..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

الآنســـــــة (ن...)؟!!! (1)

محمد فاروق البطل

١٧ أغسطس ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8113

الآنســـــــة (ن...)؟!!! (1)
066995656.jpeg

شـــــارك المادة

هذا عنوان مقالة كان قد كتبها في الخمسينات من القرن الماضي في مجلة الرسالة الشهرية، أديب العربية القاضي الداعية الشيخ على الطنطاوي - رحمه الله تعالى وغفر له -، وقد كان معجباً بتلك الطالبة الجامعية المعتزة بإسلامها، والملتزمة بحجابها (يومها)، والمتميزة بقوة شخصيتها وذكائها. إنها الآنسة يوم ذاك (نجاح العطار) الطالبة في كلية الآداب جامعة دمشق، وهي سليلة أسرة كريمة، من منبت طيب، نشأت نشأة صالحة، كان والدها من رجال القضاء الشرعي، وكان رئيس محكمة الجنايات في دمشق. وكان له تاريخ جهادي مشرّف في مقاومة الكماليين - أتباع يهود الدونما - الذين أسقطوا الخلافة العثمانية، ومزقوا الدولة الإسلامية، ومكنوا الدول الكبرى من استعمار الدول العربية والإسلامية واحدة بعد أخرى. وكان أن حُكِم عليه بالإعدام، فهرب من حكم الكماليين وعاش مشرداً، ولم يعد إلى دمشق إلا بعد الحرب العالمية الأولى.


كنت أسمع من أخيها الأستاذ عصام - حفظه الله - كيف عُني والده بتدريسه وأخته شخصياً، وفي منزل الأسرة، وأن والده كان ملتزماً بالتربية الإسلامية المثلى، وإقامة المحضن التربوي الإسلامي، وقد استفاد الأستاذ عصام من والده أكثر مما استفاده من المدارس النظامية.
تزوجَتْ نجاح العطار من د. ماجد العظمة اليساري، ويومها كنت في دمشق، وسمعت نقداً لهذا الزواج، وتخوفاً من آثاره، لا لشيء... إلا باعتبارها شقيقة أستاذنا الداعية الكبير عصام العطار، وغيْرة عليه أن يتأثر بمثل هذا الزواج الذي لا يمثل رأيه ولا طموحاته بالنسبة لأخته التي يحبها. وفعلاً كان الأمر كذلك، فقد أسفرت بعد الزواج، وذهبت إلى لندن، وعادت متبرجة إلى دمشق تحمل شهادة الدكتوراة في الآداب.
حقيقة لم يكن يهمني من أمر هذه المرأة شيء، ولست مبالياً بحياتها الشخصية، لكني كنت أتمنى أن يحقق الله فيها فراسة شيخنا الأديب الكبير علي الطنطاوي وما وصفها به في تلك المقالة التي أثارت إعجابنا، وتوقعنا أن تقود (نجاح) العمل الإسلامي النسائي الناشئ عوناً لأخيها الودود أبي أيمن الذي يقود العمل الإسلامي في سورية.
ولتسمح لي الدكتورة العطار، لأقول لها ناصحاً ومذكراً:
•أنت يا دكتورة تولد عام 1933م وقد قاربت الثمانين من العمر... أما آن لكِ أن تستعيدي أصالتك، وترجعي إلى ربك، وتتوبي إلى الله، وتستغفريه عمّا بدا منك من نفاق متصل خلال خمس وعشرين سنة قضيتِها وزيرة للثقافة، مسؤولة عن كل ألوان الفساد الذي خططت له هذه الوزارة، تنفذين توجيهات حافظ أسد الذي قاد سورية نحو الدمار والهاوية في كل جوانب الحياة، ملتزماً بالمفاهيم والقيم العلمانية. وكوفئتِ على ذلك بتعيينكِ في منصب نائب رئيس الجمهورية منذ أحد عشر عاماً من قبل الطاغية ابن الطاغية بشار أسد لتتابعي معه رسالة الهدم والإفساد، ونشر الإباحية.
أنتِ يا د. نجاح في خريف العمر فاحرصي أن تختمي حياتك بالتوبة والإنابة والعمل الصالح.
• من الأدعية التي علمنا إياها القرآن العظيم؛ {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً}. ألم يأنِ لك يا دكتورة أن تبرزي آثار تربية والدك الإسلامية الإيمانية، وفاءً له وبراً به، ووالله لقد كان أخوك أبو أيمن - حفظه الله - يحدثنا في الخمسينات عن والديكما العجب العجاب، فكنا نرى في سيرة أبي أيمن أثر تربية هذا الوالد العظيم، وكنا نردد معه (ومن يشابه أَبَهُ فما ظلم). معقول يا دكتورة نجاح أن تتجاوزي - حتى في هذا العمر- ما ربّاك عليه والدك من مُثل إيمانية، وقيم روحية، وأفكار إسلامية، وسلوك طهور.
•هل خدعك المنصب فنسيتِ ربكِ وقيمكِ ومُثُلكِ؟ هل أسكرك الكرسي عن الاستعداد للآخرة ولقاء العزيز الجبار؟ هل أعماك النفاق وحب المنصب، فلم تعودي تذكرين شيئاً من ماضيك الذي حدثنا عنه شيخنا الطنطاوي بأسلوبه الفريد في التصوير والتشويق.
• هل تعتقدين أن المناصب التي أُسنِدت إليك في هرم السلطة، اعتباراً وتقديراً لجدارتك أم لاعتبارات أخرى؟ لا بدّ أن تدركي بذكائك المعروف سر هذا الاختيار. ولقد تذكرين لقاءك الأول مع الثعلب الخبيث الماكر حافظ أسد، وقد بلغه عنك مديحك له، وثناؤك عليه، وهو صياد ماهر، فالتقاك... ثم اشترى لسانك، وأسند إليك منصب وزيرة الثقافة، لكنه بالتأكيد قصد أموراً أخرى، لا تغيب عن ذكائك، إنّك من عائلة دمشقية سنية مرموقة، وأنك أخت زعيم سورية عصام العطار، المراقب العام السابق للإخوان المسلمين، وأبرز المعارضين للنظام البعثي الطائفي الديكتاتوري الذي تخدمينه أنت اليوم أو تمثلينه.
•لا أدري أين هي عاطفتك تجاه أخيك الودود الوحيد الذي استهدفه القاتل حافظ أسد بمحاولة اغتياله، فلما لم يظفر به الجناة، قتلوا زوجته (أم أيمن) بنان بنت الشيخ علي الطنطاوي في عملية جبانة غادرة؟! أنت تعلمين كم كان أخوك محباً ووفياً لزوجه أم أيمن؟ وكم بكاها؟ وكم حزن على فقدها؟ منذ ثلاثين سنة يعيش الأستاذ عصام بدون زوجة، رغم شيخوخته وغربته وحاجته، وذلك وفاءً لزوجته الداعية أم أيمن التي كانت خير شريك وخير زوجة. وأنا أعلم كم عُرض عليه من النساء ليتزوج واحدة منهن، لكن وفاؤه لأم أيمن منعه، فما من امرأة في نظره يمكن أن تحل في حياته وفي قلبه محل أم أيمن، وأنا أعلم أيضاً أن أحد الإخوة المحبين سافر إلى ألمانيا بصحبة ابنته، رغبة في مصاهرة أبي أيمن، لكنّ الزوج الوفي الودود عصاماً اعتذر بأدبه المعروف وخلقه الكريم.
• تُرى هل استشعرتِ يا دكتورة نجاح الآلام التي ألمّت بأخيك، والحرمان الذي عاناه وهو في ديار الغربة؟ هل تساءلت في نفسك: لماذا استهدف الطغاة الجناة أخاكِ الداعية الأعزل المهاجر؟! ثم لماذا استهدفوا شقيقة روحه، وشريكة دربه أم أيمن؟! أم أن بريق الوزارة، وحب الوصول، وخلق الانتهازية، قد أبعدك عن كل هذه المشاعر الوجدانية، والعواطف الأخوية، والذكريات الأسرية؟!!!
•والدك يا دكتورة نجاح كان من أبرز القضاة في عصره، وكان رئيس محكمة الجنايات الذي يحاكم القتلة والمجرمين، بحكم القانون، لا بقانون الطوارئ، ولا بقانون العار /48/ ولا بالمحاكم الاستثنائية والعسكرية التي تنطق بحكم الإعدام في دقيقة واحدة دون أي حق للمتهم في الدفاع أو في الاستئناف، ودون محام أو وكيل!! هلا سألتِ سيدك (حافظ الأسد): بأي قانون، وبأي شرع، حكم بالإعدام على مئات الألوف من المواطنين لمجرد أنهم خالفوه الرأي، وانتسبوا لجماعة الإخوان المسلمين.
أنت وزيرة ثقافة سورية لمدة خمس وعشرين سنة، وابنة قاض قانوني، ومثقفة بالثقافة البريطانية الديمقراطية، كيف استسغت هذا القانون الظالم الجائر؟ وهل سمعتِ في تاريخ العالم مثل هذا القانون؟!! وليتَ الأمر اقتصر على ذلك، بل شمل الزوجة والأولاد، وكل من له أي درجة قرابة مع هذا المعارض الفكري؟! هل تحرك ضميرك ذات يوم ألماً على مئات الألوف من المهجرين في أنحاء العالم، لا لجرم اقترفوه، أو ذنب ارتكبوه، بل لأنهم من ذوي المطلوبين بمقتضى قانون العار /49/ كيف ارتضيتِ يا دكتورة نجاح أن يُحكَمَ شعبك وبلدك بالحديد والنار، والمباحث والمخابرات، وقانون الطوارئ لمدة نصف قرن، ولا يزال سارياً حتى اليوم فعلياً، أم أن بريق المنصب، والأنانية المفرطة جعلاك لا تحسين بآلام شعبك، ولا ترين المظالم والمجازر والفواجع التي يمارسها أشرار الناس وسفهاؤهم من رجال الأمن، يتحكمون في رقاب الناس وأرزاقهم وكراماتهم وحرياتهم، لكن يبدو أن كل ذلك لم يكن يعنيك في شيء!! طالما أن كرسي المنصب دافئ تحتك! مضمون الدوام لك! والحرس يتقدمون بين يديك، والمال الحرام ينساب بين يديك، وبسمات الطاغية تنهال عليك.
•حذار.. حذار! يا سعادة الدكتورة النائبة! أن تتبرئي من المسؤولية، فأنت شريكة في كل جرائم النظام، وكل ممارساته الوحشية، وكل الآثار التي خلفها حكمه البغيض، وذلك لثلاثة أسباب:
أ-  أنت شريكة في الحكم والمسؤولية والقرار في أعلى مستوى، وخلال 36 سنة حتى الآن: 25 سنة في الوزارة، و11 سنة في سدّة الرئاسة. فكل القرارات الظالمة الجائرة التي اتخذَتْها مجالس الوزراء وشاركتِ فيها، أنت مسؤولة عنها وشريكة فيها. وسيأتي اليوم –إن شاء الله- الذي ستحاسبين فيه، كما قضت العدالة بمحاكمة حسني مبارك، وهو قريب من التسعين.
ب-  لقد كنتِ المشجعة والمؤيدة والمنافقة بلسانك الذرب، وخطبك العصماء، وأنت تصرحين، وتكتبين الكتب، وتدبجين المقالات، تأييداً للطاغية حافظ وولده بشار، وحكمهما الظالم المتوحش... هل من المعقول وقد بلغتِ من الكبَر عتيّاً أن تصرحي كذباً أن 99% من الشعب السوري يؤيدون الرئيس بشاراً؟ هل عميتِ عن تلك المظاهرات الصاخبة التي عمّت سورية من أقصاها إلى أقصاها، بمدنها وأريافها، ومنذ خمسة شهور، كل هؤلاء يا دكتورة يمثلون في نظرك الكليل 1% فقط من الشعب السوري. يا له من كذب وقح؟! ويا له من تزييف مفضوح؟! وصدق الله القائل: {إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
ثقي يا دكتورة أنني أشفق عليك لاعتبارات عديدة سبق الإشارة إليها، نعم.. أشفق عليك أن تكوني قد انقلبت إلى أرذل العمر، وأن تكوني قد انضممت إلى جوقة الإعلام السوري الكذّاب، والمشهور بذلك عالمياً.
‌ج-  ثم أنت تتحملين مسؤولية ثقافة الفساد والميوعة والانحلال... وما ترتب على ذلك من انتشار ثقافة اللامبالاة واللامسؤولية، والرضى بالظلم والقهر، والسكوت على الضيم. أسألكِ وأنتِ المثقفة بنت دمشق، متى كان شعبنا السوريّ يسكت على الظلم والضيم، ويرضى بالذلّ والهوان، ويعيش على الخوف والجبن، لا يأمن على عرض، ولا على كرامة، ولا على مال، استمر الحال على ذلك نصف قرن.
وفي ظل قانون الطوارئ، وعصابات الأمن، كان كل شيء مستباحاً، وكل حرمة مهدورة، لا يملك المواطن أن يرفع صوته، ولا يجرؤ أن يشكو أمره، بل لا يملك أن يرفع دعوى أمام القضاء، لأن عصابات الأمن تملك كل أمره، وقد أعطاها سادتك صمام الأمان من أي مسؤولية، كما أعطوها الحصانة من أي مساءلة عمّا يرتكبونه من مظالم وجرائم وانتهاكات، حتى ولو خالفوا القانون والدستور لا لشيء... وإنما لأنهم فوق القانون، وفوق الدستور، وفوق العدالة، وفوق المؤسسات، وفوق الشعب كله، طالما أنهم حماة الطاغوت، وحراس النظام، وأدوات البطش المتوحش والذي يحاول تركيع هذا الشعب وإذلاله، لكن.. هيهات.. هيهات.
أجيبيني يا سعادة النائبة: هل كان هكذا شعبنا السوري في تاريخه؟ لقد عاصرتِ مقاومته للاستعمار الفرنسي وبطولاته وتضحياته، حتى لقد قيل أنك شاركت يومها في المظاهرات ومقاومة الاستعمار، فلماذا تغيرت الآن؟!

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع