الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 2978
شـــــارك المادة
بدت تصريحات المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية تحاول بث الطمأنة والتأكيد على تقدم طفيف في الأوضاع بسوريا، بينما خرجت تصريحات من البيت الأبيض ووزيرة الخارجية الأميركية تشكك في قدرة خطة أنان على النجاح والحاجة إلى البحث عن نهج جديد للتعامل مع الأزمة في سوريا يتضمن العمل داخل مجلس الأمن وخارجه من خلال «مجموعة أصدقاء سوريا».
ففي جنيف قال أحمد فوزي المتحدث باسم كوفي أنان للصحافيين أمس «إن هناك مؤشرات على أرض الواقع تفيد بإحراز تقدم، ولو أنها بطيئة وطفيفة، وهناك أيضا مؤشرات ميدانية لا ترونها، وعملية الوساطة بطبيعتها تجري بعيدا عن الأضواء». وأضاف فوزي «خطة أنان تسير على الطريق، ولا يمكن حل أزمة بدأت قبل أكثر من عام في يوم أو أسبوع، فالأمر يتطلب مزيدا من الوقت لجمع كل الخيوط، وتأكدوا من أنه سيتم جمعها».
ورغم التقارير التي تتحدث عن انتهاكات لوقف إطلاق النار قال فوزي للصحافيين «أتفق معكم أنه لا توجد مؤشرات كبيرة على الالتزام على أرض الواقع، لكن هناك مؤشرات صغيرة على الالتزام وقد تم سحب بعض الأسلحة الثقيلة وبقيت بعضها، وتراجعت بعض أعمال العنف وما زال هناك بعض العنف، ولا أقول إن هذا أمر مرض»، واستطرد «حتى في الأيام التي نشعر فيها بتقدم فهو تقدم يقاس بالبوصة وليس بالكيلومترات، في هذه الأيام نشعر بالذعر لحجم العنف الذي نراه على الأرض».
ولاقى إعلان المتحدث باسم موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، غضب المعارضة السورية، التي أعادت التأكيد أمس على أن «المجتمع الدولي يجيز للنظام السوري عملية قتل المدنيين».
وقال المعارض السوري كمال اللبواني لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «عندما يقدم المجتمع الدولي المبادرات للنظام السوري، فهو يعطيه إجازة بالقتل، وعندما لا يلتزم النظام بتنفيذ مضمونها، يعاقبونه بمبادرة جديدة، أي بإجازة جديدة للقتل»، معربا عن اعتقاده بأن «كل المبادرات والجهود الدولية ليست إلا محاولات لإطالة أمد الأزمة السورية، كما لو أن هناك مؤامرة على الشعب السوري لقتله».
وسأل اللبواني عن «سبب كل هذا الحقد ضد سوريا وشعبها»، وأضاف: «هل يريدون تدمير البلد وإدخاله في الحرب الأهلية بعد قتل أكبر عدد ممكن من السوريين؟!»، مبديا تخوفه من «مخطط لتدمير سوريا وتقسيمها، تشترك فيه كل من إيران وإسرائيل وتركيا». وأكد أنه والشعب السوري «قد قرفنا من كل هذه المبادرات والتصريحات ومن هؤلاء المراقبين غير المخلصين لمبادئهم والمهام الموكلة إليهم».
وسأل اللبواني: «هل بات الشعب السوري رقما، وانخفاض عدد القتلى من مائة إلى خمسين يعني أن ثمة إحراز تقدم؟!»، لافتا إلى أن «سوريا تسير نحو الفوضى لسنوات». وتابع: «أعتقد أن كل هذه الجهود لن تثمر وسوريا ستذهب نحو الحرب الأهلية وستتشرذم قوى المعارضة أكثر»، متوقعا أن «تدفع كل دول الجوار المتآمرة ضد سوريا الثمن باهظا، بينما سنقاتل هذا النظام حتى يتحرر البلد من التدخل الأجنبي».
تجدر الإشارة إلى أنه من المقرر أن يطلع أنان مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء المقبل على تطورات الوضع في سوريا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف. وكانت الولايات المتحدة قد أعربت منذ أيام عن أنه «قد يكون هناك حاجة لنهج جديد إذا فشلت خطة أنان التي تدعمها الأمم المتحدة»، متهمة الرئيس السوري بشار الأسد بعدم بذل «أي جهد» حتى الآن لتنفيذ خطة أنان.
من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الجمعة من العاصمة الصينية بكين، أنه إذا لم تلتزم الحكومة السورية بوقف إطلاق النار فيجب على الأمم المتحدة التفكير في استصدار قرارات أخرى.
واستنكر الناشط السوري رضوان زيادة وصف تنفيذ خطة كوفي أنان بأنها تسير على الطريق الصحيح، وقال «لا أفهم كيف يصف المتحدث باسم كوفي أنان الوضع الحالي بأن الخطة تسير على الطريق الصحيح، فهل يتحدث عن نقص عدد الشهداء الذين يستشهدون يوميا من 150 شهيدا إلى 30 شهيدا باعتباره على الطريق الصحيح؟!.. ربما! لكن هذا لا يعني أن أرواحا بريئة تزهق كل يوم، وهذا تصريح غير مسؤول ولا يطابق الحقائق، خاصة أن الأسد أظهر أنه ليس لدية أي نية للالتزام بالخطة وازداد شراسة في قمعه، وهجومه على جامعة حلب خير مثال».
وأضاف زيادة «بعد أكثر من أسبوعين من قرار الأمم المتحدة، ما زلنا نتحدث عن البند الأول من الخطة وهو وقف إطلاق النار ولم يتم تنفيذ أي بنود أخرى تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين أو السماح بالمظاهرات السلمية». وأكد أنه «من المستحيل إعطاء نظام الأسد مهلة 90 يوما حتى نقرر إذا كانت خطة أنان قد نجحت أم فشلت، ويجب أن يكون هناك إعادة نظر في هذه الخطة وأن يقرر مجلس الأمن التوجه باستخدام الفصل السابع».
وأوضح زيادة أنه في حالة واجه مجلس الأمن اعتراضات روسية فإن البدائل المطروحة هي قيام كل من الولايات المتحدة وفرنسا، إضافة إلى مجموعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة بقيادة المغرب بفرض مناطق آمنة في سوريا وعدم انتظار قرارات من مجلس الأمن.
وأشار دبلوماسيون غربيون في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك قدرا كبيرا من الإحباط والقلق بسبب استمرار أعمال العنف والقتل رغم وقف إطلاق النار في سوريا، واعتبروه أمرا قد يدفع المجتمع الدولي للتفكير في احتمالات أخرى لحل الأزمة في سوريا.
ورفض الدبلوماسيون توضيح الاحتمالات الأخرى وأشاروا إلى أن من بينها العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول لمجلس الأمن فرض عقوبات أو يسمح للأسلوب العسكري بفرض إرادته. وأوضح الدبلوماسيون أن التركيز في داخل أروقة مجلس الأمن حاليا هو على إقناع كل من روسيا والصين بالحاجة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات أقوى لإجبار نظام الرئيس بشار الأسد على التوقف عن قتل معارضيه والمدنيين. وأشار الدبلوماسيون إلى ما أوضحته مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، أنه لن يتم تمديد مهلة الـ90 يوما للمراقبين، لذا لم يف الأسد بالتزاماته.
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض عن الحاجة إلى نهج جديد إذا فشلت خطة أنان، متهما النظام السوري بعدم بذل أي جهد للالتزام بخطة السلام. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض أول من أمس «ما زلنا نراهن على نجاح خطة أنان وندعمها بجميع الوسائل، لكن إذا واصل النظام السوري تعنته، فسيتوجب على المجتمع الدولي حينئذ أن يعترف بالهزيمة وأن يبدأ العمل جديا للتعامل مع التهديد الخطير للسلم والاستقرار الذي يمثله نظام الأسد». وأضاف كارني «هذا العمل يجب أن يجري في مجلس الأمن، وإذا اقتضت الضرورة فستتعامل واشنطن مع شركائها خارج مجلس الأمن، على سبيل المثال (مجموعة أصدقاء سوريا) أو مع الدول الأخرى التي تدعم الشعب السوري».
وقال كارني «هناك حاجة ماسة في سوريا لتحقيق الانتقال السياسي، ونحن نأمل أن تنجح خطة أنان لكننا ما زلنا – اعتمادا على الأدلة المتوفرة - نشك في رغبة الأسد في التجاوب مع شروط الخطة، لأنه فشل في الالتزام بها حتى الآن».
وأدان كارني الهجوم على الطلبة المحتجين في جامعة حلب مما أدى إلى سقوط سبعة قتلى واعتقال 200 طالب، وقال «هذا النوع من الأعمال الذي بات شائعا اليوم، يظهر بوضوح عدم شرعية هذا النظام ويشير إلى الحاجة الماسة لتحقيق انتقال سياسي». وأشار إلى مواصلة الإدارة الأميركية المشاورات والتنسيق مع روسيا للوصول إلى تسوية في سوريا. وأكد أن واشنطن ستتجه إلى إجراء مفاوضات جديدة في مجلس الأمن إذا فشلت خطة أنان.
وقال دبلوماسي بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من العنف فإن المجتمع الدولي لا يزال يرى في خطة كوفي أنان فرصة أخيرة لمنع وقوع سوريا في حرب أهلية، وعدد من الدول الغربية لا يرغب في التدخل عسكريا». وأكد الدبلوماسي البريطاني أن «تسليح المعارضة السورية فكرة مرفوضة لأن وقوع أسلحة متطورة في يد المتمردين لن يؤدي إلا إلى مزيد من سفك الدماء، وليس تغييرا في موازين القوة العسكرية». وأضاف «يجب التعامل مع بعثة المراقبين على أنها هناك للحد من الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، ونأمل أنه بمرور الوقت ستخلق نافذة أفضل للتفاوض بين الحكومة والمعارضة».
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن فرنسا تعتبر أن سوريا تستمر في عدم احترام تعهداتها وتواصل عمليات القمع في البلاد، ودعت الأمم المتحدة إلى تسريع الانتشار الكامل للمراقبين.
وأكد المتحدث باسم الوزارة فنسان فلورياني أن «فرنسا تدين بشدة قتل أربعة طلاب أمس في حلب، وكذلك جميع أعمال العنف التي قامت بها قوات الأمن السورية ضد طلاب في هذه المدينة، إضافة إلى الاعتقالات الكثيرة التي رافقتها».
وأضاف: «نلاحظ من جديد أن دمشق لا تحترم تعهداتها وتواصل القمع. وتطالب فرنسا من جديد بالتطبيق الفوري والكامل للبنود الواردة في خطة النقاط الست للمبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان».
وفي اتصال هاتفي، أول من أمس، كرر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه للوسيط الدولي كوفي أنان التأكيد على «أهمية الانتشار الكامل للمراقبين على أن لا يعوق أي شيء حرية تحركهم».
أسرة التحرير
نور سورية بالتعاون مع المكتب الإعلامي لهيئة الشام الإسلامية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة