هشام ملحم
تصدير المادة
المشاهدات : 8856
شـــــارك المادة
تزداد الضغوط على الرئيس الأميركي باراك اوباما ليضطلع بدور قيادي أقوى للتعجيل في إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وقت يزداد قلق واشنطن من المضاعفات الاستراتيجية والسياسية والإنسانية للحرب في سوريا، ليس فقط على المجتمع السوري بكل مكوناته، ولكن أيضا على الدول المجاورة لسوريا وتحديدا لبنان والأردن.
والعناصر الايجابية في المشهد السوري المأساوي، مثل التقدم الذي أحرزته المعارضة المسلحة، وخصوصاً في جنوب سوريا، لا تغيّر كثيرا التقويم الأميركي الراهن، الذي عكسه الثلاثاء رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي حين لم يستبعد استمرار النزاع في سوريا "عقوداً"، ومفاده أن الزلزال السوري سيحدث ارتدادات عميقة تمس بجميع دول شرق المتوسط وحتى ابعد منها. وفي الأسابيع والأشهر الأخيرة، بدأت الأوساط المسؤولة والأكاديمية في واشنطن، وكذلك بعض المسؤولين في الدول المجاورة لسوريا، تتحدث عن "الانهيار المتوقع لحدود سايكس - بيكو" والتحضيرات التي يقوم بها بعض دول المنطقة، وتحديدا تركيا، للتعامل مع هذا الاحتمال، بما في ذلك قيام كيان علوي على الساحل السوري، أو اقتراب "كردستان العراق" أكثر فأكثر من الاستقلال الفعلي عن بغداد، وتأثير ذلك على السنّة في العراق وسوريا. ولا يستبعد المسؤولون الأميركيون والمصادر الأخرى الذين تحدثت معهم "النهار" حديثاً، حتى أسوأ السيناريوهات، والتي تراوح بين أن تؤدي أزمة اللاجئين السوريين في لبنان والأردن (معدل ألفا لاجئ سوري يلجأون إلى الأردن يوميا) إلى مضاعفات خطيرة على البنية السياسية الهشة في لبنان، وعلى وضع ومكانة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي يواجه معارضة داخلية متنامية، واحتمال دخول سوريا في حال فوضى أوسع إذا دارت اشتباكات بين بعض الفصائل المعارضة المتشددة مثل "جبهة النصرة" التي لا تخفي ولاءها لتنظيم "القاعدة"، وفصائل أخرى منضوية تحت الخيمة الواسعة والفضفاضة لـ"الجيش السوري الحرّ". وأحد السيناريوات المقلقة هو احتمال حصول توترات جديدة في هضبة الجولان بعد سحب النظام بعض وحداته العسكرية وحدوث فراغ امني يؤدي إلى تورط إسرائيلي في النزاع. ولا مؤشرات حتى الآن لكون الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها اوباما من الكونغرس ومن الإعلام، ومن مسؤولين حاليين وسابقين لرفع مستوى الدعم الأميركي للمعارضة المسلحة او فرض حظر طيران، كما يطالب الأردنيون والأتراك، وإنشاء مناطق آمنة داخل الأراضي السورية لإيواء اللاجئين وتوفير الحماية لهم، ستؤدي إلى تغيير موقفه الأساسي، أي عدم "التورط" في نزاع مفتوح على مختلف الاحتمالات. وقالت مصادر مطلعة لـ"النهار" إن مستشار الأمن القومي السابق الجنرال جيمس جونز (الذي عمل خلال السنتين الأوليين من الولاية الأولى لأوباما) اصطحب مستشارين سابقين إلى البيت الأبيض لحض الرئيس على "الاضطلاع بدور قيادي أوسع في سوريا قبل فوات الأوان"، لكن المستشارين الثلاثة سمعوا كلاما عاما لا يختلف كثيرا عما يقال علنا. وقال أحد المصادر إن "اوباما لن يقوم بأي مبادرة كبيرة أو نوعية حيال سوريا"، لكنه سيتيح لوزير الخارجية جون كيري مجالاً أوسع للتحرك، أكثر مما فعل مع الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون، وسوف يترجم ذلك بتنسيق لوجستي أوسع مع القائد الجديد لـ"الجيش السوري الحر" العميد سليم إدريس الذي طلب كيري الاجتماع به. وكان يفترض أن يدعى إدريس إلى واشنطن، بعد أن يقوم رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" احمد معاذ الخطيب بزيارة واشنطن. إلا أن تأخر الخطيب في زيارته، دفع كيري إلى طلب لقاء إدريس في تركيا خلال جولته الحالية، ولكن يبدو أن إدريس، لأسباب غير واضحة، لم يكن في تركيا خلال توقف الوزير فيها. وأضافت المصادر أن كيري سيحاول "تغيير حسابات الأسد" من خلال توفير مساعدات عسكرية نوعية غير قتالية للقوى التي يشرف عليها إدريس، وللوحدات السورية التي تتولى عناصر أميركية وأردنية وربما خليجية تدريبها داخل الأراضي الأردنية، ومن خلال تسهيل وتنسيق عملية تسليح هذه القوى من الأردن والسعودية وغيرهما. وأوضحت أن نتائج تدريب وتسليح هذه القوى قد انعكس على التقدم العسكري الذي أحرزته قرب الحدود الأردنية مثل سيطرتها على بعض المدن الواقعة على طريق دمشق – عمان. وثمة تخوف أميركي من أن تؤدي معركة دمشق المتوقعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى تدفق عدد ضخم من اللاجئين وزحفهم في اتجاه الحدود اللبنانية القريبة أو إلى الأردن، مع ما سيرتبه ذلك من ضغوط قد تؤدي إلى انهيار جهود مؤسسات الإغاثة وحتى حصول أعمال عنف. وفي هذا السياق، قال مسؤولون أميركيون، أن واشنطن وعدت السلطات اللبنانية بأن تزيد مساعداتها المالية لمنظمات الإغاثة الدولية. وهذه المساعدات لن تقدم إلى الدولة اللبنانية التي لا تزال ترفض إقامة "مخيمات موقتة" للاجئين لئلا يصير الموقت واقعا دائما في وقت لاحق. بيد أن المساعدات لن تتعدى "عشرات الملايين" من الدولارات كما قال أحدهم. ويرى المسؤولون الأميركيون، الذين يتعاطفون مع مخاوف كبار المسؤولين اللبنانيين الذين ابلغوهم إن لبنان لم يعد قادراً على تحمل المزيد من اللاجئين لأنه وصل إلى مرحلة "التخمة"، إن اللبنانيين "يشكون ويشكون، ثم يطالبون منا أن نساعدهم على نقل اللاجئين إلى دول أخرى، وكان ذلك ممكن سياسياً ولوجستيا، لكنهم لا يقترحون أي شيء آخر حتى كإجراء موقت". والمسؤولون الأميركيون الذين لاحظوا أن ثمة اهتماماً دولياً بأزمة اللاجئين في الأردن، حيث تقوم وفود دولية وإعلاميون أميركيون وغيرهم بزيارة مخيم الزعتري لتغطية معاناة اللاجئين، يلفتون إلى أن لا اهتمام دولياً مماثلاً باللاجئين السوريين في لبنان، وهم يعزون ذلك إلى تقصير الحكومة اللبنانية في هذا المجال وعدم قيامها بحملة سياسية وإعلامية لاستدرار الاهتمام الدولي بمأساة اللاجئين في لبنان، كما ان عدم وجود مخيم كبير لهم، مشابه للزعتري في الأردن، لا يضعهم في دائرة الضوء الإعلامي. وقد نصح المسؤولون الذين يراقبون عن كثب وببعض القلق عملية تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، والأوضاع الاقتصادية التي ستتفاقم خلال صيف لن يشهد سياحة كثيفة، المسؤولين اللبنانيين بعدم تأجيل موعد الانتخابات النيابية كي لا يساهم ذلك في تأزيم الوضع أكثر، لكنهم قالوا أيضا أنهم لا يعارضون وسوف يؤيدون تأجيل موعد الانتخابات ثلاثة أشهر، "إذا كان ثمة موعد جديد يتم التزامه".
النهار
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة