الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3155
شـــــارك المادة
عمق الإعلان عن تشكيل «مجلس أمناء الثورة السورية» في القاهرة، وبدء المشاورات لتشكيل حكومة انتقالية برئاسة المعارض السوري هيثم المالح، الخلاف بين أطراف المعارضة السورية، وقوبلت هذه الخطوة باعتراض صريح من المجلس الوطني السوري، الذي رأى أنه «من المعيب التسابق على الحكومات في الوقت الذي يخوض فيه الثوار معركة طاحنة في حلب وفي كل الأراضي السورية». وبهجوم عنيف عليها من الجيش السوري الحر، وصف أصحاب هذا المشروع بأنهم «انتهازيون يسعون لتقسيم المعارضة والاستفادة من المكاسب التي حققها مقاتلوها».
ورأى الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، برهان غليون، أنه «من المعيب في الفترة التي يخوض فيها الثوار على الأرض معارك طاحنة في حلب وغيرها من المدن السورية، أن نتسابق على تشكيل الحكومات». وأبدى غليون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أسفه لأن «يقدم المناضل هيثم المالح على هذه المبادرة المنفردة، من دون الاتصال بشخصيات كبيرة في المعارضة». وقال: «هذا عمل سيئ لوحدة المعارضة وللثورة السورية، ولن يخرج منها سوى التشويش على الثورة والثوار، لا يجوز الانفراد بهكذا قرار من دون التشاور مع الثورة وباقي الشخصيات البارزة في المعارضة». واعترف غليون بأن المجلس الوطني «ارتكب خطأ من خلال الإدلاء بعدة تصريحات عن تشكيل حكومة». وأبدى اعتقاده أن «الحكومة لا تشكل على وسائل الإعلام في ظل الحرب الدموية ومئات القتلى الذين يسقطون يوميا في حلب وعلى كل الأراضي السورية، ولا يوجد حد أدنى من المسؤولية في تشكيل حكومة على الإعلام؛ لأنها ستخلق خلافا وانقساما، ومن قام بذلك وقع في فخ تحويل الأجندة كلها من تحرير المدن السورية من هذا النظام إلى حكومة انتقالية، وجعل من الصراع في المعارضة احتمالا أكبر من تفاهمها على المرحلة الانتقالية، وأظهرت بعض أطراف المعارضة عدم مسؤولية في التعاطي مع الثورة». ودعا غليون «جميع أطراف المعارضة إلى المسارعة للاجتماع والاتفاق على قرار بإجراء مشاورات سرية بين الشخصيات والقوى المعارضة، للتنادي والخروج من مأزق التسابق على الحكومات».
أما عضو المجلس الوطني السوري، محمد سرميني، فأوضح أن «كل أطراف المعارضة مع تشكيل حكومة انتقالية كضرورة لإدارة المرحلة المقبلة، ولكن ليس بهذه الطريقة». وأكد سرميني لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضرورة لحكومة تكون قادرة على إدارة المرحلة المقبلة، إنما ضمن تنسيق وترتيب ومشاورات على مستوى كل المعارضة ومع الثوار والجيش السوري الحر، لكن الأهم من كل ذلك في هذه المرحلة هو العمل الجاد وتضافر الجهود من أجل دعم الجيش الحر لاستكمال معركة حلب»، مشيرا إلى أن «المجلس الوطني يخطط الآن للعودة إلى داخل سوريا، ليس للزيارة وإنما للإقامة وترتيب أمور المناطق المحررة، وأن تؤلف الحكومة الانتقالية في الداخل السوري وليس في الخارج»، لافتا إلى أنه «جرى توفير الطرق الآمنة لهذا الموضوع للدخول إلى سوريا والإقامة هناك بشكل دائم».
وردا على سؤال عما إذا كان لدى المجلس الوطني علم بأن بعض الدول تقف وراء تشكيل «مجلس أمناء الثورة السورية» في القاهرة، والشخصيات التي يتألف منها، والبدء بمشاورات لتشكيل حكومة انتقالية، أوضح أن «هناك أسماء محترمة داخل هذا المجلس، مثل نواف بشير ومحمود غنيم، كما أن شائعات ترددت عن وقوف دول خليجية وراء هذا الاجتماع تبين أنها غير دقيقة». بدوره هاجم قائد الجيش السوري الحر، العقيد رياض الأسعد، تشكيل «مجلس أمناء الثورة السورية» برئاسة هيثم المالح، الذي يخطط لإقامة حكومة انتقالية، واصفا قادته بأنهم «انتهازيون يسعون لتقسيم المعارضة والاستفادة من المكاسب التي حققها مقاتلوها». وقال الأسعد في تصريح له: «إن السياسيين الذين شكلوا الائتلاف الجديد أصابتهم حمى التسلق على الفرص واغتنام المناصب.. الأمر دعاهم إلى أن يعلنوا إنشاء وتأسيس حكومة انتقالية في محاولة صريحة وواضحة لركوب ثورتنا والاتجار بدماء شهدائنا». وأضاف: «لكنهم في الواقع يحاولون إعادة إحياء نظام الأسد الساقط، في اتخاذ قرار من دون الرجوع إلى الشعب الذي بذل الدم والدموع، لكي يحصل على استقلاله من عصابة الأسد المجرمة». وختم العقيد الأسعد: «إن الإعلان عن خطط لتشكيل حكومة انتقالية يهدف بشكل رئيسي إلى إرضاء الخارج وضرب الداخل بعضه بالبعض الآخر، وتفكيك يد الشعب الضاربة والمتمثلة في الجيش السوري الحر».
أما رئيس «مجلس أمناء الثورة السورية»، هيثم المالح، فرد على الانتقادات التي وجهت إليه على خلفية مشروع تشكيل الحكومة الانتقالية، فرأى أن «الآخرين يريدون أن يكونوا هم الزعماء ولا دور لأحد غيرهم». وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام اتصلت بالدكتور برهان غليون، وأبلغته بمسألة البحث بتشكيل حكومة انتقالية، واستغرب نقمة المجلس الوطني على هذه المبادرة، علما بأن المجلس أعلن أن فرنسا طلبت منه تشكيل حكومة، كما أن الداخل السوري يريد هكذا حكومة». وأضاف: «نحن كهيئة سياسية خرجنا من سوريا على أثر الثورة، وأنا من وجهة نظري طرحت فكرة أن تكون الحكومة بعيدة عن التجاذبات السياسية وتتمتع بحرية حركة، لأنها إذا كانت ترتبط بأحزاب فلن يكون لديها حرية التحرك، ولأنهم في المجلس الوطني يدارون من الخارج جاءت فكرتنا بتأليف حكومة تكنوقراط، فإذا طرحنا هذه الفكرة فهل نكون كفرنا؟ نحن أدلينا بدلونا وقلنا إننا بدأنا مشاوراتنا لتشكيل هذه الحكومة، بعكس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الذي أقصى الآخرين منذ تشكيله وبات يستأثر بكل شيء». وردا على سؤال عما إذا كان اجتماع مجلس الأمناء الذي انعقد في القاهرة (أول من أمس) جرى برعاية إحدى الدول العربية، أجاب المالح: «اجتماعنا نابع من قناعاتنا ولم يشرف عليه أحد، نحن سوريون ولا ننتمي إلى تنظيمات أخرى، والأشخاص الذين اجتمعوا يحملون شهادات عليا بالعلوم السياسية والدراسات»، مؤكدا أن «هناك قرارا اتخذ لفتح مكاتب في القاهرة وكل العواصم العربية من أجل تنظيم عمل المعارضة السورية على الساحة العربية والدفاع عن وجهة نظرنا وتمثيلنا في الخارج، وعندما يسقط النظام فسنعود فورا إلى سوريا».
ويبدو أن المؤتمر الصحافي والإعلان الذي قام به المالح والمجموعة المرتبطة به جاء على هامش اجتماع عقده فرع الدوحة لمركز بروكينغز الأميركي في القاهرة أول من أمس، وحضرته شخصيات معارضة سورية وشخصيات دولية، بمن فيها السفير الأميركي المخول التعامل مع الملف السوري، روبرت فورد، والمسؤول البريطاني المخول التعامل مع المعارضة السورية، جون ويلكس. وقالت مسؤولة في المكتب الإعلامي لمعهد «بروكينغز» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع هو مواصلة لسلسلة مركز الدوحة لورش العمل حول سوريا التي تجمع بين جهات عدة من المعارضة السورية وبين ممثلين دوليين». وأضافت: «الهدف من ورشة العمل هي دعم التفاعل الأفضل بين تلك الجماعات والمجتمع الدولي والإقليمي الأوسع».
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «مثلما حدث في اجتماع القاهرة السابق، فإن السفير فورد هناك ليدعم جهود المعارضة في دفع خططهم حول الانتقال الآتي لا محالة». وأضاف: «لديهم خطة انتقال ونحن نشجعهم على الترويج لها داخل سوريا وفي المجتمع الدولي».
أسرة التحرير
الجزيرة نت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة