدينة جرابلس شمال حلب إلى مدينة إعزاز شمال إدلب على امتداد أكثر بقليل من مائة كيلومتر وبعمق قد يتجاوز الثلاثين كيلومتراً. ومن المستبعد أن تمتد على طول الحدود البالغ طولها نحو 900 كيلومتر، لأن ذلك صعب عسكرياً ولوجستياً وديمغرافياً، حيث تتنوع التركيبة السكانية في هذه المنطقة ما بين عرب وأكراد وتركمان ومسيحيين. وقال الصحافي التركي أوكتاي يلماظ لـ"لعربي الجديد" إن الهدف هو تأمين هذه المنطقة من أية هجمات يقوم بها النظام السوري أو تنظيم "داعش" أو الفصائل الكردية، ومنع تسرب العناصر المسلحة عبر الحدود إلى الداخل التركي، فضلاً عن تأمين حياة المدنيين السوريين وتجنيبهم القصف الجوي والمدفعي، مع إمكانية أن تستوعب المنطقة أية موجات لاجئين سوريين جديدة جراء المعارك في الشمال السوري، بل وإمكانية عودة قسم من اللاجئين السوريين إليها بعد أن تصبح آمنة وتتوفر فيها مقومات الحياة الضرورية، خصوصاً إذا نقلت الحكومة السورية المؤقتة أعمالها أو جزءاً منها إلى هذه المنطقة كي ترعى شؤون المواطنين فيها، وسائر المواطنين في المناطق الأخرى. وحول سبل إقامة هذه المنطقة، يقول يلماظ إن ذلك قد يكون إما بالتدخل العسكري المباشر في حال وجود مخاطر تمسّ الأمن القومي التركي، أو عبر تأمين دعم جوي ومدفعي لفصائل الجيش الحر في المنطقة سواء تم ذلك بتنسيق مع التحالف الدولي والولايات المتحدة أم دون تنسيق، لأن القرار المتخذ في تركيا هو التدخل لحماية المصالح التركية، بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة. وأشار يلماظ إلى أن الجيش التركي حشد ما يقرب من المائة ألف من جنوده على الحدود حتى الآن ما يوحي بأن القضية جادة، وأن خطط التدخل باتت متجسدة على أرض الواقع أكثر من أي وقت مضى. وفي الساحة الداخلية التركية، فإن حزب "الحركة القومية" التركي الذي احتل المركز الثالث في الانتخابات يدعم خطط الحكومة بهذا الشأن بينما يعارضها حزب "الشعب الجمهوري"، الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات، وهو حزب وقف على الدوام ضد سياسة الحكومة التركية حيال سورية. كما يعارضها حزب "الشعوب الديمقراطي" الذي يطرح نفسه كممثل عن الأكراد في تركيا. ولم يستبعد أن يلجأ هذان الحزبان إلى إثارة بعض شرائح الشعب التركي ضد الحكومة في حال قررت التدخل العسكري في سورية، كما حصل خلال معركة عين العرب (كوباني) بين تنظيم "داعش" والأكراد. لكن يلماظ أكد على عزم الحكومة التركية على التدخل في حال قررت أن ما يحصل يمس الأمن القومي، بغض النظر عن مواقف الأحزاب السياسية، خصوصاً أن لدى الحكومة تفويضاً مفتوحاً من البرلمان للقيام بكل ما يلزم للحفاظ على الأمن القومي التركي. ورأى مراقبون أن هذه المنطقة ستشكل عامل ضغط إضافي على النظام السوري. وإضافة إلى كونها تمثل بشكل عام قاعدة انطلاق محمية للمعارضة، فإنها ستشكل أيضاً ملاذاً آمناً لمسؤولين من النظام السوري، من ضباط جيش واستخبارات وسياسيين ممن لم ينشقوا بعد لأسباب أمنية، الأمر الذي يجعل النظام السوري في وضع ضاغط، يرغمه على التخلّي عن سياسة المماطلة والرهان على الوقت، ويدفعه مكرهاً نحو البحث الجاد عن حل سياسي. عقبات سياسية وميدانية: لكن تعترض المنطقة الآمنة عقبات سياسية وميدانية تتمثل في مواقف الأطراف المختلفة إزاء هذه الخطوة، التي لم تلق تشجيعاً حتى من جانب أبرز حلفاء أنقرة وهي الولايات المتحدة، التي كانت قالت إنها لا ترى في المنطقة العازلة حاجة ضرورية. لكنها عادت وخففت لهجتها بعد زيارة مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الجنرال المتقاعد جون ألين، إلى أنقرة قبل نحو أسبوعين. كما أن أطرافاً إقليمية أخرى تعارض بشدة الخطوة التركية، وفي المقدّمة حلفاء النظام السوري خصوصاً إيران. وميدانياً، تبرز عقبة حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي وذراعه العسكري، وحدات "حماية الشعب". ولا تخفي أنقرة أن من أهم أهدافها إحباط خططهم لإقامة كيان كردي منفصل على حدودها الجنوبية، وهؤلاء يمكن أن يثيروا مشاكل داخلية أمام الحكومة التركية التي يسعى رئيسها أحمد داود أوغلو إلى تشكيلها وسط تجاذبات داخلية، وذلك من خلال تحريض المواطنين الأكراد في تركيا. إضافة إلى ذلك، هناك عقدة تنوع التركيبة الديموغرافية للشريط الحدودي بين سورية وتركيا، والقوى المسيطرة على الأرض. وفيما تسيطر "وحدات حماية الشعب" الكردية على الجانب السوري من الحدود المشتركة مع تركيا بطول نحو 45 كيلومتراً في منطقة عين العرب وحدها، يسيطر تنظيم "داعش" على مناطق جرابلس والباب ومنبج وأخترين وأريافها في ريف حلب الشرقي. وعلى الجانب السوري من الحدود المشتركة مع تركيا بطول يبلغ نحو 75 كيلومتراً. أما فصائل المعارضة السورية فهي تسيطر على منطقة أعزاز وريفها في ريف حلب الشمالي وعلى نحو 35 كيلومتراً من الجانب السوري من الحدود المشتركة مع تركيا. كما أن "جبهة النصرة" موجودة في ريف حلب الشمالي قرب الحدود السورية التركية، فضلاً عن وجود قوات النظام السوري في بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي وفي مناطق من ريف اللاذقية على الحدود مع تركيا، حيث تخضع الحدود هناك مناصفة لسيطرة قوات المعارضة وقوات النظام على امتداد نحو 25 كيلومتراً لكل منهما، بينما تسيطر قوات المعارضة على نحو 80 كيلومتراً، من الحدود السورية التركية في محافظة إدلب، بما يشمل معبري باب الهوى وأطمة بين سورية وتركيا.
العربي الجديد
العربية نت
أسرة التحرير
هيئة الشام الإسلامية
الشرق الأوسط
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة