..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

عذراً سوريا؛ فلسنا رجالاً!!

أحمد عبد الوهاب

٢٢ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6519

عذراً سوريا؛ فلسنا رجالاً!!
7.jpeg

شـــــارك المادة

عذرًا، أيها الرِّفاق، أيها الأحباب، أيها الشهداء، رجالاً ونساءً وأطفالاً.....
أقول: عذرًا، ولا أجد عذرًا، فلا عذرَ لي ولأمثالي، وما هو عذري، وأنا أنام قرير العين مع صغاري وزوجتي، نأكل ونشرب ونضحك، وإذا رأينا صور الدماء والأشلاء ربما حوَّلنا عن القناة؛ حتى لا ننغِّص على أنفسنا وكأنَّنا نشاهد فليمًا سينمائيًّا أو موقفًا دراميًّا، وقد نتأثَّر بالفيلم أو الموقف الدرامي الحزين، وربما نذِرف الدمع، أمَّا مع إخواننا فقد قسَت قلوبنا حتى صارت أشدَّ من الحجر؛ رغم عدم لقائنا من قبل، ولكنَّنا صرنا أشدَّ قسوة عليهم من أعدائنا، فقد نرى في صفوف الصَّهاينة دعاةً لحقوق الإنسان - وإن كانوا قلائل - ولكنَّ الأمر لدينا تجاه إخوتنا الذين يُذبَّحون ويقتَّلون منذ أكثر من عام في سوريَّا، هو أننا نقف مشاهدين ونحن نرى المجازر الطائفية من جانب هذا المجرم الذي فاقَ إجرامُه كل إجرام سمعنا عنه.


قتل هذا السفَّاح ما يقرُب من ثمانية آلاف طفل وامرأة وشيخ وشابٍّ؛ قطَّعَ أوصالهم، ومزَّق أجسادهم، ودفَنهم أحياءً بجانب الآلاف من العجَزة والمفقودين، لم يرتدعْ يومًا، ولم يتَّعظْ، بل استهان بكل شيء، وكشف النقاب عن هذا المجتمع الدولي المزيَّف بعد ما ناصرتْه روسيا والصين، ومنعت الجميعَ من مدِّ يد العون أو وقْف تلك الجريمة التي لن يغفِرها التاريخ لنا؛ كعرَب ومسلمين، ولن يغفِرها للعصابات الدولية التي تدعي ليلَ نهارَ مناصرتَها للمستضعفين، وحرْصَها على حقوق الإنسان، وأنا لا أعوِّل كثيرًا على المجتمع الدولي أو ما يسمى بالأمم المتَّحدة التي أعطت ما لا تملك لمن لا يستحق في أرض فلسطين الحبيبة، وتركت شعبها يذبَّح منذ بدايات القرن قبل الماضي وحتى الآن، ولن أتحدثَ عن هذا التخاذل ولكني أتساءل: هل مات ضمير العالم؟! هل مُحِيت الرجولة من فوق سطح الأرض؟!
وأعود لأعتذر، ولكن هيهاتَ هيهات أن يمنع اعتذاري صرخاتِ الأطفال، وأنينَ المرضى، وآهات الثَّكالى، أو أن يبعث اعتذاري هذا رغيفَ خبزٍ أو زجاجةِ دواء، أو أن يمنع هدمَ جدرانِ بيتٍ صغير، وإلقاءَ أهله في العراءِ! هيهاتَ هيهات أن يمنع اعتذاري هتْكَ أعراض البناتِ والنِّساء أمام أهلِهنَّ، أشعُر بالخسَّةِ وأنا أجلس وأكتب تلك الكلمات، أشعر بالذلِّ والعارِ والخزي، وما سأقول لربِّي يوم يسألني: أمَا سمعت تلك الصرخات والآهاتِ؟! أمَا رأيتَ بأمِّ عينيك تلك الدماء والأجساد الممزَّقة؟! تُرى هل سأكذبُ من الخزي والندم، ولكني سأكذب يومها على الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؛ فلا مفر إذ.. !
عذرًا، أيها الأبطال، أيها الرجال، أيها الشهداء، أيها الكبار، فما زلنا صغارًا لم نصبح رجالاً بعدُ، ما زلنا جبناءَ، عذرًا فقد آثرنا الدنيا، وتركنا الآخرة، عذرًا فلم نعُدْ نقرأُ قول الله - تعالى -: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8]، لماذا نتخاذل - نحن - يا من ندعي الإيمان والإسلام عن نُصرةِ إخوتنا في سوريَّا، والوقوفِ في وجه هذا الطاغية؛ فما زلنا نلتمس لأنفسنا الأعذار إذا علت الأصواتُ التي تنادي بتحرير المقدَّسات المغتصبة في فلسطين، ونقول: سيأتي اليوم الذي ستحرَّر فيه المقدَّسات، وتعوَّدْنا على رؤية دمائهم وجثث أطفالهم، حتى إن الأمر لم يعد يحرِّك فينا ساكنًا، بل وهذا ما يريده منا أعداء الإسلام؛ أن تصبح قضايا الأمة قضايا فرديَّة يتحدث عنها أهلُها فقط، أما نحن فشأننا بها شأن أمريكا وروسيا والصين وغيرهم من أهل الصليب والمجوس.
هذه صرختي إلى الأمة:
كفاكم شجْبًا وندْبًا؛ فكل ساعة نتأخر فيها عن نَجدة إخوتنا ترتكب فيها مجزرةٌ جديدة، وها هم الصهاينة يفتحون أبوابًا جديدة حتى ننشغل بغزَّة ليكمل هذا الخنزير - وليس الأسدَ - مهمته لإبادة أهل السنة في سوريا، لم تعد الكلمات تجدي، فالسوريُّون يحتاجون إلى أفعال، وليجلسْ كلٌّ منا لحظاتٍ مع نفسه، وليَعِشْ حالة أسرة في حمص أو بابا عمر أو إدلب، تخيَّل يا أخي وأنت تجلس خائفًا مذعورًا تحت طلقات المدافع والرصاص والقنابل، ويظن طفلك وابنتك وزوجتك أنك قادر على حمايتهم وأنت لا تستطيع الدفاع عن نفسك، وقد يدخل عليك مجموعة من الشبيحة يذبحون رضيعَك ويغتصبون ابنتك وزوجتَك ويغتالون رجولتك، خبِّرني بالله عليك كيف شعرت وأنت تتخيَّل فقط هذا الأمر؟! إنها مأساة ما بعدها مأساة، وعارٌ وخزيٌ في جبين كلٍّ منا.
أقولُها ثانية:
لم يعد هناك وقت للحديث عن مبادرات ومطالب؛ فيا من تتحدَّثون عن مخططات خارجية لتقسيم سوريا:
هل تعرفون أن حرمة الدم المسلم أعظمُ عند الله من حرمة الكعبة المشرَّفة؟!
هل تعلمون أن المسلم يظلُّ في سَعة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا؟!
فالأرض والمُلك بيد الله يُورثه من يشاء، وما دورُنا إلا في أن نأتي ما أمرنا الله ورسوله به، ونجتنب ما نهانا عنه، وننصر إخواننا، ونعينهم على هذا الظالم الفاجر، ونسعى لنصرة إخواننا في كل بقاع الأرض، لم يعد لنا أعذار بعد اليوم؛ قال - تعالى -: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:24].

المصدر: موقع الألوكة

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع