القدس العربي
تصدير المادة
المشاهدات : 14174
شـــــارك المادة
يلجأ شمعون بيريز رئيس الدولة الإسرائيلية إلى تقديم نفسه كزعيم معتدل يتطلع إلى السلام، ويستخدم معسول الكلام لكي يقنع مستمعيه خاصة في العالم الغربي. بيريز الذي زار أكثر من عاصمة عربية ليس معتدلا على الإطلاق وتاريخه حافل بالحروب ويكفي الإشارة إلى أنه ارتكب مجزرة قانا الثانية أثناء العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان التي راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد، معظمهم من النساء والأطفال لجأوا إلى مقر للأمم المتحدة طلبا للنجاة من صواريخ الطائرات الإسرائيلية المغيرة.
بالأمس، وأثناء خطابه في البرلمان الأوروبي وقف الرئيس الإسرائيلي محاضرا حول كيفية حقن الدماء في سورية، ووضع حد للمجازر التي ترتكبها قوات النظام وطائراته في مختلف أنحاء البلاد. بيريز دعا إلى تدخل قوة تابعة لجامعة الدول العربية لوقف المجزرة التي تجري حاليا في سورية، وأفتى بضرورة تشكيل حكومة سورية مؤقتة تضم شخصيات من المعارضة، وقال 'لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي فيما الرئيس بشار الأسد يقتل شعبه وأطفاله'. لو صدر هذا الكلام عن رئيس سويدي أو فنلندي أو برازيلي أو عربي، فإننا يمكن أن نفهمه ونتفهمه، فحقن دماء الشعب السوري ووقف أعمال القتل التي يتعرض لها مهمة إنسانية وأخلاقية، لكن أن يصدر عن رئيس دولة تمارس القتل كعقيدة، وتجتاح أراضي جيرانها، وتلجأ إلى ارتكاب المجازر لإرهاب البسطاء، وتتفنن في ممارسة التطهير العرقي لإقامة كيان غاصب على أراضي الغير فهذه قمة المأساة. بيريز ليس الشخص الذي يجب ان يعلمنا كيف نتعاطى مع الأوضاع في بلداننا، وإذا كان فعلا حريصا على الشعب السوري، فلينسحب من هضبة الجولان التي تحتلها قوات حكومته، وتنهب ثرواتها، وتصدر قانونا بضمها. في زمن رئاسة بيريز دمرت الطائرات الإسرائيلية مفاعل الكبر السوري قرب دير الزور شمال شرق سورية، وأغارت على عين الصاحب قرب دمشق بحجة تدمير قاعدة للجبهة الشعبية القيادة العامة، واغتالت الشهيد عماد مغنية قائد الذراع العسكرية للمقاومة الإسلامية اللبنانية. وعندما كان بيريز رئيسا للوزراء أرسل طائراته لقصف القرى اللبنانية الآمنة في جنوب لبنان، وارتكبت مجزرة 'قانا 2' في موقع يرفع علم الأمم المتحدة الأزرق مثلما ذكرنا سابقا، وهي مجزرة وصفها الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في برنامج تلفزيوني بأنها من أبشع المجازر في تاريخ المنطقة. لا نجادل مطلقا في ارتكاب النظام السوري مجازر، لكن ما نجادل فيه ونرفضه ان يقدم شخص مثل بيريز، يداه ملطختان بالدماء مثل معظم المسؤولين الإسرائيليين، سياسيين كانوا أو عسكريين، على انه حمل وديع يحاضر على العالم في السلام ووقف المجازر. بيريز الذي يتحدث نيابة عن الجامعة العربية، ويعلن تأييده لإرسال قوات تابعة لها إلى سورية، ربما نجده يقف يوما على منبرها في ميدان التحرير مخاطبا وزراء الخارجية، وربما الزعماء العرب باعتباره واحدا من أهل البيت تماما مثلما خاطب القمة الاقتصادية في المغرب قبل عقد ونصف العقد من الزمن.
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة