ميمونة جنيدات
تصدير المادة
المشاهدات : 6902
شـــــارك المادة
اتكأت على الأريكة أمام التلفاز، ويدي على جهاز التحكم، وأصابعي تضغط بعصبية على أزراره لتنقلني من قناة لأخرى، وكلها تبث أخبار الواقع السوري المفجع .. ذبحٌ للأطفال .. اغتصابٌ للفتيات .. هدمٌ للبيوت .. قصفٌ بالمدفعية والدبابات والصواريخ والطائرات للمدن الآهلة بالسكان .. هجراتٌ جماعيةٌ .. لجوءٌ خيام .. نقصٌ في كل شيء .. الغذاء .. الدواء .. الماء .. الكهرباء .. جريحٌ كانت تكفيه عملية أو عمليتين لإزالة الشظايا من ساقه فتعذَّر وجود جراح، فدخل عالم المعاقين وبترت رجله .. وآخر دخل عالم المعاقين بفقد عينيه .. وثالث بترت يداه .. ورابع أصيب بالشلل ..
كادت نفسي تتمزق ألماً .. إلى متى سنبقى نحن سوريوا الخارج في مقاعد المتفرجين، ومهما تفاعلنا وقدّمنا يبقى عطاؤنا غير فعال ولا يرقى إلى ما يبذله إخوتنا في الداخل .. أجهشت بالبكاء ونحبت وشهقت، ثم ارتخت يدي وسقط منها جهاز التحكم.......
*****
كانت شاشةً عملاقةً تغطي جدار الغرفة كله، وكانت تقلب صفحاتها بحركة الأصبع للأعلى والأسفل .. تركزت عيناي على خبر شدني .. رجال أعمال سوريون وكويتيون أعلنوا إنشاء أكبر شركةٍ لصناعة الملابس في المنطقة، وقد شارك فيها مجموعة من خبراء الهندسة الصناعية السوريين المتواجدين في أوربا، حيث قاموا بتعديل ماكينات للحياكة تناسب كل إعاقة من الإعاقات التي خلّفتها الحروب في سورية، وستعلن عن افتتاح فروعٍ لها في كل المدن السورية لتأمين فرص عمل للمعاقين والسيدات اللواتي بقين بغير معيل، وتعهدت بتأمين 100ألف فرصة عمل. وقد تأسست هذه الشركة أثناء الثورة لتبدأ العمل بعد تطهير سورية من فلول النظام السابق. حركت أصبعي للأعلى فظهرت صفحة جديدة فيها: ولادة مجموعة شركاتٍ مساهمةٍ في السعودية ممولة من رجال أعمالٍ سوريين وسعوديين، ومن أسهمٍ لعشرات الألوف من أفراد الجالية السورية المقيمة في السعودية، وكذلك أسهم لآلاف المواطنين السعوديين، وقد أُسست هذه الشركات أثناء الثورة السورية كنوع ٍمن التكامل وإتمام الجهد بين سوريي الداخل الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل الثورة، وسوريي الخارج الذين كانوا يتحرقون شوقاً للبذل والمساهمة، يدعمهم لفيف ضخم من الموسرين السعوديين الذين تلاشت في ناظرهم حدود سايكس بيكو، وانصهرت في بوتقة الدم الواحد للإسلام والعروبة الذي يسري منذ القدم في شرايين تلك البقاع من بلاد الشام والجزيرة العربية، فأضحت هذه الجهود المشتركة ثمرة يانعة تُسرع الخطى نحو النهوض والبناء السريع بعد الثورة، يعم بنفعه كلا البلدين، وأهم هذه الشركات: شركة تدوير النفايات .. وتُؤَّمن 20 ألف فرصة عمل. شركة الاستثمار والاستصلاح الزراعي لإعادة الحياة للمناطق الخصبة، وإيقاف التصحر وتُؤَّمن 40 ألف فرصة عمل. شركة الصناعات الغذائية وتؤمن 15 ألف فرصة عمل. شركة الغزل والنسيج وتؤمن 10 آلاف فرصة عمل. شركة الموبيليا والمفروشات وتؤمن 20 ألف فرصة عمل. شركة صناعة السجاد والموكيت. شركة الصناعات الدوائية. شركات سياحة وترفيه. وستتبعها قوائم أخرى من شركات مازالت قيد التأسيس. حركت أصبعي ثالثة .. فقرأت تعلن شركة بناء عملاقة في قطر والإمارات عن استعدادها لإعادة إعمار البلاد بعد الانتهاء من تطهيرها ... حركت أصبعي رابعة ... يعلن أكادميو أوربا من السوريين عن تأسيس شركة تأهيل وتدريب عالية الكفاءة لتدريب خريجي الجامعات والمعاهد من جميع الاختصاصات تؤهلهم لإجادة العمل التخصصي بإتقان ومهنية عالية. حركت أصبعي خامسة ... يعلن اتحاد أكادميو سورية ورجال أعمالها عن تأسيس هيئة للبحث العلمي، ومؤسسة لدراسة براءات الاختراع والإبداع بهدف بلورة ما يصلح منها إلى مشاريع إنتاجية تؤمن آلاف فرص العمل، وكذلك إنشاء معاهد للموهوبين والمبدعين. لم أتمالك نفسي .. هتفت بسرور .. يا إلهي ..كم هي سورية غالية ٌفي قلوب جميع السوريين داخل الوطن وخارجه .. كم هي مكانة بلاد الشام رفيعةٌ في قلوب العرب عامةً وأهل الجزيرة العربية خاصةً .. حاولت أن أرفع يدي لم أستطع كنت نائمة عليها طوال الوقت والخدر يسري فيها حتى أطراف أناملي ... فتحت عيني، وقبضت أصابعي، وضممت يدي إلى صدري ... إنه حلم جميل .. ألا يمكن للحلم أن يلد غير حلم؟ ألا يمكنه أن يلد واقعاً؟ لِمَ لا ؟؟؟ ألم تكن الثورة السورية قبل عامين حلماً أشد غرابة من هذا الحلم ؟!!
كاظم عايش
سلوى الوفائي
رضا خليل الجروان
وائل الشيخ أمين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة