السبيل
تصدير المادة
المشاهدات : 7215
شـــــارك المادة
"لو تمكن النظام من قطع الهواء لقطعه عن الغوطة الشرقية"، بهذه الكلمات يلخص الناشط أويس الشامي، المعاناة من الحصار الذي فرض على المنطقة الواقعة بريف دمشق، وتختزل مأساة المحاصرين فيها، وفي مناطق أخرى من مثل معضمية الشام بريف دمشق، وأحياء في مدينة حمص وسط البلاد، بعد أن أحكم النظام حصاره على هذه المناطق.
ومع اشتداد المعاناة جراء الحصار، ظهرت فتوى من قبل أئمة مساجد وعلماء دين في الغوطة الشرقية، تبيح أكل لحوم القطط والكلاب والحمير، قبل نحو أسبوعين، حيث يتحدث الناشطون الإعلاميون في المناطق المحاصرة، عن أوضاع إنسانية مزرية، يأكل المحاصرون فيها أوراق شجر التوت، ودوالي العنب المهربة لهم عن طريق داريا. يقول أويس الشامي، في تصريحات عبر سكايب لمراسل الأناضول، إن "أهم الاحتياجات اليومية للناس هي رغيف الخبز، ومع انتهاء عيد الأضحى قبل أيام، استنفذت 70 بالمئة من خيرات الغوطة الشرقية، وخاصة من المواشي والطحين القليل". وأضاف أن "للغوطة منفذين فقط لخروج ودخول المدنيين إليها"، ولكنها مغلقة، لافتا إلى أن "هناك معجزة ربانية في صمود الأهالي رغم كل هذا الحصار، من خلال تكاتفهم مع بعضهم البعض"، وموضحا أن "أسعار السلع ازدادت أكثر من الضعف خلال آخر عشرة أيام من مثل سعر لتر البنزين، الذي كان يباع بمبلغ 400 ليرة سورية (2.5دولار)، فيما وصل السعر الآ إلى 950 ليرة سورية (أكثر من 5 دولارات)، رغم أنه يعتبر مفقودا. ونفى الشامي "إمكانية قيام أي منظمة بالدخول إلى الغوطة الشرقية، حتى الصليب الأحمر لا يقوم بأي محاولات للدخول، لأن النظام منع عليه ذلك، مما أدى إلى وصول الأوضاع إلى حالة صعبة". ودفعت المعاناة في الغوطة الشرقية، وندرة الخبز، وغيرها من المواد الغذائية والطبية، نتيجة للحصار المفروض منذ نحو عام من قبل قوات النظام، بعض الشبان إلى سلوك طريق، لإدخال المواد الغذائية إليها، مما أوقعهم في كمين لقوات النظام. وعن الفتوى التي صدرت حول شرعية أكل لحوم القطط والكلاب والحمير نتيجة الحصار، شدد الشامي على أنها "كانت لإيصال رسالة إعلامية عن حالة الحصار الخانق على الغوطة، لكن هذا الأمر قد يغدو واقعيا في الأيام القادمة، إن لم يدخلها الإغاثة اللازمة". على حد تعبيره. ويبلغ عدد سكان الغوطة الشرقية نحو مليون ونصف المليون مواطن، نزح القليل منهم، فيما يعاني الباقون من حصار خانق، بعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة على البلدات المنتشرة فيها، وقصف النظام بالسلاح الكيمياوي في 21 آب/أغسطس المنطقة، مما أسفر عن مقتل نحو 1600 شخص. وتعتبر المنطقة طوقا أمنيا شديدا للعاصمة دمشق، وهي البوابة الأكثر ترجيحا لدخولها، فيما يحاول النظام فصل الغوطة عن جنوب العاصمة والقلمون، لكون الغوطة ملاصقة أيضا لمطار دمشق الدولي. وفي لقاء أجراه المكتب الإعلامي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، مع المتحدث الرسمي باسم المجلس المحلي لمعضمية الشام المحاصرة، قصي زكريا، أكد فيه الأخير "أن دمارا هائلا أصاب البنية التحتية للمنطقة جراء استهدافها المتعمد من قبل قوات نظام بشار الأسد، مشيراً إلى أن "شبيحة الأسد وقواته هدّمت كافة المخابز والمشافي والمدارس والمرافق الصحية ووحدة المياه ومقسم الهاتف والكهرباء إثر القصف الممنهج التي تتعرض له المنطقة على الدوام". وأضاف أن حالة الحصار والتجويع الممارس تجاه المدنيين الذين يعتبرهم النظام الحاضنة الشعبية للثورة السورية دفعتهم لأن "يأكلوا أوراق شجر التوت ودوالي العنب المهربة لهم عن طريق داريا". مشيرا إلى أن "9 آلاف مدني محاصر يستجرون المياه من خط واحد، يختلط في بعض الأماكن مع الصرف الصحي". وقال المتحدث الرسمي أيضا "إنه لا يوجد سوى مشفى ميداني واحد ولم يعد فيه عبوات أوكسجين ولا سيرومات ولا أكياس دم"، لافتا إلى أن "قطع من الشراشف الممزقة هي الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها المدنيون والمصابون في معالجة جرحاهم". وتعتبر مدينة المعضمية أحد أهم المناطق الاستراتيجية، التي تتحكم بالعمق الأمني لنظام بشار الأسد داخل العاصمة دمشق، فهي محاذية لمطار المزة العسكري، الذي يشكل مركز المنطقة المخابراتي، والمسؤول عن التحركات الجوية للرئيس الأسد، فيما تعد معضمية الشام من أولى المناطق التي شهدت انتفاضات شعبية، والتي شكلت بداية النواة الأساسية للثورة السورية على النظام في سوريا. وقبل يومين وجه أهالي مدينة معضمية الشام رسالة مفتوحة إلى العالم، نشره الائتلاف الوطني، يستعرضون فيها حالتهم المأسساوية مناشدين من أسموهم "إخوتهم وأحبابهم وأصدقائهم، بأن لا ينسوهم، ويسمحوا بإخراجهم عن خارطة الوجود البشري". وأوضح الأهالي بأنهم "محاصرون منذ عام كامل، وقوات النظام، تحاول اقتحام المدينة يومياً، بينما يعاني السكان الأمرين، فالأوضاع مأساوية، ومنذ عام ومعضمية الشام محاصرة، لا طعام، ولا دواء، ولا كهرباء، ولا اتصالات، ولا وقود، وأهل المعضمية يموتون جوعاً وقهراً، يقصفون يومياً بآلاف القذائف والصواريخ والطيران الحربي، وبجميع أنواع الذخائر المسموحة والمحرمة دولياً، ولا سيما بالسلاح الكيماوي والنابالم والفوسفور الأبيض".
وأكدت الرسالة أن "90% من الأبنية السكنية والأحياء في المعضمية باتت مدمرة بشكل شبه كامل، فيما يعيش نحو 12 ألف محاصر، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، على أكل أوراق الشجر، وبعض النباتات غير الصالحة للغذاء البشري، ولا يوجد إلا 3 أطباء يعملون في مشفى ميداني واحد، بات خالياً من كل الأدوية والمعدات الطبية الضرورية، فضلا عن وجود نحو 1800 جريح بلا دواء أو علاج، و20 جريحا ينقصهم الدم، ولا يحصلون عليه بسبب نقص الأدوات المناسبة لنقل الدم". وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قد وثقت مقتل عشرة أطفال، في الفترة، في معضمية الشام، جراء نقص الغذاء والدواء. وبالتوازي مع ما سبق، تعاني أحياء محاصرة في حمص أوضاعا إنسانية مشابهة، منها حالات مزرية لعوائل، ونساء حوامل الأمر الذي يسفر عن انتهاء نسل عائلة كاملة، وذلك حسب الناشطين الإعلاميين في حمص المحاصرة. وأكد ناشطون أن هناك أكثر من 8500 مدني محاصر تحت القصف اليومي من قذائف الهاون وقذائف المدفعية في حمص المحاصرة، مما انعكس على الناشطين وعلى بنيتهم الجسدية، فظهرت حالات نقص التكلس، ونقص في المناعة، فضلا عن الحالات النفسية المزرية، والآبار التي يتم سحب المياه منها تم تلويثها من قبل قوات النظام.
المرصد الاستراتيجي
عدنان علي
العربي الجديد
الجزيرة نت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة