ماجد الأمير
تصدير المادة
المشاهدات : 8387
شـــــارك المادة
تعابير الخوف بل الرعب ظاهرة على وجوه مئات اللاجئين السوريين ومعظمهم من الأطفال والشيوخ والنساء والشباب الفارين من القصف والموت والدمار، الذين يتدفقون مع قليل من أمتعتهم، دون انقطاع هربا من الموت والدمار، إلى مركز شهاب على الحدود مع الأردن الذي أقامته لهذا الغرض القوات المسلحة الأردنية على بعد عشرات الأمتار من الحدود.
لا يمكث هؤلاء اللاجئون في هذا المركز أكثر من بضع ساعات يستريحون خلالها من أعباء السفر، بعدها ينقلهم الجيش إلى مخيم الزعتري. «الشرق الأوسط» رافقت وزير الخارجية الأردني ناصر جودة وأعضاء لجنة الشؤون العربية والدولية في مجلس النواب في جولة على المناطق الحدودية بين الأردن وسوريا لتسجيل رحلة اللجوء والكيفية التي يستقبلهم بها الجيش الأردني. شيخ تجاوز العقد السابع من العمر من بلدة داعل في درعا تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن رحلته وكيفية وصوله قبل ساعة واحدة من وصول المسؤولين إلى المركز، وقال: «مشينا على الأقدام مسافة طويلة وساعدنا الجيش الحر في الوصول إلى الحدود». وأضاف: «لقد قصف جيش بشار الأسد منزلنا ودمر بلدتنا ولم يبق لنا مكان نسكن فيه لذلك قررنا القدوم إلى الأردن من أجل الحفاظ على حياتنا». ويتابع الشيخ بعد قصف منزلنا وتدمير الكثير من بلدتنا قررنا اللجوء إلى الأردن لنبدأ رحلة اللجوء التي كانت بدايتها بالسيارة لمدة قصيرة قبل أن نصل إلى الجيش الحر ليساعدنا في الوصول إلى منطقة قريبة من الحدود مع الأردن ولنقطع المسافة المتبقية سيرا ونعبر الحدود لنجد القوات المسلحة الأردنية في استقبالنا. وقال لاجئ آخر من بلدة بطاح في درعا وهو يطالب بالإسراع في نقله إلى مخيم الزعتري لأنهم «كابدوا طيلة الساعات الماضية حتى وصلوا إلى الأراضي الأردنية «لقد تركنا سوريا لأن جيش النظام يرتكب مجازر بحق المدنيين السوريين». وصرخ لاجئ آخر وهو في داخل خيمة كبيرة مليئة بالأطفال والنساء والشيوخ «لقد دمروا منازلنا وقتلوا أطفالنا..
لذلك قدمنا إلى هنا ونشكر الأردن على رعايته لنا كما نشكر الجيش الأردني الذي ساعدنا للوصول إلى الأراضي الأردنية». وأخبر «الشرق الأوسط» فتى لم يتجاوز عمره الـ14 سنة بأن جيش الأسد يستخدم المدنيين والأطفال دروعا بشرية في مناطق درعا. وقال «لقد حجزوني مع عدد من الأطفال وأجبرونا أن نسير أمام الدبابات والجنود لنكون دروعا بشرية حتى لا يقصفهم الجيش الحر». وأضاف: «إن بلدنا أصبحت خالية وهجرها الناس لأن الجيش النظامي دمر كل شيء فيها». الحاجة أم الخير من منطقة طفس في محافظة درعا التي تجاوز عمرها السبعين عاما قابلتنا بالبكاء على سوريا وعلى بلدتها ومنزلها الذي دمره جيش الأسد كما تقول. وسارت الحاجة أم الخير على قدميها مسافة طويلة لتصل إلى الحدود. وتقول: إن الجيش الحر هو من ساعدها وعائلتها للوصول إلى الحدود الأردنية وإنها تركت بلدتها خوفا من الحرب والموت الذي أصبح يلاحقهم هناك في الوطن. وقال اللاجئ فضيل العبد من بلدة داعل إنه كغيره من اللاجئين، خرج من سوريا بمساعدة الجيش الحر وإنه مكث قرب الحدود ثمانية أيام حتى سنحت الفرصة لكي يصل إلى الجانب الأردني. وأشار إلى أنه يلتحق بزوجته وأبنائه في مخيم الزعتري منذ ما يقارب الشهرين. وقال شاب في الثلاثين من عمره وطفل رضيع بين يديه، إنه وصل إلى الحدود للتو بعد ساعات طويلة من السير على الأقدام. وأضاف وهو يشير إلى طفله أنه ترك سوريا لكي يحمي طفله من القصف، مستطردا أن طفله كان قد أصيب جراء قصف جيش الأسد لمنزله لذلك قرر الهروب إلى الأردن. وبرر ربيع مهيدات من بصرى الشام لجوءه بالحديث عن مجزرة ارتكبها جيش الأسد في منطقته وأنه فر من البلدة والجثث تملأ الشوارع. ويروي قائد حرس الحدود الأردنية العميد حسين الزيود كيفية دخول اللاجئين السوريين الأراضي الأردنية والخدمات التي تقدمها القوات المسلحة الأردنية قبل نقلهم إلى مراكز استقبال في منطقة تل شهاب ثم إلى الزعتري. ويقول: إن الأرض وعرة ما يضطر اللاجئون إلى السير على الأقدام ما بين 10 - 15 كيلومترا للوصول إلى الحدود الأردنية. ويضيف الزيود الذي أخذنا في جولة على المناطق الحدودية: «إننا نستقبل يوميا ما يقارب 2000 لاجئ، ونضطر إلى استخدام سيارات لاند كروزر من أجل نقل اللاجئين من المناطق الوعرة». ويخبرنا الزيود وسط دوي الانفجارات داخل الأراضي السورية: «إننا باستمرار نجهز أنفسنا لاستقبال اللاجئين عقب وجبات القصف». من اللافت أن الجيش الحر رابض قرب الحدود الأردنية وهو ينظم خروج اللاجئين إلى الأردن. ويشير الزيود إلى أنهم كثيرا ما يستقبلون جرحى من الأطفال والنساء والشيوخ ويجرى لهم الإسعاف الأولي قبل نقلهم إلى المستشفيات بشكل سريع. وزير الخارجية ناصر جودة الذي كان يرافق نوابا وصحافيين في جولة ليلية على الحدود ثمن الجهود التي تبذلها القوات الأردنية في تأمين استقبال اللاجئين، وحرص على الاطمئنان على اللاجئين الذين وصلوا للتو، مؤكدا أن الأردن سيوفر لهم الأمان وسيقدم كل الإمكانيات المتاحة لتسهيل إقامتهم لحين عودتهم إلى سوريا. وقال جودة «ستبقى حدودنا مفتوحة أمام اللاجئين السوريين»، مشيرا إلى أهمية أن يوفر المجتمع الدولي والدول المانحة الإمكانيات والمساعدات المالية والعينية من أجل توفير الاحتياجات الضرورية للاجئين لأن الأردن من دون دعم المجتمع الدولي لا يستطيع تأمين احتياجات اللاجئين لأن أعداد اللاجئين تجاوزت قدرات الأردن. وأشار إلى أن اللاجئين السوريين يريدون الأمان وأن معظمهم من الأطفال والشيوخ والنساء وأن «واجبنا في الأردن هو مساعدتهم وتأمين احتياجاتهم الأساسية» موضحا أن العالم يدرك تماما حجم العبء الذي يتحمله الأردن في استقبال هذه الأعداد التي تأتي يوميا بالآلاف هروبا من واقع مؤلم وعنف ودمار وقتل مستمر طالبين الملاذ الآمن. والأردن يتحمل هذا العبء نيابة عن العالم حيث دخل إلى الأردن أكثر من 485 ألف مواطن سوري منذ مارس (آذار) 2011 ويوفر لهم الأردن كل ما يحتاجونه من رعاية طبية، خاصة أن بينهم جرحى وبينهم أطفال وكبار سن. وقال: إن الأردن يتحمل عبء اقتصادي واجتماعي كبير بسبب هذه الأعداد «وناشدنا العالم وما زلنا نناشد العالم ونقول بأن الأردن يتحمل ما يفوق طاقته وعلى العالم أن يشارك لا بل أن يكون مبادرا إلى دعم ومساندة ومساعدة الأردن في تحمل هذا العبء الإنساني». وأضاف: «إننا في نهاية المطاف ما نريده هو حل سياسي يضمن عودة أبناء الشعب السوري العريق إلى بيوتهم ولكن في هذه اللحظات الصعبة بالنسبة لهم هم موجودون على أرض أردنية يستقبلهم الأردن ويوفر لهم كل ما يحتاجونه ولكن العالم يجب أن يدرك الآن بأن الوضع أصبح خطيرا جدا من حيث الأثر والعبء الذي يتحمله الأردن».
الشرق الأوسط
عدنان أحمد
مفكرة الإسلام
عبسي سميسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة