نزار محمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3282
شـــــارك المادة
دخلت معركة السيطرة على مدينة حلب السورية مرحلة الحسم بعد تمكن المعارضة في المدينة من تحقيق ما عجزت عنه في السنوات الثلاث الماضية على الرغم من محاولاتها المتكررة. وتمكنت المعارضة من خرق خط الدفاع الأخير الذي يحافظ عليه النظام غرب المدينة، عبر تقدمها على جبهة مبنى الاستخبارات الجوية والمباني العسكرية المحيطة به.
أما قوات النظام فردّت على هذا التقدم بقصف غير مسبوق بالطيران الحربي على المنطقة، ما أجبر المعارضة، ظهر أمس الثلاثاء، على الانسحاب من مبنى دار الأيتام المجاور لمبنى الاستخبارات الجوية. وأكّد مصدر قيادي أنّ عناصر من جبهة النصرة والجبهة الشامية، وجيش المهاجرين والأنصار وفجر الخلافة، تمكّنوا من التقدم نحو منطقة فرع الاستخبارات الجوية، ليسيطروا على ما تبقى من المبنى، وعلى مبنى المدرسة المجاورة له، فضلاً عن مبنى دار الأيتام المجاور ومبنى جامع "البشير النذير". وقد سجّل انسحاب من تبقى من عناصر قوات النظام في المنطقة، نحو المباني السكنية في حي جمعية الزهراء المجاور. ووفقاً للقيادي نفسه، فإنّ التقدم في المنطقة، جاء بعد استهداف مبنى الاستخبارات بصاروخ من نوع "حمم" وهو نوع مطور لصاروخ "جهنم" الذي تصنعه المعارضة، ويحمل حشوة متفجرة يصل وزنها إلى ثلاثمائة كيلوغرام، ليتبع ذلك تفجير نفقٍ جديد تم حفره أسفل السور المقابل للجناح الجنوبي لمبنى الاستخبارات الجوية. والأخير معروف بأنه القسم العسكري في فرع الاستخبارات الجوية بحلب، وسبق أن تعرّض لأضرار بسيطة إثر تفجير استهدفت فيه المعارضة الجناح الشمالي من المبنى "القسم المدني"، ودمرته في بداية شهر آذار/مارس الماضي. كذلك أوضح المصدر أنّ التفجير والاشتباكات التي تلته أسفرا عن مقتل عشرات من عناصر لواء القدس الفلسطيني، المكون من مقاتلين تابعين لحركتي الجبهة الشعبية - القيادة العامة، وفتح الانتفاضة، المواليتين للنظام السوري، وعناصر مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام، والمعروفة باسم "الشبيحة"، وقدّر عددهم بنحو سبعين قتيلاً وجاء تقدم المعارضة في حلب بعد ثلاثة أيام من التطورات الدراماتيكية في المدينة. فبعد أن سقط عشرات القتلى من المدنيين إثر قصف مبان سكنية في حي السليمانية، الذي تسيطر عليه قوات النظام وسط مدينة حلب، تبادلت كل من وسائل الإعلام الموالية للنظام ومصادر المعارضة المسؤولية عن القصف، لِيَتبع ذلك قيام طائرات النظام بشنّ حملات قصف يومية بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية استهدفت الأسواق والأماكن المكتظة والمدارس في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب، ما أدى إلى دمار كبير في الأماكن التي طالها القصف وسقوط عشرات القتلى من المدنيين. وجاء قصف قوات النظام اليومي المتصاعد لعشرات النقاط في مدينة حلب، ليؤكد الحديث الذي انتشر بين سكان المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب عن تخوف في صفوف قيادة قوات النظام في حلب من تكرار سيناريو سيطرة المعارضة على مدينة إدلب بشكل سريع من خلال عملية عسكرية كبيرة أفضت إلى هزيمة كبيرة لقوات النظام في إدلب. وساهمت حالة التخبط التي تعيشها قوات النظام في حلب بزيادة الشائعات بين سكان المناطق التي يسيطر عليها في وسط وغرب مدينة حلب. وأفاد شهود عيان لـ"العربي الجديد" عن انتشار شائعات بين السكان تفيد بنقل قوات النظام للمبالغ النقدية والعملات الصعبة والمعادن الثمينة المخزنة في فرع المصرف المركزي في حلب وفروع المصارف التجارية والعقارية والزراعية الحكومية في المدينة. كما انتشرت شائعات عن هروب عدد من ضباط النظام من مناطق سيطرته في حلب نحو الساحل السوري لكن هذا التخبط المتزامن مع تراجعها على جبهة الاستخبارات الجوية غربي حلب، لا يعني أن قوات النظام التي تسيطر على نحو ثلث مساحة مدينة حلب باتت في حالة انهيار كامل، إذ لا تزال تحتفظ بثكنات عسكرية وفروع أمنية وعسكرية في محيط مناطق سيطرتها يصعب على المعارضة اقتحامها حتى الآن، على الرغم من أنها حاولت مراراً السيطرة على معظمها فيما سبق. وتستحوذ قوات النظام إلى اليوم على أكاديمية الأسد العسكرية قرب دوار الموت في مدخل حلب الغربي. كما أنها تستولي على مدرسة المدفعية ومدرسة التسليح في مدخل حلب الجنوبي الغربي، فضلاً عن فرع المداهمة على خط الجبهة مع قوات المعارضة في حي بستان الباشا شمال حلب وعلى فرع الاستخبارات السياسية في حي السليمانية وسط حلب وفرع الشرطة العسكرية في حي الجميلية. يضاف إلى ذلك فرع الأمن الجنائي في حي السريان وقيادة شرطة حلب وسط المدينة وفرع المرور في حلب القديمة وفرع الأمن العسكري في حي حلب الجديدة ومبنى الاستخبارات الجوية الجديد في حي الشهداء بمنطقة حلب الجديدة غرب حلب بالإضافة إلى عشرات الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش والثكنات ومعسكرات التدريب والمخافر الشرطية. كذلك يواصل النظام سيطرته على نقاط هامة في محيط مدينة حلب، كمطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري ومطار كويرس العسكري ومعامل وزارة الدفاع الواقعة جميعاً إلى الشرق من المدينةـ فضلاً عن السيطرة على كتيبة دفاع جوي ومبنى سجن حلب المركزي والمدينة الصناعية شمال مدينة حلب. ويطرح استحواذ النظام السوري على هذا الكم الهائل من النقاط العسكرية في مدينة حلب وإلى الشرق والشمال منها تساؤلات جدية حول مدى قدرة المعارضة على حسم المعركة في المدينة. فعلى الرغم من حالة التخبط التي دخلت بها قوات النظام في الشمال السوري منذ خسارتها الفادحة في معركة رتيان وحردتنين شمالي حلب في نهاية شهر شباط/فبراير الماضي فهي ما زالت تستحوذ على نقاط عسكرية ذات أهمية استراتيجية كبيرة تضعها حتى الآن في وضع دفاعي جيد. ويترافق ذلك مع ضعف احتمالات تكرار سيناريو إدلب في حلب في وقت قريب بسبب عدم وجود تشكيل موحد للمعارضة في حلب كجيش الفتح المكون من جميع فصائل المعارضة في إدلب والذي تمكن من اجتياح المدينة مطلع الشهر الحالي ليسيطر عليها بعد معارك استمرت أربعة أيام فقط. وتعاني قوات المعارضة في حلب إلى اليوم من خلافات كبيرة، وقد شهدت الجبهة الشامية، أكبر تشكيلات قوات المعارضة في حلب، انشقاقين مهمين منذ بداية الشهر الماضي، اذ انسحبت قوات الفوج الأول الذي ينتشر في مناطق سيطرة المعارضة في حلب، من الجبهة لتنسحب بعد ذلك تشكيلات عدة تنتشر في مدينة حلب وفي ريفها الغربي من الجبهة الشامية وتشكل جبهة مقاتلة جديدة باسم "ثوار الشام".
العربي الجديد
محمد أمين، عدنان علي
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
أيمن فضيلات
لجان التنسيق المحلية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة