دندنة شامية
تصدير المادة
المشاهدات : 7489
شـــــارك المادة
أمَّا عَمرو.. فعَمرو بن مَعد يَكرِب الزُّبيدي - رضي الله عنه -.. الصحابي الفارس.. وأمَّا البابان، فلأنَّ المسجدَ الذي يضمُّ ضريحَه له بابان.. وأما حذفُ النون فللإضافة.. ففي حالِ الرفع: "بابا عمرو"، وفي حالِ النصبِ والجر: "بابي عمرو".. وفي حال البلاء.. فصبرٌ وكرامةٌ وبذلٌ وشهادة..
إلى الجنوب الغربي من حمص العدية يقع حينا المجاهد. ويشكل مع أحياء جورة العرايس والسلطانية وجوبر والتوزيع الإجباري ما يقرب من 12 كلم مربع، يقطنها مائة ألف، تحسبهم جسداً واحداً عرباً وكرداً وتركماناً. ولأهله طيب وسماحة وكرم، وهم كأهل حمص عامة خفيفي الظل. أما الشجاعة والإقدام فمتجذران فيهم تجذر ضريح عمرو. في بابا عمرو بساتين ومزارع، وتلٌ يقصده الناس، وطاحونة قديمة، ومسجد "بابا عمرو" حيث يستريح عمرو بين الأبطال، بعد أن صال وجال. ومن مساجده الأنوار والجوري وعبد القادر الجيلاني. تطل من شماله الإنشاءات، ومن الشرق المدينة الجامعية والسكن الشبابي، ومن الجنوب الشرقي حي العائدين، وفي الجنوب تل الشور، ومن الغرب تمتد بساتين وحقول الحي وصولاً إلى العاصي. مع انتهاء صلاة جمعة "الكرامة" 18-3-2011م، ثار أحفاد خالد بن الوليد من مسجد جدهم في الخالدية، وبعد ثلاثة أسابيع تبعهم إخوتهم في بابا عمرو في جمعة "الصمود" 8-4-2011م، ومن جامع الجيلاني انطلقت صيحات "الله أكبر" وانتفض الأبطال، وكذلك ثار الأحرار من مسجدي الأنوار والجوري وغيرهما. وارتقى يومها "نايف العمر" أول شهيد في بابا عمرو، ثم تبعه مئات من الرجال والنساء والأطفال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومنهم الشهيد "عبد الوكيل البويضاني" أول من صدح بالتكبير في أول مظاهرة من الجيلاني، واستشهد لاحقاً ابن أخيه خالد وعمه أبو هاشم. ومن الشهداء "محمد الشيخ" بلبل الثورة في بابا عمرو، و"عبد الله الغنطاوي"، وأبناء عمه الأخوان محمود وإبراهيم. ومن يومها، لم يهدأ بابا عمرو وظل شعلة الثورة المتقدة. وتوزع الشباب الأدوار، فخطوا عبارات الثورة على الجدران واللافتات، وأحرقوا صور بشار وأبيه، ورفعوا علم الاستقلال. ثم أنشؤوا فرقاً متخصصة، كالفريق الإعلامي الذي يوثق بالصوت والصورة وبجودة عالية كل أحداث الثورة، وكذلك أسماء الشهداء والمعتقلين. وزودوا وسائل الإعلام ببث مباشر للمظاهرات وتشييع الشهداء، وتعاونوا مع الإعلاميين الأجانب في تسجيل المقابلات وإعداد التقارير. وأنشؤوا صفحات الفيسبوك لنقل أخبارهم الآنية إلى كل العالم. ومنهم الفريق الإغاثي الذي أحصى المتضررين من قمع النظام، ووزع المساعدات عليهم. كما قاموا بإنشاء المستشفيات الميدانية ورفدها بالمستلزمات الطبية. أرسل الباغي جنوده لتجتاج بابا عمرو أكثر من سبع مرات، بدباباتهم ومروحياتهم. منذ جمعة "التحدي" 6-5-2011م وحتى الآن. وفي كل مرة، كانت عصابات النظام تستبيح بيوت الآمنين سلباً ونهباً، وخطفاً وقتلاً. وحتى أنهم اعتدوا على بيوت الله ودنسوها. ونشروا قناصتهم على الأسطح ليقنصوا كل ما يتحرك أمامهم. قطعوا أوصال بابا عمرو بثلاثين حاجزاً، داخل الحي وعلى أطرافه، تطلق النار على الناس وتعتقلهم، فنزح الكثير من الأهلي إلى مناطق أخرى هرباً من اعتداءاتهم. ورغم كل أسلحتهم وقوتهم كانوا يرتعدون خوفاً عند سماع صيحات "الله أكبر" تخرج من بيوت بابا عمرو.. في 5-2-2012م بدأ الجيش الأسدي الغادر قصف بابا عمرو بالمدفعية والهاون، قصفاً متواصلاً وحشياً لم يهدأ حتى اللحظة، فتدمرت معظم منازل وأبنية بابا عمرو كلياً أو جزئياً، وارتقى أكثر من 550 شهيداً منهم العديد من النساء والأطفال، وجرح المئات مع شُحٍّ كبير بالمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجه. طال القصف المستشفى الميداني ومساجد الجوري والأنوار والجيلاني والعباس فتدمرت المنازل حولها، والحارات حول ملعب الباسل، وبعض المدارس منها: "باحثة البادية"، و"عائشة أم المؤمنين". وما يزال الحي الصابر محاصراً من حواجز: جسر جامعة البعث، المؤسسة الاستهلاكية، السلطانية، ملعب الباسل، مما زاد معاناة أهالي بابا عمرو حيث لا ماء ولا كهرباء ولا وقود ولا اتصالات. استشهد في هذا العدوان البربري نشطاء الإعلام الذي وضعوا أرواحهم على أكفهم لإيصال الحقيقة للعالم ومنهم رامي أحمد السيد، وأنس الطرشة وطارق الأسود وغيرهم -رحمهم الله-، كما قُتلت الصحفية الأمريكية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك وجرح غيرهم. أما قصصُ البطولة والشجاعة ودفعُ الأمهات أولادهن للمشاركة بالمظاهرات وفخرهن باستشهاد أبنائهن فكثيرة، وإنك لتعجب من صبرهم وتضحيتهم.
عابدة فضيل المؤيد العظم
عبد العظيم عرنوس
مركز وذكر
الهيئة العامّة للعلماء المسلمين في سوريَّا ورابطة العلماء السوريين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة